اللاجئ محمد الزعبوطي... معالم صفد أمام عينيه

اللاجئ محمد الزعبوطي... معالم صفد أمام عينيه

23 يناير 2022
محمد الزعبوطي (العربي الجديد)
+ الخط -

رغم السنوات الكثيرة التي عاشها لاجئاً، لم ينسَ الفلسطيني محمد صبحي الزعبوطي المقيم في مخيم برج البراجنة في بيروت، مدينته الجميلة المحببة إلى قلبه صفد، والتي يتمنى العودة إليها والموت فيها. يتذكر اليوم صور بيوتها وساحاتها وسوقها وكنائسها ومساجدها ومعابدها، والتي ترتسم أمامه مثل لوحات رسمها فنان.
يقول الزعبوطي لـ"العربي الجديد": "عاش جميع سكان صفد من مسيحيين ويهود ومسلمين، من دون أن يشعروا بأن شيئاً يفرقهم عن بعضهم البعض. ثم غيّر دخول الاستعمار الإنكليزي المدينة الحال بينهم، ووضع شريطاً فرّق اليهود عن المسلمين والمسيحيين، ومنعهم من الاقتراب من بعضهم البعض".
ويروي أنّه عاش مع أسرته حياة مستقرة، ومن "خيرات" والده الذي كان ينقل الفاكهة والخضار بعربة "كارو" تجرها خيول، ويتنقل بين المدن والقرى، ويسافر إلى لبنان وسورية، حتى أجبر الاستعمار الأسرة على ترك البيت من دون حمل أيّ شيء، حتى الملابس، تحت تهديد السلاح والحرب.
يضيف: "ليتني أموت في صفد حيث أطلقت صرختي الأولى عند ولادتي. لقد ترعرعت فيها وأحفظ معالمها التي لا تزال أمام عيني حتى الآن. كانت تضم سوقا يقصده الأولاد لبيع اللبن والدجاج والبيض، ومدرسة علمني فيها أستاذ مسيحي، قبل أن أتركها حين كنت في الصف الثالث الابتدائي".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

وفي ذكريات الخروج المؤلم، يخبر أنّ "الإنكليز ضيقوا على أبناء صفد ومنعوهم من التحرك، قبل أن يطاول رصاص العدو الصهيوني الناس والبيوت، فحاولنا الاختباء قدر الإمكان، ثم بدأ الناس في الخروج فانضممنا إليهم وتوجهنا سيراً على الأقدام إلى بلدة بنت جبيل، جنوبي لبنان، حيث مكثنا خمسة أشهر". 
ويتابع: "لاحقاً، طالبت الدولة اللبنانية بأن يترك جميع اللاجئين البلدة إلى مكان آخر، فانتقلنا إلى بلدة شحيم بقضاء الشوف التي بقي أهلي فيها، بينما توجهت مع شقيقي إلى مخيم برج البراجنة حيث التحقنا بمدرسة مجانية بقيت فيها حتى الصف الثاني المتوسط، قبل أن أتركها بسبب الوضع المعيشي السيئ، وأبدأ في العمل والإنفاق على البيت، بينما تابع شقيقاي الدراسة". 
يضيف أنّه انتقل لاحقاً للعيش في دمشق التي تعلم فيها مهنة الخياطة، ثم عاد إلى لبنان وعمل في محل خياطة ببيروت. ويتذكر بحسرة أنه كان يجتمع مع شقيقيه في بيت واحد في مخيم برج البراجنة، "أما اليوم فتفرقنا عن بعضنا البعض، إذ سافر أخي الصغير بعدما أنهى تعليمه إلى السعودية للعمل، وكذلك الأوسط إلى مصر، أما أنا فتزوجت وبقيت في المخيم.
وبعد الحياة المريرة التي عاشها، لم يعد الزعبوطي يقوى على العمل بسبب عدم قدرته على المشي، ويقول: "أعيش مع زوجتي، ويقدم أولادي مساعدة مادية لي بحسب قدرتهم، وكذلك ابنتي التي تعمل معلمة في مدرسة الجليل ببيروت. كما أتقاضى راتباً من منظمة التحرير الفلسطينية. ونعيش بالتالي بحسب إمكاناتنا".

المساهمون