المساكن الاجتماعية... أحلام ومشاكل في تونس

01 فبراير 2025
واجه برنامج المساكن الاجتماعية مشاكل فساد، 23 إبريل 2016 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعاني التونسيون من صعوبة الحصول على مساكن اجتماعية بسبب الفساد والتعقيدات الإدارية، حيث ينتظر العديد منهم لسنوات لتحقيق حلمهم في السكن.
- أطلقت وزارة التجهيز والإسكان برنامج السكن الاجتماعي في 2012 لمساعدة العائلات محدودة الدخل، لكن البرنامج واجه مشاكل فساد في قوائم المنتفعين.
- تسعى الوزارة لتسريع توزيع المساكن بعد التدقيق في القوائم، حيث تم توزيع أكثر من 7,300 مسكن منذ 2016 وتخطط لإنجاز 13,400 مسكن بكلفة 346 مليون دولار.

يحلم رفيق بن أحمد (45 سنة)، الذي يُقيم في أحد الأحياء بالعاصمة تونس، بأن يحصل على أحد المساكن الاجتماعية التي خصصتها وزارة التجهيز والإسكان للفئات الهشة، وهو قدم طلباً للحصول على أحد هذه المساكن قبل أكثر من ست سنوات، لكنه لا يزال يضطر إلى تغيير المسكن الذي يقطنه كل مدة في انتظار أن يتحقق حلمه في الحصول على سكن لائق يؤويه مع أفراد عائلته.
يقول رفيق لـ"العربي الجديد": "انتظر بيأس أن أملك مسكناً، والحال أنّ مئات من المساكن الاجتماعية مغلقة منذ سنوات ولم توزع بسبب مشاكل فساد وسوء تصرف في تحديد قوائم من يستحقون الإفادة من برنامج وزارة التجهيز والإسكان". 
والحال ذاتها بالنسبة إلى عثمان (42 سنة) الذي ينتظر الحصول على أحد المساكن الاجتماعية منذ سبع سنوات، لكن اسمه لا يزال غير مدرج ضمن قائمة من سينتفعون من دون أن يعرف الأسباب، رغم أن ملفه استوفى كل الشروط المطلوبة. ويتحدث عثمان عن أنّ العديد من المساكن أنجزت في العاصمة التونسية، مثل منطقة سيدي حسين قبل أكثر من خمس سنوات، لكنها لم توزع على العائلات بسبب تعقّد الملف، وتعدد مسؤولي الوزارات والبلديات الذين يتدخلون فيه، وتعرّض القوائم لممارسات فساد، ما تطلب إعادة النظر في الملفات وعطّل توزيع المساكن".
وتشير إحصاءات رسمية إلى أنّ ربع التونسيين لا يملكون بيوتاً، وتتمركز غالبيتهم في المدن الكبرى على غرار العاصمة تونس وسوسة والمنستير وصفاقس، أي على الشريط الساحلي. ويقدّر سعر المتر المربع للشقق بآلاف الدولارات في مناطق عدة بهذه المدن. 
وتلجأ آلاف العائلات إلى الاقتراض من بنوك لاقتناء أو تشييد مساكن، لكن الإقبال قليل على هذا الأمر بسبب ضعف القدرة الشرائية وارتفاع نسبة الفائدة من 4% إلى 8%. وكشفت أحدث البيانات التي أصدرها البنك المركزي التونسي تراجع القروض السكنية في السنوات الأخيرة، إذ لم ترتفع نسبة العائلات التي حصلت على قروض لشراء مساكن إلا بنسبة 3.2% في العامين الأخيرين.
ومن أجل مساعدة العائلات محدودة الدخل، وضعت وزارة التجهيز والإسكان عام 2012 برنامج السكن الاجتماعي الذي يستهدف الفئات الهشة في الأساس. وحصل ذلك استناداً إلى قانون يضمن التوزيع المتوازن للمساكن في أنحاء تونس، وإنجاز مشاريع ومساحات اجتماعية تفيد العائلات ذات الدخل المحدود، وتحديداً غير الأجراء الذين لا تشملهم أي منظومة تمويل.

مئات المساكن الاجتماعية في تونس مغلقة، 7 إبريل 2024 (Getty)
مئات المساكن الاجتماعية في تونس مغلقة، 7 إبريل 2024 (Getty)

وحدد القانون من ينتفعون بالبرنامج العائلات التي لا تملك عقارات سكنية، ولا يفوق دخلها الشهري ثلاث مرات الحد الأدنى للأجور، ووضع آلية للانتفاع بحسب دخل العائلة ووضعها الاجتماعي. 
وحددت وزارة الشؤون الاجتماعية من يستحقون الانتفاع بالبرنامج، وطالبت العائلات التي ترغب في الحصول على مساكن اجتماعية بتقديم ملف للمعتمدية (التقسيم الإداري) التي تتبع لها، وتضمينه تصريحاً بصحة المعلومات المقدمة، وأخرى بالضرائب على مداخيل الأشخاص المعنيين.
ومع مرور الوقت، لم يقدم البرنامج مساكن لكل العائلات المحتاجة التي يفترض أن تنتفع به، وواجه الملف مشاكل تعلقت أساساً بشبهات فساد مالي وإداري في قوائم المنتفعين في مناطق عدة. وأجريت تحقيقات في هذه الشبهات أثبتت إدراج أسماء أشخاص لا تنطبق عليهم شروط الانتفاع بالمساكن المخصصة أساساً للطبقة الوسطى وتلك الأدنى مستوى، وأيضاً توزيع بعضها على غير المستحقين.
توضح سندس كريم، مديرة الشؤون العقارية في وحدة إنجاز برنامج السكن الاجتماعي، أنّه "جرى تسريع توزيع عدد كبير من هذه المساكن بعد التدقيق في القوائم التي قُدِّمت، والتأكد من أنها تستجيب للشروط القانونية. ومنذ عام 2016، جرى توزيع أكثر من 7 آلاف و300 مسكن لمستحقيها في 17 محافظة، وثمّة مساكن أخرى جاهزة ستسلم قريباً بعد دراسة الملفات المقدمة". 

ومؤخراً، ناقشت وزارة التجهيز والإسكان ملف السكن الاجتماعي، خصوصاً إزالة المساكن البدائية وتعويضها بأخرى جديدة أو ترميمها أو توسيعها، سواء بإعادة البناء في المكان نفسه أو بتوسيع المساكن القائمة وإضافة أجزاء. وانطلقت الأعمال الخاصة بمشاريع إنجاز 9 آلاف و527 مسكناً منها 7 آلاف و353 جاهزة حصل عليها منتفعون.
وبحثت الوزارة إنجاز مساكن اجتماعية أو تهيئة وتوفير مقاسم، وبرمجت إنجاز 13 ألفاً و400 مسكن ومقسّم بكلفة نحو 346 مليون دولار، من بينها 1689 مسكناً ومقسّماً جاهزة للتسليم استناداً إلى قوائم المنتفعين التي وضعتها لجان يشرف عليها ولاة. وهناك 2681 مسكناً في طور الإنجاز، ويجرى الاستعداد لبدء إنجاز 5 آلاف مسكن ومقسّم.  

المساهمون