انتشار الأفاعي والعقارب يهدد عودة الأهالي إلى قراهم جنوب إدلب

27 ابريل 2025
يعاني الأهالي في مخيمات إدلب شح الموارد، 27 مارس 2025 (عز الدين قاسم/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- سكان ريف إدلب الجنوبي العائدون يواجهون تحديات انتشار الأفاعي والعقارب في المنازل والحدائق، مما يشكل تهديداً لحياتهم وسلامة أطفالهم، مع جهود فردية غير كافية لمواجهة المشكلة.
- المزارعون يواجهون خطراً في الحقول بسبب الأفاعي، بينما تعاني المنازل من العقارب، مع نقص في المصل المضاد للسموم وغياب حملات الرش، مما يستدعي دعماً أكبر لمكافحة فعالة.
- تزايد لدغات الأفاعي والعقارب يتطلب تحرك المنظمات الصحية والدفاع المدني، في ظل ضعف البنية التحتية، لتأمين السلامة العامة في القرى العائدة.

بعد سنوات من التهجير القسري والنزوح الجماعي بفعل العمليات العسكرية في سورية، بدأ العديد من أهالي قرى وبلدات ريف إدلب الجنوبي بالعودة إلى منازلهم وأراضيهم المدمرة، إلا أن عودتهم اصطدمت بتحديات جديدة لم تكن في حسبانهم، أبرزها الانتشار الكبير للأفاعي والعقارب، التي وجدت في المنازل المهجورة والحدائق والأراضي المتروكة ملاذاً آمناً طوال سنوات الغياب، ما بات يشكل تهديداً يومياً لحياتهم وسلامة أطفالهم.

يقول محمد القدور من سكان بلدة كفرسجنة بريف إدلب الجنوبي، لـ"العربي الجديد": "منذ عودتنا إلى البلدة، لاحظنا انتشاراً كبيراً للأفاعي والعقارب، خاصة في المنازل المهجورة والحدائق، حيث تحولت إلى ملاجئ طبيعية لها بسبب طول فترة الهجران، بتنا نخشى ترك الأطفال يخرجون بمفردهم خوفاً من التعرض للدغات". ويضيف القدور "كثير من الجيران تحدثوا عن تعرضهم أو أطفالهم للدغات أفاعٍ وعقارب، في بعض الحالات تمكنا من الإسعاف السريع، لكن في حالات أخرى لم نستطع التصرف بسبب بعدنا عن المراكز الطبية، واضطررنا إلى التعامل بطرق تقليدية، نحاول تنظيف محيط المنازل وحرق الأعشاب اليابسة، لكن المشكلة أكبر من جهود فردية".

الصورة
انتشار الأفاعي في قرى جنوب إدلب، سورية، 27 أبريل 2025 (العربي الجديد)
انتشار الأفاعي في قرى جنوب إدلب، سورية، 27 أبريل 2025 (العربي الجديد)

أما خالد الحاج برهوم، شاب من بلدة معرة حرمة، يروي بدوره "رأينا أفاعي كبيرة في الأراضي الزراعية وحول خزانات المياه، نتيجة توقف الزراعة وإهمال الأراضي لفترة طويلة، وجودها يشكل خطراً حقيقياً، خصوصاً للمزارعين العائدين للعمل في حقولهم". ويوضح في حديثه لـ"العربي الجديد": "العقارب منتشرة حتى داخل المنازل، نجدها أحياناً في الأحذية القديمة، تحت الفرش، وفي الزوايا المظلمة، بعض الأطفال تعرضوا للدغات، وما زلنا نعاني نقصاً حاداً في المصل المضاد للسموم بالمشافي القريبة". مشيراً إلى أن غياب حملات الرش ومكافحة الحشرات والزواحف ساهم في تفاقم الظاهرة، مضيفاً:"نحاول التوعية بين الأهالي، لكننا بحاجة إلى دعم أكبر لتأمين مستلزمات مكافحة فعالة".

من ناحيته، يروي رامي السيد، مزارع من بلدة حيش لـ"العربي الجديد": "أرضي كانت مهجورة لأكثر من خمس سنوات، أثناء حرثها، فوجئت بخروج أكثر من أفعى من تحت التراب، واضطررنا إلى وقف العمل واستدعاء مختصين لرش المواد السامة، إلا أن التكلفة كانت مرتفعة جداً بالنسبة لنا". وأضاف:"رفعنا المشكلة للمجالس المحلية، ولكن ضعف الإمكانيات حال دون تنفيذ حملات مكافحة واسعة، حالياً نعتمد على مبادرات فردية مثل رش الرماد واستخدام الزيوت حول المنازل".

أما سارة المصطفى، وهي أم لطفلين من بلدة التح، فتصف حياتهم اليومية بقولها لـ"العربي الجديد": "نعيش في قلق دائم، كل ليلة نفحص الوسائد والملابس خوفاً من وجود عقارب أو أفاعٍ، قبل أيام لدغت عقرب صغيرة ابني، واضطررنا لنقله بسرعة إلى أقرب مركز طبي، وكانت رحلة إسعافه مغامرة بحد ذاتها بسبب بعد المسافة وسوء الطرقات".

من جانبه، يؤكد المسعف عمار العيسى، العامل في مشفى أريحا، أن المشفى يسجل ازدياداً ملحوظاً في حالات لدغات الأفاعي والعقارب، خاصة في فصل الصيف، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن "أغلب الحالات تصل متأخرة بعد ظهور مضاعفات بسبب نقص المصل المضاد، نحاول تقديم المساعدة ضمن إمكانياتنا المحدودة، ولكن الوضع يتطلب تحركاً واسعاً من المنظمات الصحية والدفاع المدني".

وأشار إلى أن خطر الأفاعي والعقارب يبرز بوصفه مشكلة طارئة تهدد السلامة العامة في ظل استمرار موجة العودة إلى القرى المدمرة، وتضاف هذه المشكلة إلى سلسلة التحديات التي يواجهها الأهالي من ضعف البنية التحتية، وشح الخدمات، وصعوبة إعادة الإعمار، وبينما يحاول السكان الاعتماد على المبادرات الفردية والمجتمعية، يبقى الأمل قائماً بتدخل المنظمات الإغاثية والهيئات الصحية للحد من هذا الخطر الكامن في كل ركن من أركان القرى العائدة إلى الحياة.

المساهمون