المجتمع العلمي منقسم حول مصدر كورونا

المجتمع العلمي منقسم حول نظريات تسرب فيروس كورونا من مختبر ووهان

01 يونيو 2021
لا تتوقف الدعوات لإجراء تحقيق شامل (Getty)
+ الخط -

احتدم الجدل مجدداً في أوساط المجتمعات العلمية حول مصدر فيروس كورونا. ففي الوقت الذي يؤكد خبراء أن احتمالية تسربه من معهد ووهان لعلم الفيروسات أمراً "معقولاً"، يجادل خبراء آخرون في أن هذه التكهنات تتراوح بين ما هو "غير موثوق به على الإطلاق" إلى "بالكاد موثوق به".

ولا تتوقف الدعوات للسماح لمنظمة الصحة العالمية بالتحقيق الكامل في أصول الفيروس، بعد التقارير التي أفادت بأنه قد يكون تسرب من معهد ووهان لعلم الفيروسات بالصين.

ويطالب الكثير من العلماء بضرورة إجراء تحقيق شامل في أصول تفشي فيروس كورونا، إلا أنهم يختلفون حول مدى احتمالية هروبه من المختبر

هذا التطور في قضية أصل الفيروس وترجيح نظرية التسرب، نفتهما بكين بغضب مراراً، ما دفع المصادر الدبلوماسية الأميركية مؤخراً إلى إعادة الحديث عن إمكانية تسربه من المختبر، ومشاركة مخاوفها مع العلماء البريطانيين بشأن مصدر الفيروس، بحسب ما نقلته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية.

تحقيق شامل

ويطالب الكثير من العلماء بضرورة إجراء تحقيق شامل في أصول تفشي فيروس كورونا، إلا أنهم يختلفون حول مدى احتمالية هروبه من المختبر.

وقال أحد الخبراء، من دون الكشف عن اسمه، لصحيفة "الإندبندنت" إنه "معقول تماماً" أن يكون أصل الفيروس خرج من المختبر في الصين".

وكان الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، قد طالب في وقت سابق بالمزيد من الأبحاث للتأكد من "نظرية تسرب الفيروس". ولم يخف غيبريسوس حقيقة أن جميع الفرضيات حول أصل الفيروس الذي يسبب كورونا "تبقى على الطاولة" للمناقشة.

الصورة
(Getty)

موقف غيبريسوس لم ترحب به الدكتورة فيليبا لينتزوس، باحثة الأمن البيولوجي في كينجز كوليدج لندن، التي قالت في حديث خاص لصحيفة الإندبندنت: "إن نظرية التسرب في المختبر معقولة تماماً"، معتبرة أن الثغرات الأمنية في مسار البحث العلمي أمر معتاد في المختبرات في جميع أنحاء العالم، ولذا فإن مجرد طرح فكرة أن الفيروس قد يكون نشأ في المختبر أمر لا بد أن يؤخذ على محمل الجدّ.

وأضافت: "على الرغم من أنه لا يوجد دليل ملموس على الانتشار الطبيعي أو التسرب من المختبر، ولكن هناك أدلة ظرفية متزايدة على حدوث التسرب، وتحتاج هذه النظرية إلى تحقيق شامل وموثوق".

وبالمثل، تبنى روبرت إف غاري، عالم الفيروسات بجامعة تولين الذي حلل تسلسل الجينوم لفيروس كورونا الجديد، وجهة نظر "لينتزوس"، ورحب بأهمية التحقيق في أصول الفيروس. وقال: "آمل أن تأخذ وكالات الاستخبارات بعض المعلومات العلمية في الاعتبار عند تقييمها لأصول الفيروس". وطالب إدارة الرئيس جوزيف بايدن والوكلاء البريطانيين بضرورة رفع السرية عن هذه المعلومات في أسرع وقت ممكن، حتى يتم استخدامها للتخلص من حالة عدم اليقين بشأن أصول فيروس كورونا". ومع ذلك، قال "إنه يشك في أن الوباء ظهر من تسرب ما في المعهد".

دراسات ميدانية

غاري يرى أنه من الضروري التحري عن سلسلة الحياة البرية لمعرفة أصول الفيروس، لأنه وبحسب اعتقاده، فإن التحري عن سلسلة الحياة البرية قد يساعد في تنسيق الجهود الدولية لتحديد مصادر فيروسات كورونا الأخرى التي قد تصبح الفيروس الوبائي التالي.

ورجّح  نظرية أن الفيروس قد تسرب، لكن سأل عن الفرضيات التي تندرج تحت هذه النظرية، فقال "هناك تكهنات بأن الفيروس قد تمت هندسته، فيما فرضيات أخرى تشير إلى أنه تم التلاعب به بطريقة أخرى، ولكن لا يوجد أي دليل على الإطلاق على هذه الفرضيات، بل في المقابل، هناك أدلة كثيرة تشير إلى العكس من ذلك".

الصورة
(Getty)

 

تحتوي جينومات الفيروسات التاجية المتسلسلة المأخوذة حديثاً من الخفافيش التي تم التقاطها في كمبوديا وتايلاند واليابان على مجموعات مختلفة من "الأشكال المسننة" المحددة التي تم وصفها لأول مرة في فيروس كورونا، ووفق الدكتور غاري، فإن هذه الفيروسات تتفق مع الأصل الطبيعي لفيروس كورونا وتتعارض بشدة مع أي نوع قد تم التلاعب به في المختبر، لافتاً إلى أن "النظرية الهجينة" التي تشير إلى أن الفيروس أصاب عالِما كان يقوم بعمل ميداني ثم انتشر المرض بدون أعراض، أو تم إطلاقه من دون علم بعد إعادته إلى المختبر، هي أيضاً فرضيات "بالكاد موثوقة".

ووفق الدكتور غاري، فإن تفشي مرض السارس بين عامي 2002 و2004 كان قد ارتبط بتجارة الحياة البرية، ومن المرجح أن يكون تفسير مماثل لهذه النظرية السبب في تفشي فيروس كورونا الجديد.

تشير العديد من المصادر المستقلة إلى أن أنواع الحياة البرية المعرضة للإصابة بفيروس كورونا، بما في ذلك حيوانات الراكون، تم بيعها في سوق هوانان وأدت إلى انتشار الفيروس، ما يفسر ارتباط أصله بالحياة البرية أو تجارة الحياة البرية بشكل كامل.

من جهته، رأى لورانس س. يونغ، عالم الفيروسات وأستاذ علم الأورام الجزيئي في كلية الطب في وارويك، "أنه بغض النظر عن الروايات التي تتحدث عن أصل الفيروس، من المهم أن تتمتع منظمة الصحة العالمية بوصول غير مقيد إلى السجلات المختبرية من معهد ووهان لعلم الفيروسات".

في المقابل، رأى البروفسور ديل فيشر، وهو واحد من فريق منظمة الصحة العالمية الذي زار الصين، أن نظرية التسرب من المختبر لم يتم استبعادها ولكن هناك القليل من الأدلة على ذلك. وقال لشبكة بي بي سي راديو 4 البريطانية "إن نظرية التسرب من المختبر ليست مطروحة على الطاولة بشكل كبير، وهناك المزيد من الأبحاث التي يتعين القيام بها".

من جهته، اقترح تشارلز بارتون، الدبلوماسي السابق الذي عمل في الصين وهو زميل مساعد كبير في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، بذل الجهود للوصول إلى السجلات المختبرية الصينية للتوصل بشكل قاطع إلى حد ما حول كيفية ظهور الفيروس، مرجحاً أن يكون قد تسرب بالفعل من المختبر.

وختم قائلاً "إن كان الأمر كذلك -وهو أمر مهم- لكن لا ينبغي لنا، كأطباء وخبراء، إلقاء اللوم كثيراً حول من يقف وراء التسرب".

المساهمون