انتحار فتاة في القامشلي ينذر بعام جديد من الخوف في سورية

انتحار فتاة في القامشلي ينذر بعام جديد من الخوف في سورية

26 فبراير 2021
الاضطرابات النفسية وسوء الأوضاع الاقتصادية تؤدي إلى الانتحار(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

في شارع منير الحبيب، بالحي الغربي لمدينة القامشلي السورية، أنهت مهى حياتها بإطلاق النار من سلاح فردي على نفسها، بعدما تركت رسالة لأهلها طلبت فيها منهم أن يسامحوها إذا أخطأت بحقهم في يوم من الأيام، مؤكدة أنها تحبهم لكن الحياة لم تعد جميلة في عينيها وهي لم تعد تحبها ... وختمت الرسالة بوصية لوالديها أن يزوراها على الدوام.
مهى ليست أول فتاة تقدم على الانتحار في القامشلي أو في سورية، حيث تزايدت حوادث الانتحار بشكل كبير. ففي العام الماضي، تمّ تسجيل 14 حالة انتحار في محافظة الحسكة وحدها. وتفاوتت أعمار من أقدموا على هذا الفعل بين أطفال وشباب وكبار في السنّ. وحادثة انتحار الفتاة مهى هي الثانية من نوعها، لا سيما أنّ الحادثة الأولى التي سجّلت مطلع العام الحالي أقدمت عليها الفتاة كمرة، داخل منزلها في قرية الجنازية بريف الحسكة، بسبب طردها من الامتحان.

أخصائي الأمراض النفسية ماجد فهيم، وهو من أبناء مدينة القامشلي، أكّد في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ هناك أسبابا عديدة للانتحار، منها الاضطرابات النفسية (الاكتئاب) بنسبة 40 بالمائة، والخلل في العلاقات الأسرية والزوجية وغياب الدعم الاجتماعي والبطالة وسوء الأوضاع الاقتصادية، إضافة إلى إدمان الكحول والمخدرات، والأزمات والضغوط النفسية المفاجئة (خسارة مالية أو فقدان شخص عزيز)، ووسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت التي لها دور سلبي في التشجيع على الانتحار، هذا فضلاً عن ظروف الحرب والنزوح ومشاهد القتل والتعذيب والدمار، التي تغيب عنها الرقابة على الأطفال، وسهولة الحصول على المواد المخدرة والإدمان، بالإضافة إلى تفكّك العلاقات الأسرية. ومواجهة ظاهرة الانتحار، بحسب فهيم، تتطلب تضافر جهود المجتمع على كافة المستويات، فضلاً عن رفع مستوى الوعي الصحي وضرورة معالجة الاضطرابات النفسية قبل تفاقمها، والحدّ من الاستهلاك الضار والمتزايد للكحول، وتأمين فرص عمل للشباب، ونشر الوعي المجتمعي، وذلك من خلال الندوات والمحاضرات وضرورة وجود الترابط والدعم الأسري، والابتعاد عن النزاعات والخلافات الأسرية المؤثرة على الأطفال.

وأضاف ماجد فهيم أنّ الشخص الذي يقدم على الانتحار يكون قد وصل إلى مرحلة من عدم التوازن النفسي، وبالتالي سوف تكون تصرفاته غير منطقية واندفاعية دون التفكير بالعواقب، ولفت إلى أنّ الشخص الذي يقدم على الانتحار عادة ما يعبّر للآخرين عن رغبته في الانتحار، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، بالدلالة على يأسه من الحياة، كأن يقول إنّ الحياة لا تستحق أن نعيشها، وهذا يُعدّ طلباً للمساعدة، بشكل غير مباشر.

مصدر محلي أكّد لـ"العربي الجديد"، أنّ أهل مهى أسعفوها عند الساعة السابعة مساء يوم الخميس 25 فبراير/شباط، إلى مستشفى فرمان في القامشلي، لكن الفتاة فارقت الحياة، موضحاً أنها دُفنت صباح اليوم، الجمعة.

وظاهرة الانتحار لا تقتصر على محافظة الحسكة وحدها، إنّما تمتد إلى مناطق سيطرة النظام السوري، لا سميا أنّ الإحصائيات الصادرة عن النظام تشير إلى ارتفاع معدّل الانتحار مع تفاقم الوضع المعيشي للسكّان وحالة التفكك الاجتماعي التي انعكست سلبياتها بشكل مباشر على القصّر. إذ أقدم الشاب عبد الرحمن، من مدينة حماة، والذي يبلغ من العمر 17 عاماً، على الانتحار يوم الثلاثاء 23 فبراير/ شباط، الأمر الذي تسبّب بصدمة لذويه.

 رئيس الطبابة الشرعية في سورية زاهر حجو أكّد لصحيفة "الجماهير"، أنه لا توجد إحصائيات موثّقة للمنتحرين في سورية إلّا في عامي 2019 و2020. ففي عام 2019 سجّلت في البلاد 124 حالة انتحار، بينما في العام 2020 تمّ تسجيل 197 حالة انتحار.

المساهمون