استمع إلى الملخص
- يسعى حزب البديل من أجل ألمانيا إلى إصلاحات جذرية في قوانين اللجوء، بينما يدعو حزب الخضر لدعم المهاجرين من بلدان الأزمات، ويركز الحزب الليبرالي الحر على دمج المهاجرين المهرة.
- تشير وزيرة الداخلية نانسي فيزر إلى إمكانية إعادة بعض السوريين بعد مراجعة الحماية، مع تسريع ترحيل المجرمين وتنسيق الجهود مع الشركاء الأوروبيين.
تتباين مواقف أحزاب ألمانيا إزاء مختلف القضايا في حملات الانتخابات المقررة في فبراير/ شباط المقبل، لكنها تتفق على تشديد تدابير الهجرة واللجوء
مع بدء حملات الانتخابات العامة المبكرة المقررة في فبراير/ شباط المقبل، طرحت الأحزاب الألمانية برامج في قضايا أساسية عدة شملت أهمها تحقيق العدالة الاجتماعية، وتحسين معاشات التقاعد، وتعزيز النمو الاقتصادي، فضلاً عن اقتراحات تتعلق بقضايا الهجرة واللجوء بعد سنوات من سياسة الترحيب باللاجئين.
وبلغ عدد طالبي اللجوء في ألمانيا نحو 230 ألفاً خلال عام 2024 الماضي، بتراجع نحو 34% عن عام 2023 حين بلغ العدد 329 ألفاً.
يتضمن برنامج الحزب الاجتماعي المسيحي البافاري، الشريك الأصغر للحزب المسيحي الديمقراطي، أكبر أحزاب المعارضة في البرلمان (بوندستاغ)، سياسة أكثر تشدداً مع اللاجئين، ويطالب بضمان أن يستطيع اللاجئون إعالة أنفسهم والحصول على عمل، وتجنّب الاعتماد على الإعانات الاجتماعية. ويجدد الحزب دعوته إلى ترحيل اللاجئين من مرتكبي المخالفات القانونية، وأولئك الذين تصنّفهم السلطات بأنهم مصدر تهديدات أمنية، وإخضاع من يستحيل ترحيلهم للاحتجاز.
أما الحزب المسيحي الديمقراطي، فيقترح تغيير السياسة المتعلقة بالهجرة بعدما وصلت الولايات والبلديات إلى ذروة قدراتها على صعيد استيعاب اللاجئين، وباتت تواجه صعوبات في تنفيذ مهمات استقبالهم وتقديم المساعدة والإيواء لهم، كما يشدد على ضرورة التدقيق في سجلات الوافدين السوريين.
ويقول زعيمه فيريدريش ميرز: "يجب التعامل بحزم مع أعضاء المليشيات التابعة لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، فقد كانوا شركاء لنظام استبدادي، ويفرون من سورية لأنهم قد يواجهون محاكمات جنائية بتهم ارتكاب جرائم وحشية". وهو يؤيد فصل الهجرة للبحث عن عمل عن تلك لطلب اللجوء، ويرى: "من يريد المجيء من أجل الحصول على حماية يجب أن يخضع لإجراءات مغايرة عن تلك المخصصة للأشخاص الذين يلتزمون بالبقاء من أجل العمل".
في السياق، يقترح المسيحي الديمقراطي والاجتماعي المسيحي البافاري تشكيل وكالة اتحادية للتوظيف والإقامة تعمل بالتنسيق مع البعثات الدبلوماسية الألمانية في الخارج لمعالجة طلبات الطامحين في الوصول إلى ألمانيا المكدسة في السفارات والقنصليات.
ويعتزم المسيحي الديمقراطي الذي يتصدر زعيمه ميرز ترشيحات تولي منصب المستشار، إلغاء الحماية الفرعية لطالبي اللجوء، وفرض تدابير أكثر صرامة في شأن لمّ شمل أسر اللاجئين، كما ينوي تصنيف مزيد من الدول التي يصل منها المهاجرون على أنها آمنة.
من جهته، يدعو الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم إلى إعادة رسم إطار جديد للهجرة، خصوصاً أن ألمانيا تعاني نقصاً في اليد العاملة الماهرة، وبالتالي عليها استقطاب أصحاب الكفاءات الذين يسدون فجوات سوق العمل، كما يخطط الحزب لإجراء مزيد من عمليات الترحيل، وتسريع إجراءات اللجوء، في حين يرفض نقل طالبي اللجوء إلى دول ثالثة.
بينما يدعو حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي الذي يحتل المركز الثاني في استطلاعات الرأي، إلى تنفيذ إصلاحات جذرية في قوانين اللجوء، علماً أنه يعتبر أن اتفاق جنيف للاجئين عفا عليه الزمن. وقد يعزز الحزب حضوره في البرلمان من خلال التحالف مع حزب سارة فاغنكنشت للفوز بثلث مقاعد "البوندستاغ"، وبالتالي تشكيل كتلة ضغط مهمة على أي حكومة ائتلافية مستقبلية، وصولاً إلى عرقلة أي قرارات خاصة بسياسة اللجوء والهجرة في البرلمان.
وفي إطار تبنيه طروحات متطرفة ضد اللاجئين والأجانب، يرفض الحزب اليميني فكرة أن الإسلام جزء من ألمانيا، وبدلاً من وضع آليات تنظم شغل اللاجئين وظائف في ألمانيا، يريد خلق حوافز للأسر الألمانية لزيادة الإنجاب تمهيداً لسدّ النقص في سوق العمل. كما يورد برنامجه الانتخابي أنه يجب التشدد في منح حق اللجوء لفئات وأعراق محددة، وتشديد التدابير الأمنية على الحدود لمكافحة الهجرة السرّية، مع إمكانية احتجاز طالبي اللجوء، وهو يؤيد نقل إجراءات اللجوء إلى بلدان ثالثة، بينها بلدان في شمال أفريقيا.
أما حزب سارة فاغنكنشت الذي تأسس العام الماضي، والذي يصنّف بأنه يساري شعبوي، فيخوض الانتخابات العامة للمرة الأولى بعدما انشق غالبية أعضائه عن حزب اليسار، وهو يدعم سياسة أكثر صرامة وتقييداً تجاه اللاجئين بحجة أن "سياسة اللجوء المتبعة كبدت ألمانيا خسائر اقتصادية، وسبّبت أزمة سكانية، وزعزعت استقرارها الأمني".
في المقابل، يروّج البرنامج الانتخابي لحزب الخضر لمسؤولية ألمانيا الإنسانية في دعم المهاجرين من بلدان الأزمات والحروب والمضطهدين، ويُطالب بزيادة دعم عمليات الإنقاذ للمهاجرين في البحر المتوسط، والسماح بانضمام طالبي اللجوء إلى سوق العمل بعد الحصول على تدريب مهني في القطاعات التي تعاني نقصاً في اليد العاملة، كما يرغب في الحدّ من البيروقراطية للمساهمة في جذب العمال الماهرين إلى البلاد.
ويدعو الحزب الليبرالي الحرّ إلى دمج كل المكاتب المكلفة مهمات معالجة طلبات اللجوء ضمن إدارة مركزية تعمل باستقلال كامل، وباعتبار أنه يدعم التعددية الثقافية وتعزيز الهجرة القانونية، فإنه يركز على أهمية حصول المهاجرين من أصحاب الكفاءات على فرص للعمل، وتهيئة ظروف اندماجهم.
في غضون ذلك، قالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر أخيراً إن بعض السوريين الذين فروا إلى ألمانيا يجب أن يعودوا إلى وطنهم، وأوضحت أن المكتب الاتحادي للهجرة واللجوء سيراجع الحماية الممنوحة لهم، وقد يلغيها استناداً إلى القانون في حال تبين عدم الحاجة إليها. وبررت ذلك بعودة الاستقرار إلى سورية بعد سقوط نظام الأسد، مؤكدة أن هذا الأمر سيُطبق أيضاً على من لا يملكون الحق في البقاء في البلاد لأسباب تتعلّق بالعمل أو التدريب أو التعليم.
وأشارت فيزر إلى أن العمل يجري لتسريع ترحيل المجرمين والمتطرفين من خلال توسيع الخيارات القانونية، والتي سيجري الإفادة منها عندما يسمح الوضع في سورية بذلك. وقالت إن وزارتي الداخلية والخارجية يعملان معاً للحصول على تصوّر أكثر وضوحاً عن الوضع في سورية، بالتنسيق مع الشركاء الأوروبيين والدوليين، وأعلنت أنّ السوريين المندمجين بشكل جيد ولديهم وظائف في ألمانيا سيحق لهم البقاء، في حين سيجري دعم من يرغبون في المغادرة طوعاً إلى سورية من خلال توسيع برامج العودة.