المعرض الأول للمصحف الشريف في تونس: رحلة بصرية وروحانية
حياة مبروك

استمع إلى الملخص
- كنوز تراثية نادرة: يضم المعرض أكثر من خمسين مخطوطاً نادراً، بعضها تجاوز عمره 330 عاماً، مما يجعله مرجعاً تراثياً فريداً يعكس براعة الخطاطين القدامى.
- إقبال واسع وآمال مستقبلية: شهد المعرض إقبالاً كبيراً من زوار مختلف الأعمار والجنسيات، مع آمال بأن يتحول إلى متحف دائم ليظل مصدر إلهام ثقافي وروحاني.
تتناثر الأضواء الخافتة على صفحات المصاحف القديمة، فتأخذ الزائر إلى عالم من السكينة والروحانية حالما تطأ قدماه المعرض الأول للمصحف الشريف في تونس، والذي نظمته الإدارة العامة للقرآن الكريم في تونس خلال شهر رمضان المبارك. المعرض ليس مجرد مساحة لعرض كتب القرآن القديمة فقط، بل هو رحلة بصرية وروحية تأخذ الزائر عبر قرون من الإبداع في فن الخط العربي وزخرفة المصاحف.
يضمّ المعرض مصاحف من روايات متعددة، أبرزها "ورش" و"قالون" و"حفص"، حيث توافدت هذه الروايات من مختلف المساجد والعائلات التونسية، لتوثق جزءاً من التراث القرآني في البلاد. وأكد حلمي وصلي، رئيس مصلحة البحوث في مجال علوم القرآن الكريم لـ"العربي الجديد"، وجود أكثر من خمسين مخطوطاً نادراً، تجاوز عمر بعضها 330 عاما، ما جعل المعرض مرجعاً تراثياً فريداً.
وتألقت المصاحف المعروضة بزخارفها المبهرة وخطوطها الزيتونية الأصيلة، حيث صيغت فواصل وزينة أحد الكتب القديمة بماء الذهب، ما جعله يحمل بصمة فنية تعكس براعة الخطاطين الذين أبدعوا في كتابته بعناية ودقة متناهية.
تقنيات بدائية وإبداع متجذر
اعتمد الخطاطون القدماء على أدوات بدائية في كتابة المصاحف، حيث استخدموا الحبر المصنوع من مواد طبيعية، بينما اختاروا ريشة نبات القصب للخط ولجؤوا إلى جلود الماعز والغزال بدلاً من الورق الذي لم يكن متاحاً آنذاك، مما أضاف طابعاً فريداً لكل نسخة من المصاحف، وفق ما أوضحه الخطاط التونسي محمد نجيب الزعلوني، لـ "العربي الجديد".
وبرزت الخطوط القيروانية والمغربية جنباً إلى جنب مع الخط الزيتوني التونسي، ليشكل كل مصحف لوحة فنية تحكي قصة الحرف العربي عبر العصور. وتجلت مهارة الخطاطين في إبراز جمالية الحروف والزخارف، حيث صمموا كل صفحة بدقة وإتقان يليق بكلام الله تعالى.
تونس: إقبال واسع على المعرض
شهد المعرض إقبالاً واسعاً لزوار من مختلف الأعمار والجنسيات، كونه المعرض الأول من نوعه في تونس، الذي أتاح لهم فرصة نادرة لمشاهدة أقدم النسخ من المصحف الشريف مع شرح تفصيلي لتاريخ كل مخطوط. ويأمل المشرفون على المعرض وزائروه أن يصبح متحفاً دائماً لتلك النسخ النادرة من المصاحف بدلاً من أن ينتهي بانتهاء شهر رمضان، ليظل مصدر إلهام ثقافي وروحاني للأجيال المقبلة.