المغرب: أجهزة إنذار لـ"حماية" الأطفال

المغرب: أجهزة إنذار لـ"حماية" الأطفال

07 يوليو 2021
26 ألف صغير مغربي يتعرّضون إلى الاعتداء سنوياً (فاضل سنّا/ فرانس برس)
+ الخط -

 

خيارات حماية أفراد المجتمع والأطفال، خصوصاً من الاعتداءات، قد تتطلب جرأة غير اعتيادية في ابتكار الحلول وتنفيذها. وتبقى التجربة خير دليل على النجاح، وهو ما أطلقته منظمتان في المغرب عبر تزويد أطفال بأجهزة إنذار.

"لا شك في أنّ هذا الجهاز قد يمنع اعتداءات، وينقذ حياة عشرات من الأطفال". هذا ما كشفه محمد الحنصالي لـ "العربي الجديد" عن خلاصة تجربة عاشها كوالد تلميذ في مدرسة ابتدائية بمدينة مراكش (جنوب المغرب)، وشارك أخيراً في مشروع لا سابق له لتوزيع أجهزة إنذار ذاتية من أجل حماية الأطفال من الاعتداءات، وجميع أشكال العنف وسوء المعاملة. يرى الحنصالي أنّه "بعدما بات خطف الأطفال واغتصابهم وقتلهم كابوساً يؤرق المغاربة في السنوات الأخيرة، ويدفع العديد من المنظمات التي تعنى بقضايا الطفولة إلى المطالبة بفرض أقصى العقوبات ضد مرتكبي هذه الأفعال الإجرامية، قد يشكل تعميم أجهزة الإنذار إجراءً رادعاً، ووسيلة لحماية آلاف الأطفال من الأخطار عبر لفت انتباه المحيطين بهم، ودفع المعتدي إلى التفكير ملياً قبل الاعتداء على طفل. كما تزيد هذه الأجهزة شعور أولياء الأمور بالأمان حول سلامة أبنائهم".

بالتزامن مع احتفالية "اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء" في 4 يونيو/ حزيران الماضي، أطلقت منظمتا "الكرم" لحماية الطفولة و"ميكيل" غير الحكوميتين، واللتين تهتمان بحماية الأمهات والأطفال في القرى، مشروعاً تجريبياً بعنوان: "أبداً من دون إنذاري" هدف إلى تزويد أطفال بجهاز إنذار للدفاع الذاتي، لمحاربة الاعتداءات ضدهم، والحدّ من كل أشكال العنف التي تستهدفهم.

يطلق الجهاز صافرة إنذار بقوة 120 ديسيبل، في حال تعرض الطفل إلى اعتداء، ما يلفت بالتأكيد الانتباه لما يحصل للطفل في المناطق المحيطة، ويخيف المعتدي ويدفعه إلى الهرب خشية فضح أمره. لذا يؤكد القائمون على المشروع أنّ الجهاز "قد يردع، في نهاية المطاف، المعتدي ويمنعه من ارتكاب تصرفات سيئة".

وتزود حوالى 700 طفل في الصفوف الابتدائية بمؤسسات تعليم في مراكش تتعاون مع المنظمتين غير الحكوميتين، بأجهزة إنذار تحميهم من مختلف الاعتداءات التي قد يتعرضون لها من أشخاص مجهولين، علماً أنّ المنظمتين تضعان حالياً اللمسات الأخيرة على تجربة مماثلة ستطلق هذا الشهر في مدينة آسفي (جنوب غرب).

يقول المدير العام لجمعية "الكرم" لحماية الطفولة، محمد أمين مكيكة، لـ "العربي الجديد"، إنّ "المشروع النموذجي الذي طوّر بالتعاون مع جمعية ميكيل يهدف بالدرجة الأولى إلى زيادة إحساس الأطفال بالخطر وإشراكهم في مواجهة الاعتداءات التي قد تلحق بهم، وكذلك رفع درجة اهتمام جمعيات الآباء وأولياء الأمور ومكونات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والقضاء بمواجهة هذه الظاهرة". ووصف نتائج التجربة الأولى في مدينة مراكش بأنّها "إيجابية جداً بدليل تلقي جمعية الكرم اتصالات كثيرة من مدن أخرى لطلب الإفادة من الأجهزة". ويوضح مكيكة أنّ "جهاز الإنذار حلّ وقائي ووسيلة لحماية للأطفال، خصوصاً أنّ عدداً منهم عرضة لكلّ أشكال العنف، وبعضها بدرجة قاسية أحياناً. ورغم أنّ المغرب حقق خطوات متقدمة جداً في المجال القانوني والتشريعي والمؤسساتي، فإنّ ظاهرة العنف ضد الأطفال تزداد، ما يؤكد الحاجة إلى بلورة رؤية واقعية تنطلق من المسببات الحقيقية للظاهرة، وتوسيع دائرة التشاور مع كل المعنيين بالموضوع".

طفل ووالدته في المغرب (فاضل سنّا/ فرانس برس)
(فاضل سنّا/ فرانس برس)

ويشير مكيكة إلى أنّ المنظمتين تريدان توزيع 3 آلاف جهاز إنذار في مرحلة أولى، في محاولتهما مواجهة الاعتداءات التي تهدد الأطفال المغاربة في البيت أو الشارع أو المدرسة، ثم تعميم التجربة مستقبلاً على كلّ مدن المملكة، وتطويرها عبر خلق شبكة تضم كل المعنيين، والعمل لصنع هذه الأجهزة في المغرب. كما يشدد على ضرورة فتح حوار مجتمعي والتفكير جماعياً لإيجاد وسائل حماية ووقاية مناسبة وفاعلة لمنع العنف ضد الأطفال.

وتفيد إحصاءات وزارة العدل ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بأنّ 26 ألف طفل يتعرضون للاعتداء سنوياً في المغرب، أي أكثر من 70 طفلاً يومياً. في حين كشفت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "اليونيسف"، في تقرير أصدرته عام 2017، أن نحو 90 في المائة من الأطفال المغاربة الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين و4 سنوات تعرضوا لعنف ارتكبه أولياء أمورهم في شكل منتظم بهدف دفعهم إلى ضبط تصرفاتهم، ونحو 25 في المائة من الشريحة العمرية نفسها لعنف جسدي. وأورد التقرير ذاته أنّ المملكة تحتل المركز العاشر عالمياً على صعيد أعلى نسبة عنف مرتكبة ضد الأطفال.

وحتم ارتفاع عدد جرائم الاعتداء على الأطفال في السنوات الأخيرة إطلاق الحكومة المغربية في 19 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي حملة وطنية لتعزيز حماية الأطفال ضد مختلف أشكال الإساءة والعنف والاستغلال والإهمال، وبينها العنف الممارس عبر الإنترنت.وضمن المبادرات الرامية إلى توفير حماية فاعلة للأطفال من كل أشكال العنف، كان لافتاً إطلاق المرصد الوطني لحقوق الطفل، وهو هيئة حكومية، في الأسابيع الماضية، منصة رقمية للإبلاغ عن حالات العنف والاستغلال والإهمال ضد الأطفال خلال المرحلة الحالية التي تشهد ظروفاً استثنائية ترتبط بمواجهة المملكة تداعيات وباء كورونا.

وتهدف منصة www.2511.ma إلى المساهمة في مناهضة العنف ضد الأطفال، من خلال منح الأطفال نفسهم وأولياء الأمور وكل شاهد على حالة عنف أو استغلال أو إهمال فرصة الإبلاغ عن هذه الحالات باستخدام أدوات تقنية للتواصل  وكشف أي فعل مرتبط بسوء المعاملة.

المساهمون