"المدارس الصيفية" سلاح جديد للحدّ من الهدر المدرسي في المغرب
استمع إلى الملخص
- يشمل البرنامج أكثر من 90 ثانوية إعدادية و80 مركزاً للتفتح الفني والأدبي، بإشراف 1200 أستاذ ومؤطر، ويدعمه شركاء جمعويون، في إطار تنفيذ القانون الإطار 51.17 وخريطة الطريق 2022-2026.
- تهدف الجهود الحكومية إلى تقليص الهدر المدرسي إلى النصف بحلول 2026، من خلال برامج مثل "إعداديات الريادة" و"مدارس الفرصة الثانية"، وتوفير الدعم الاجتماعي في المناطق القروية.
فتحت سلطات المغرب جبهة جديدة في معركتها ضدّ الهدر المدرسي، لتشمل هذه المرة إطلاق برنامج جديد يحمل اسم "المدارس الصيفية"، ويستهدف أزيد من 31 ألف تلميذة وتلميذ من مستويات التعليم الابتدائي والإعدادي في مختلف جهات المملكة. ويُواجه المغرب تحدياً كبيراً يتمثل بمغادرة حوالي 280 ألف تلميذ للمؤسسات التعليمية سنوياً، من بينهم 160 ألف تلميذ في المستوى الإعدادي، وهو ما يمثل مؤشراً مقلقاً على اتساع رقعة الهدر المدرسي.
ويعدّ الانقطاع عن التعليم في المغرب من أبرز أوجه الاختلال الذي تعاني منه المنظومة التعليمية، بحسب ما تفيد تقارير رسمية، فيما ترتفع نسبة التسرب المدرسي خصوصاً في الأرياف، نظراً لبعد المدارس وارتفاع نسب الفقر. ومن أجل تحسين فرص إعادة الإدماج الدراسي، وتقليص مؤشرات الانقطاع عن الدراسة، يراهن برنامج "المدارس الصيفية" الذي أطلقته، أخيراً، وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، على تقوية التعلمات الأساسية وتنمية الكفايات الذاتية والمهارات الحياتية، من خلال تنظيم أنشطة تربوية وترفيهية تستمر لأسبوعين.
وجرى تخصيص أكثر من 90 ثانوية إعدادية و80 مركزاً للتفتح الفني والأدبي لاحتضان هذه الأنشطة، تحت إشراف وتأطير أزيد من 1200 أستاذة وأستاذ ومؤطّرة ومؤطر، بدعم من شركاء جمعويين وفاعلين في مجال التربية والتكوين، وفق وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة. موضحة أن هذا البرنامج يأتي في سياق تنفيذ مضامين القانون الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وتنزيلاً لأهداف خريطة الطريق 2022-2026، خاصة تلك المرتبطة بالحد من الهدر المدرسي وتعزيز الإنصاف وتكافؤ الفرص.
ويسعى البرنامج إلى الوقاية من الهدر المدرسي، وضمان حق المتعلمين في الاستمرارية الدراسية، من خلال اعتماد آلية اليقظة التربوية داخل المؤسسات التعليمية، وتوفير الدعم النفسي والبيداغوجي اللازم لضمان اندماج سلس وآمن في الحياة المدرسية خلال الموسم المقبل.
وبدا لافتاً في خضم المعركة التي تخوضها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ضد الهدر المدرسي، انضمام فعاليات مدنية في المغرب إلى الجهود الرامية إلى مواجهة هذه المعضلة. وفي السياق، أطلقت جمعية " أمل سلا" أمس الاثنين، فعاليات المخيم الصيفي بمؤسسة بئر أنزران بقرية أولاد موسى، بمقاطعة أحصين، بمدينة سلا، القريبة من العاصمة الرباط، وذلك ضمن برنامج "المدارس الصيفية"، الذي يستهدف التلميذات والتلاميذ من مختلف المستويات التعليمية.
وبحسب مؤسِس جمعية" أمل سلا"، يوسف الشفوعي، فإنه يُنتظر أن يساهم هذا المخيم في تحسين فرص إعادة الإدماج الدراسي، وتقليص مؤشرات الانقطاع عن الدراسة، من خلال اعتماد مقاربة شمولية تراعي الجوانب النفسية والتربوية، وتوفر الدعم اللازم لتحقيق اندماج سلس وفعّال خلال العام الدراسي المقبل. وأوضح الشفوعي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن إطلاق جمعيته، التي تتمتع بصفة المنفعة العامة، للمخيم الصيفي بمدينة سلا، يأتي في سياق كونها شريكاً في برنامج "المدارس الصيفية".
ولفت إلى أن المخيم سيستفيد منه أزيد من 140 تلميذة وتلميذاً من التعليمين الابتدائي والإعدادي على مستوى عمالة سلا، في أفق دعم مسارهم الدراسي والتربوي، خاصة التلاميذ المهددين بعدم إعادة التسجيل خلال العام الدراسي 2025-2026. وأكد المتحدث ذاته، أن هذا البرنامج يروم تقوية التعلمات الأساسية، وتنمية الكفايات الذاتية والمهارات الحياتية، من خلال تنظيم مجموعة من الأنشطة التربوية والتعليمية والترفيهية، في بيئة آمنة ومحفزة.
يشار إلى أن وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، كان قد أعلن في إبريل/ نيسان الماضي، عن خطة من أجل تقليص ظاهرة الهدر المدرسي إلى النصف بحلول عام 2026، في وقت ما زالت فيه مؤشرات الانقطاع الدراسي من أقسام الابتدائي والإعدادي والثانوي مرتفعة. وتستهدف الخطة، نحو 80 ألف تلميذ مهددين بالانقطاع عن التعليم الإعدادي، وتوجيههم إلى مسارات بديلة مثل "مدارس الفرصة الثانية"، حيث يتلقون تكويناً مهنياً يؤهلهم للاندماج في سوق الشغل، أو العودة لمتابعة دراستهم.
ولتفعيل الخطة، أطلقت الوزارة عدداً من البرامج، من أبرزها مشروع "إعداديات الريادة"، الذي يركز على توفير الدعم البيداغوجي داخل الأقسام، وتنظيم أنشطة موازية في مجالات الموسيقى، والرياضة، والمسرح، بهدف إعادة الثقة للتلاميذ وتعزيز ارتباطهم بالمؤسسة التعليمية. كذلك ترتكز خطة الوزارة على إحداث خلايا للتتبع النفسي والتربوي للأطفال المعرضين للهدر، اعتماداً على البيانات الرقمية المتوفرة في منظومة" مسار"، من أجل التدخل المبكر ومرافقة هؤلاء التلاميذ بشكل فردي.
ووفق الخطة، تعزز الجهود الحكومية في العالم القروي من خلال برامج الدعم الاجتماعي، عبر توفير النقل المدرسي والمطاعم ودور الإيواء، للحد من الانقطاع الناتج عن الفقر وبعد المسافة، وهي عوامل تساهم كثيراً في تفاقم الظاهرة. وتندرج هذه الإجراءات ضمن المبادرة السابعة من خطة الحكومة في مجال التشغيل، التي ترمي إلى خفض عدد المنقطعين عن الدراسة من 295 ألف تلميذ سنة 2024 إلى 200 ألف فقط في أفق 2026، في خطوة تهدف إلى تحويل التحدي التربوي إلى فرصة للتكوين والاندماج المهني والاجتماعي.
ومنذ سنوات يطمح المغرب إلى وقف الهدر المدرسي عبر مجموعة من البرامج التي توفر النقل المجاني والطعام والمبيت للتلاميذ الذين يقطنون بعيداً عن مقار تعليمهم، أو عبر تقديم الدعم المادي للأسر واستقبالها في سكن التلميذات والتلاميذ، مع مبادرة توزيع مليون حقيبة تضم لوازم مدرسية، بالإضافة إلى إنشاء مدرسة الفرصة الثانية التي تقدم دعماً مدرسياً للتلاميذ الذين تسربوا من التعليم.