المغرب: مبادرة تشريعية لمنع استثناء جرائم تعنيف النساء من العقوبات البديلة
استمع إلى الملخص
- دخلت العقوبات البديلة حيز التنفيذ في أغسطس 2023 لمعالجة اكتظاظ السجون، وتشمل العمل للمنفعة العامة والمراقبة الإلكترونية، لكن هناك دعوات لاستثناء جرائم العنف ضد النساء.
- تدعم منظمات حقوقية استثناء جرائم العنف ضد النساء من العقوبات البديلة لتعزيز العدالة النوعية، رغم تحديات تطبيق قانون 2018 الذي يجرم العنف ضد النساء.
عاد الجدل حول العقوبات البديلة في المغرب إلى الواجهة عقب تقديم الفريق الحركي المعارض بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، هذا الأسبوع، مقترح قانون يهدف إلى إدراج جرائم العنف ضد النساء ضمن قائمة الجنح المستثناة من تطبيق العقوبات البديلة، التي بدأ القضاء المغربي العمل بها منذ أغسطس/آب الماضي.
واقترح الفريق النيابي لحزب الحركة الشعبية، من خلال مبادرته التشريعية، تعديل الفصل 353 من القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، في اتجاه إضافة جرائم العنف ضد النساء إلى قائمة الجنح المستثناة من أحكام ذلك القانون، واعتبر الفريق النيابي في المذكرة التقديمية التي قدمها أن القانون رقم 43.22 يمثل خطوة مهمة في إصلاح العدالة الجنائية المغربية، غير أن تنزيله السليم يستوجب إدراج استثناءات إضافية تتعلق بالجرائم الخطيرة، وفي مقدمتها جرائم العنف ضد النساء، والاتجار بالمخدرات، والجرائم التي تمس النظام العام.
وينص الفصل 3-35 من القانون رقم 43.22 على عدم تطبيق العقوبات البديلة على الجنح المرتبطة بجرائم أمن الدولة والإرهاب، والاختلاس، والغدر، والرشوة، واستغلال النفوذ، وتبديد الأموال العمومية، وغسل الأموال، والجرائم العسكرية، والاتجار الدولي في المخدرات والاتجار في المؤثرات العقلية، والاتجار في الأعضاء البشرية، والاستغلال الجنسي للقاصرين أو الأشخاص في وضعية إعاقة.
ولفت الفريق إلى أن بعض الجرائم، بالنظر إلى طبيعتها وحجم الضرر الذي تخلفه، تقتضي عقوبات زجرية لتحقيق الردع العام والخاص وحماية الضحايا والمجتمع، مؤكداً أن استثناء جرائم العنف ضد النساء من العقوبات البديلة يهدف إلى حماية الضحايا وضمان حقوقهن وعدم إعطاء انطباع بالتقليل من خطورة هذه الأفعال.
وكانت العقوبات البديلة التي تراهن عليها السلطات المغربية لحل معضلة الاكتظاظ داخل السجون وحماية المعتقلين من سلبيات السجن، ومواكبة التطورات التي يشهدها العالم في مجال الحقوق والحريات العامة، قد دخلت حيز التنفيذ في 22 أغسطس/ آب الماضي. ويتضمن قانون العقوبات البديلة تدابير مثل العمل من أجل المنفعة العامة، والخضوع للمراقبة عبر السوار الإلكتروني، وتقييد بعض الحقوق. وتطبق هذه العقوبات في الجنح التي تقل مدة السجن فيها عن خمس سنوات.
وبحسب رئيسة "شبكة إنجاد ضد عنف النوع" (غير حكومية) نجية تازورت، فإن مقترح الفريق الحركي القاضي بتعديل الفصل 353 من القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة يسعى إلى تعزيز الحماية القانونية للنساء ضحايا العنف، معتبرة أن هذا الإجراء خطوة ضرورية على طريق تعزيز العدالة النوعية، وضمان عدم إفلات مرتكبي العنف القائم على النوع من العقاب، تحت غطاء بدائل غير مناسبة لخطورة هذه الأفعال وانعكاساتها النفسية والاجتماعية على الضحايا.
وأفادت تازورت، في حديث لـ"العربي الجديد" اليوم السبت، أن "شبكة إنجاد ضد عنف النوع" تثمن المبادرة التشريعية للفريق الحركي، وتشدد بالمقابل على أن استمرار ظاهرة العنف ضد النساء، وارتفاع مؤشراتها حسب تقارير رسمية، يتطلبان موقفاً قانونياً حازماً يضع حداً للتساهل مع هذه الجرائم. وأكدت أن" العدالة الحقيقية لا تكتمل إلا بحماية الكرامة الجسدية والنفسية للنساء، وأي تراجع أو تساهل تشريعي يمثل تهديداً صريحاً لما تحقق من مكاسب في مجال حقوق الإنسان والعدالة الجنسانية".
من جهتها، قالت "فيدرالية رابطة حقوق النساء" (غير حكومية) أن إضافة جرائم العنف ضد النساء إلى قائمة الجنح المستثناة من العقوبات البديلة مطلب ملح للحركة النسائية والحقوقية، معتبرة، في بيان لها، أن "تطبيق هذه العقوبات على جرائم تمس السلامة الجسدية والنفسية للنساء يمثل خطراً على الضحايا ويبعث برسالة سلبية للمجتمع".
ورغم إقرار المغرب قانوناً يجرم العنف ضد النساء، دخل حيز التنفيذ في 12 سبتمبر/ أيلول 2018، فإنّ صعوبات مختلفة تواجه تطبيقه على أرض الواقع، كما أنه يثير جدلاً بين من يعتبرونه "قانوناً ثورياً" ينصف المرأة ويضع حداً لمعاناتها، وبين من يشككون في قدرته على حفظ كرامتها وحمايتها.
وبحسب أرقام المندوبية السامية للتخطيط الصادرة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، فإن "العنف المبني على النوع الاجتماعي يمس المرأة في جميع المجالات، وأن 52.1% من النساء يعانين العنف المنزلي، و15.4% يواجهن العنف في فضاء العمل، و18.9% يتعرضن للعنف في فضاء الدراسة، و12.6% يواجهن العنف في الفضاء العمومي، ما يؤكد أن ظاهرة العنف ضد النساء عابرة لكل الفضاءات".