استمع إلى الملخص
- يعبر المتقاعدون عن خيبة أملهم من السياسات الحكومية المتعاقبة، حيث لم تحقق حكومة شهباز شريف التوقعات بزيادة الرواتب، ويشعرون بأنهم محرومون من حقوقهم الأساسية رغم أن هذه المخصصات جزء من مرتباتهم.
- يعاني المتقاعدون من مشاكل اجتماعية واقتصادية، ويطالبون الحكومة بتوفير حياة كريمة بعيداً عن السياسات الحزبية، تتناسب مع خدماتهم للبلاد.
تعاملت الحكومات التي تعاقبت على باكستان خلال السنوات الأخيرة مع المتقاعدين باعتبارهم عبئاً على الخزينة التي تخضع لخفض شديد في الإنفاق، لكن أحوالهم تزداد سوءاً وسط تدهور الاقتصاد وتراجع الخدمات
بسبب الوضع المعيشي الصعب القائم في باكستان وسط تراكم الديون وقلّة الميزانية، باتت الحكومة عاجزة عن الاهتمام بكثير من الشرائح المجتمعية، منها شريحة كبار السن، المتقاعدين خصوصاً، الذين أمضوا حياتهم وعمرهم في خدمة البلد، وباتوا يتوقعون أن تقدم لهم الحكومة ما يحتاجونه من رعاية صحية وخدمات أخرى.
يقول محمد جهازيب خان (72 عاماً)، وهو متقاعد من إدارة الكهرباء والماء، لـ"العربي الجديد": "أمضيت شبابي وعمري في خدمة الوطن، وعشت منذ أن بدأت العمل حتى التقاعد براتب لم يلبِ يوماً كل احتياجات الحياة، فلم استطع بالتالي أن أدخر شيئاً لمستقبلي. وحالياً أتوقع أن تقدم الحكومة ما أحتاج إليه فهذا حقي".
يضيف: "أطالب الحكومة الباكستانية بأن تزيد قيمة راتب التقاعد كي أوفر لنفسي ولأهلي ما يحتاجون إليه، وهو ما لا يمكن أن أفعله بالراتب الحالي الذي أعتبره نعمة لكنه قليل لتسديد تكاليف احتياجات الدواء والغذاء والصحة وغيرها، في حين يزداد الغلاء باستمرار، ويشمل كل ضروريات الحياة".
وفعلياً اعتبرت الحكومات التي تعاقبت على باكستان خلال الأعوام العشرة الأخيرة أن ميزانية المتقاعدين عبء كبير عليها، وأنه يجب خفض مرتباتهم. وقال وزير الشؤون الاقتصادية الحالي محمد أورنك زيب خلال تقديم الميزانية للبرلمان للمصادقة عليها في يونيو/حزيران الماضي: "وضعت الحكومة خطة شاملة للتعامل مع المتقاعدين الذين تريد أن تقدم لهم خدمات جيدة، لكن يصعب أن تزيد رواتبهم كل عام".
تابع: "الميزانية الحالية للمتقاعدين عبء كبير جداً، ولا يمكن أن تتحمل أي زيادة"، علماً أن المتقاعدين كانوا يتوقعون أن تزيد حكومة رئيس الوزراء الحالي شهباز شريف مرتباتهم بعدما طبق رئيس الوزراء السابق عمران خان سياسة ضد حقوقهم.
ويقول الناشط معراج الدين، وهو متقاعد من وزارة التعليم، لـ"العربي الجديد": "خيّب رئيس الوزراء السابق عمران خان آمال المتقاعدين من خلال إصراره على أن ميزانيتهم عبء كبير، ومعارضة زيادة رواتبهم، لذا توقعوا أن يتعامل شهباز شريف بمرونة أكبر معهم باعتبارهم فئة معوزة، لكن حكومته تبنت بدورها سياسة عارضت هذه التطلعات".
من جهته، يرى الخبير القانوني محمد عامر أن خدمات التقاعد وزيادة الرواتب حقوق قانونية للمتقاعدين، ويقول لـ"العربي الجديد": "مخصصات المتقاعدين مبالغ حُسمت من مرتباتهم حين كانوا يعملون لأن الحكومة تبقي جزءاً من مرتبات الموظفين وتحتفظ به حتى التقاعد. وعندما يتقاعدون تدفع الحكومة جزءاً كبيراً من مرتبات المتقاعدين مما جمعته، وتقدم بدورها جزءاً من المبالغ، لذا لا بدّ من وضع ميزانية خاصة للمرتبات التي حسمت في الأساس من حقوق الموظفين أثناء عملهم".
يضيف: "تحاول كل حكومة أن تجد لنفسها طريقة مرنة للخلاص من أعباء الميزانية. وعندما يكون أعضاؤها في المعارضة يتبنون سياسة تزعم إرضاء المتقاعدين، وهذا ما فعله رئيس الوزراء الحالي شريف عندما كان يدافع من موقعه في المعارضة عن حقوقهم ويقول أن حكومة عمران خان تسببت بتدهور الوضع الاقتصادي ثم حرمت الشريحة الضعيفة من كبار السن والمتقاعدين من لقمة العيش. ونظم حزبه (الرابطة الإسلامية) اعتصامات وتظاهرات للمطالبة بحقوق المتقاعدين، أما اليوم فتعارض حكومته رفع المرتبات".
وبعيداً عن سياسات الأحزاب في التعامل مع المتقاعدين تعاني هذه الشريحة مشاكل كثيرة. يقول المتقاعد من مديرية السكة الحديد محمد إلياس (68 عاماً) لـ"العربي الجديد": "لم أتوقع أن أصل إلى حالتي اليوم. ادخرت حين كنت أعمل جزءاُ من مالي للتقاعد، واشتريت منزلاً ثم زوجت ثلاثة من بناتي واثنين من أبنائي، لكن الأبناء تخاصموا في ما بينهم، وباعوا المنزل ووزعوا المال الذي حصلوا عليه بينهم. وهكذا استأجرت منزلاً صغيراً يتضمن غرفة واحدة للسكن مع زوجتي، وأدفع كل راتب التقاعد الذي أتقاضاه لإيجار المنزل وفواتير الكهرباء والغاز، ويبقى بعض المال للطعام والدواء. وطوال الشهر نأكل اللحم مرة واحدة، علماً أنني أعاني مع زوجتي أمراضاً كثيرة، ونحتاج إلى طعام مناسب وعلاج ودواء لا يمكن أن نحصل عليهما من خلال هذا الراتب". يتابع: "يجب ألا تتعامل الحكومة مع المتقاعدين وحقوقهم على أساس سياسي، ومن الضروري أن تعطيهم حقوقهم كي يعيشوا أسوة بباقي الناس".