اللغة الروسية... "هيمنة ناعمة" على سورية

اللغة الروسية... "هيمنة ناعمة" على سورية

24 نوفمبر 2022
يتعلم تلاميذ مدارس سورية اللغة الروسية أيضاً اختيارياً (أمير قريشي/ فرانس برس)
+ الخط -

تعتبر روسيا لغتها عاملاً مهماً لبسط هيمنة قواتها على سورية والتغلغل فيها، وهو ما يؤكده مسؤولون كثيرون، أحدهم المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، في كلمة ألقاها على هامش منتدى "المعارف الجديد" الذي استضافته موسكو العام الماضي، مشدداً على ضرورة مواصلة العمل في مجال "القوة الناعمة" المتمثلة في اللغة الروسية.
ومنذ عام 2018، اتخذت روسيا خطوات حقيقة لنشر لغتها في سورية، من خلال افتتاح أول مدرسة لتعليمها. وأعقبت ذلك خطوات، منها افتتاح معاهد لتعليم اللغة وروضات للأطفال، في حين أدخل النظام السوري اللغة الروسية في مناهج الدراسة تمهيداً لتحويلها إلى لغة رئيسية، علماً أن الثقل الأكبر لتعليم اللغة الروسية يتركز حالياً في مناطق الساحل. 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

ويؤكد الناشط الإعلامي حسام الجبلاوي، لـ"العربي الجديد"، أن "مدينة جبلة وحدها تضم 3 معاهد لتعليم اللغة الروسية، افتتح آخرها قبل عدة أشهر. وهناك إقبال من السكان على تعليم أبنائهم اللغة الروسية. وبين الأسباب التي تدفع إلى تعلم اللغة الروسية، خاصة بالنسبة إلى طلاب الجامعات، إمكان الحصول على منح للدراسة في روسيا، وهو أمر متاح في جامعة تشرين، أما السبب الثاني فالسعي إلى الحصول على فرصة عمل في قاعدة حميميم".
 يضيف: "توجد 5 معاهد لتعليم اللغة الروسية في اللاذقية، في حين لم يكن يوجد أي معهد قبل التدخل الروسي في سورية. واليوم، أصبحت الروسية لغة اختيارية في المدارس، وهناك إقبال عليها يرتبط بالوجود الروسي في الساحل، واهتمام مؤيدي النظام بتعلمها من باب رد الجميل لتدخلها العسكري إلى جانب النظام. وقد افتتحت جامعات تابعة للنظام أقساماً لتدريس اللغة الروسية، وزار وفد روسي جامعة تشرين، حيث شاركت فتاة في أداء أغنية أثناء افتتاح الاجتماع التنسيقي بين الوفدين السوري والروسي في دمشق".
وكانت وزارة التعليم العالي التابعة لحكومة النظام السوري افتتحت، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، قسماً لتدريس اللغة الروسية وآدابها في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة دمشق. وأعقب ذلك إدراج وزارة تربية النظام اللغة الروسية ضمن المناهج الدراسية بدءاً من العام الدراسي 2015- 2016.
وفي يونيو/ حزيران 2022، أكد وزير التربية في حكومة النظام السوري دارم طباع حرص الوزارة على تشجيع تبادل الخبرات والوفود الطلابية عبر استقبال الطلاب الروس في سورية، مشدداً على "أهمية تعليم اللغة الروسية، وبناء قدرات كوادر التدريس"، لافتاً إلى الإقبال الكبير على تعلم اللغة الروسية رغم عدم توفر كوادر تدريسية كافية.

الصورة
أعلام روسية مؤيدة للحرب على أوكرانيا في جامعة دمشق (لؤي بشارة/ فرانس برس)
أعلام روسية مؤيدة للحرب على أوكرانيا في جامعة دمشق (لؤي بشارة/ فرانس برس)

ويعلّق المدرس عيسى الحسن (52 عاماً) على تدريس اللغة الروسية والتركيز على الساحل السوري بالقول لـ"العربي الجديد": "تعلّم أي لغة جديدة إثراء للثقافة والعلم إذا أتيح ذلك للجميع من دون تمييز وحصل باختيارهم، واللغة الروسية وأدبها ثريان ولهما تاريخ، لكن يجب أن نفصل حالياً بين اللغة الروسية وتوظيف اللغة من قبل النظام الروسي، فروسيا في الوقت الحالي لا تسعى إلى دعم التعليم بشكل بريء في سورية، والأمر نفسه ينطبق على تعليم لغتها، بل تستخدمها لأهداف، ما يسبب إشكالية خاصة في الساحل السوري".
يضيف: "المشكلة الثانية أن هناك توجهاً لتعليم اللغة الروسية لفئات معينة من دون غيرهم، ما يحدث شرخاً وأزمة، وهناك تساؤلات كثيرة عن أهداف قصف روسيا المدارس في إدلب وريف حمص وريف حلب والكثير من المناطق السورية، وكذلك عن أسباب امتناع النظام الروسي عن تعليم اللغة الروسية لغير المنتسبين إلى مدارس الساحل، ما قد يشير إلى أن اللغة الروسية أصبحت أداة للاستغلال والهيمنة تسخرها روسيا لتكريس الهيمنة الثقافية، وليس للتعريف بالأدب الروسي أو نتاجه عبر التاريخ. وهي لن تحاول تعليم أطفال مدن الساحل من دون مقابل، فمشروعها يشبه ما تنتهجه إيران، بغض النظر عن البعد الديني".
وخلال لقائها نظيرها في حكومة النظام السوري في يونيو/ حزيران الماضي، أكدت مديرة التعاون والتخطيط الدولي في وزارة التربية الروسية، نادييجدا سيرغيفينا ستاتورا، اهتمام وزارة التربية الروسية بالطلاب السوريين وبتدريسهم اللغة الروسية، مشددة على سعي بلادها لاستحداث ثلاثة مراكز لتعليم اللغة الروسية، بإشراف فريق مشترك من وزارتي التربية الروسية والسورية من أجل تطوير الكتابة المدرسي باللغة الروسية للصفين السابع والثامن في مدارس النظام السوري، لأن اللغة الروسية ستفتح مجالات لتبادل الخبرات بحسب ما قالت.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

بدوره، يلفت عبد الله (60 عاماً)، وهو من سكان مدينة اللاذقية، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن "التركيز على تعلم اللغة الروسية في الساحل السوري بالدرجة الأولى يشمل أبناء مسؤولي النظام وغيرهم من الموالين، فهم أصحاب الفرص في نيل تصاريح الانضمام إلى بعثات دراسية في روسيا وليس غيرهم من عامة الشعب، وهذا نهج واضح في سورية باختيار طلاب البعثات حتى في مرحلة ما قبل الثورة. وهكذا يكون تعلم اللغة الروسية متاحاً للجميع نظرياً، لكن فائدته محصورة بفئة معينة".
ويفيد موقع "روسيا اليوم" بأن "إقبال الطلاب على تعلم اللغة الروسية يزداد في المدارس السورية، ووصل عددهم إلى نحو 35 ألفاً في معظم المناطق التي يسيطر عليها النظام".

المساهمون