المقدسية أم علاء تحمي ضريح نجلها من انتهاكات الاحتلال

المقدسية أم علاء تحمي ضريح نجلها من انتهاكات الاحتلال

القدس المحتلة

محمد محسن

محمد محسن
31 أكتوبر 2021
+ الخط -

"إن حاولوا جرف ضريح ابني سأضع نفسي أمام الجرافة، ولن أدعهم يجرفونه" تقول المقدسية علا نبابتة، والدة الشاب علاء الذي توفي قبل نحو خمس سنوات. ترابط على مقربة من ضريحه في مقبرة اليوسفية في القدس الشرقية منذ الصباح وحتى المساء.
عند ضريح نجلها علاء، جلست علا والدموع في عينيها، تمسح عن حجارة الضريح ما خلّفته سلطة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية من آثار تخريب في المكان، والتي كادت أن تقتلع الضريح، هي التي عمدت إلى نبش رفات موتى لتتناثر في المقبرة التي تشكل امتداداً لمقبرة باب الرحمة على تخوم السور الشرقي للمسجد الأقصى.
أمضت علا أربعة أيام في أرض اليوسفية المملوكة أصلاً لعائلة المظفر المقدسية، وتحديداً عند الضريح، لتحميه وتدافع عنه خشية تخريبه. تأتي كلّ صباح إلى المقبرة وتتلو آيات من القرآن وتحضن الضريح حين يقترب جنود الاحتلال منها لإبعادها عن المكان.
نجح الاحتلال في اليوم الأول من مكوث علا في مقبرة اليوسفية في إبعادها عن ضريح نجلها، لكنّ إصرارها على الرباط قرب الضريح جعل جنود الاحتلال يخضعون لرغبة الأم الثكلى التي تدمع عيناها بمجرد الحديث عن إزالة الضريح أو طمره بالأتربة. وتقول: "على جثتي... ولا أسمح لهم أن يأخذوا ضريح علاء... ابني حبيبي".
منذ خمس سنوات، تعيش علا ألم فقدان علاء، ومن بعده شقيقه بهاء، ثم وفاة زوجها. وفي الوقت الحالي، تعيش وجعاً إضافياً من جراء محاولة نبش ضريح علاء. بالنسبة إليها، الضريح يحضن ولدها. تقول لـ"العربي الجديد" إنها لن تغادر محيط الضريح قبل طرد عناصر سلطة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية. تراها تأتي إلى المقبرة يومياً وتحضن ضريح ابنها وتنظف حجارته بأناملها المرتعشة. كما تتلو آيات من القرآن علّها تلامس روح علاء. 

تفضل علا الموت على مغادرة المقبرة. تريد أن تطمئن إلى أن ضريح نجلها لن يمس حتى لو كلفها ذلك حياتها. قالت لجنود  الاحتلال حين كانوا يحاولون إخراجها بالقوة: "ادفنوني هنا لكن لن أرحل".
حين التقت "العربي الجديد" علا قرب مقبرة اليوسفية، كان الإعياء بادياً عليها، هي التي كانت تأتي إلى المكان من ساعات الصباح الباكر وحتى المساء. ولا تغادر إلا بعد أن تصلي صلاة العشاء. وتقول لـ "العربي الجديد"، وهي ترمق الجنود الذين يضعون مزيداً من كاميرات المراقبة في المكان: "لا يتركون أحداً من شرهم، حتى أمواتنا يلاحقونهم. هذه أرضنا، وهذه قبورنا لن نتخلى عنها ولن ندعهم ينهبونها وينبشونها".


تستذكر علا معركة سابقة خاضتها وهي تدافع عن ضريح نجلها الآخر بهاء الذي دفن في مقبرة باب الرحمة المتاخمة لمقبرة اليوسفية جنوباً، حين حاولت سلطات الاحتلال مصادرة أجزاء من الأرض على مقربة من ضريح نجلها بهاء، كما اعتقلت زوجها لدفاعه عن ضريح بهاء. 
لعلّ قدر أم علاء وبهاء أن تناضل في وجه الاحتلال دفاعاً عن ضريحي ولديها، حالها حال الكثير من العائلات المقدسية التي تدافع عن قبور ورفات موتاها بعدما كانت وما زالت تدافع عن حقها في المأوى والسكن والإقامة، في الوقت الذي يسعى فيه الاحتلال إلى إحاطة البلدة القديمة من القدس بحدائق تلمودية وغير ذلك لصالح المستوطنين، من دون أي اعتبار لارتباط المكان بأصحاب الأرض الشرعيين، سواء تعلق الأمر بالأحياء أو الموتى.

بالنسبة لهذه الأم، لم تنته المعركة حتى بعدما أغلقت سلطة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية مقبرة اليوسفية من خلال بناء جدران مرتفعة من الحديد وبوابة حديدية ووضعت كاميرات مراقبة. لكنها تؤكد: "مهما فعلوا، لن يمنعوني من زيارة علاء، حتى لو تطلب الأمر بقائي عند بوابة المقبرة. حياتنا كلها حواجز ومتاريس وبوابات مغلقة".
وأقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على قسم المقبرة إلى قسمين، حيث وضعت حواجز حديدية تفصل القسم الذي يضم قبور المقدسيين عن القسم المستهدف الذي يضم رفات الشهداء الفلسطينيين والعرب الذين سقطوا دفاعاً عن القدس، وتبلغ مساحته قرابة 4 دونمات.

ذات صلة

الصورة
 (لا تكنولوجيا للأبارتهايد/إكس)

منوعات

اعتقل عدد من موظفي شركة غوغل مساء الثلاثاء، من مكتبيها في نيويورك وسانيفيل (كاليفورنيا)، بعد تنظيمهم اعتصامات للاحتجاج على تعاونها مع الحكومة الإسرائيلية.
الصورة

سياسة

يعتزم مجلس النواب الأميركي التصويت على مجموعة من العقوبات على إيران بعد الهجوم الذي شنّته على إسرائيل ليل السبت، فيما سيحاول تمرير مساعدات عسكرية لإسرائيل.
الصورة
الصحافي بيتر ماس (Getty)

منوعات

كتب الصحافي المخضرم بيتر ماس، في "واشنطن بوست"، عن "شعوره كمراسل جرائم حرب وابن عائلة مولت دولة ترتكب جرائم حرب"، في إشارة إلى الإبادة الجماعية في غزة.
الصورة

سياسة

كشفت وكالة بلومبيرغ الأميركية أن المعلومات الاستخبارية التي حصلت عليها الولايات المتحدة تفيد بأن الرد الإيراني المرتقب أصبح وشيكاً جداً.

المساهمون