الكويت: وافدون ومواطنون عالقون في الخارج

الكويت: وافدون ومواطنون عالقون في الخارج

14 فبراير 2021
المطار شبه خالٍ (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

ما زالت دول عدّة تجد نفسها مضطرة إلى حصر حركة الطيران المدني حتى تتمكّن من ضبط تفشي الفيروس في داخل أراضيها. الكويت واحدة منها، ويجد مواطنوها، كما الوافدون المقيمون فيها، أنفسهم متضرّرين من قرارات في هذا السياق

علق آلاف من الوافدين المقيمين في الكويت ومئات من المواطنين الكويتيين في خارج البلاد، عقب قرارَين اتخذتهما السلطات الصحية الكويتية في إطار أزمة كورونا. القرار الأوّل يقضي بتقليل رحلات سفر الكويتيين إلى الوطن، مع إلزامهم بالحجر المؤسسي على حسابهم الخاص. أمّا القرار الثاني، فيقضي بوقف دخول الوافدين إلى الكويت نهائياً، وذلك إلى أجل غير محدّد حتى الآن.
هكذا، وجد وافدون مصريون وهنود من حملة إقامات العمل في الكويت، أنفسهم عالقين في مدينة دبي الإماراتية. هم كانوا قد توجّهوا إليها من بلدانهم، بهدف الإقامة فيها لمدة 14 يوماً قبل الانتقال إلى وجهتهم الأخيرة، الكويت. وهم عمدوا إلى ذلك بسبب حظر الحكومة الكويتية استقبال الوافدين الآتين من عدد من الدول مباشرة. واليوم يجد هؤلاء أنفسهم تحت رحمة قرار السلطات الصحية الكويتية، ومجبرين على تحمّل تكاليف مالية كبيرة نتيجة ارتفاع مصاريف السكن والمعيشة في دبي.

أحمد حنفي، عامل مصري ترك بلاده وتوجّه إلى دبي لفترة محددة قبل إنهاء رحلته في الكويت حيث يعمل في شركة مقاولات، يخبر "العربي الجديد": "عمدت إلى حجز ما يُسمّى باقة الترانزيت التي تشمل تكلفة تذكرة سفر إلى الإمارات وتكاليف الإقامة فيها وتكاليف فحص فيروس كورونا، بالإضافة إلى تكلفة تذكرة السفر إلى الكويت وتكاليف الحجر المؤسسي فيها، لكنّني فوجئت بأنّ الكويت قرّرت منع الوافدين من الدخول إليها. وهذا ما يجعلني مضطراً إلى العودة إلى مصر، على الرغم من أنّني دفعت نحو سبعة آلاف دولار أميركي حتى أتمكّن من الوصول إلى الكويت". ويؤكد حنفي أنّ "من حقّ الكويت إغلاق مطارها ومنع أيٍّ كان من دخول أراضيها، لكونها دولة ذات سيادة وتحاول الحفاظ على منظومتها الصحية من الانهيار. لكن ما لا يمكن فهمه، أنّنا علقنا في مدينة أخرى خارج وطننا، وفي دولة خليجية، كما طلبت منّا الكويت... كيف يمكن أن يحدث هذا؟".
من جهته، يحكي أحمد سعيد، وهو محاسب مصري يعمل في القطاع الخاص في الكويت، قصته مع الترانزيت. يقول لـ"العربي الجديد": "كنت أقضي إجازتي السنوية في مصر عندما أغلقت السلطات الصحية مطار الكويت في منتصف عام 2020. وبعد إعادة فتحه واستمرار الحظر المفروض على مصر، قرّرت التوجه إلى تركيا، ومنها إلى الكويت، وقد كلفتني الرحلة 2000 دولار أميركي آنذاك". يضيف: "كنت محظوظاً لأنّني تمكنت من العبور، ومحظوظاً لأنّ ذلك حصل عبر دولة رخيصة نسبياً، ومحظوظاً لأنّ وظيفتي جيدة وأملك مالاً كافياً. لكن ماذا عن العمالة الفقيرة التي تعمل في مهن ذات رواتب متواضعة جداً لا تكفي احتياجات أهالي أصحابها في مصر، فضلاً عن مدينة غالية من الناحية المعيشية مثل دبي؟". 
أمّا أحمد المطيري، وهو طالب كويتي يتابع دراسة الأدب العربي في العاصمة الأردنية عمّان، فيخبر "العربي الجديد" أنّه حاول العودة إلى الكويت بسبب ظرف عائلي طارئ، لكنه لم يجد أيّ تذكرة سفر متوافرة في الأيام القليلة المقبلة، بالإضافة إلى أنّ "تذاكر السفر المتوافرة بعد أسبوع أو اثنَين تصل أسعارها إلى 1000 دينار كويتي (نحو 3300 دولار أميركي) تشمل رسوم الحجر المؤسسي المفروضة على الجميع". ويرى المطيري أنّ "المشكلة حكومية بالمقام الأوّل، وذلك لأنّ السلطات الصحية تتّخذ قرارات متناقضة في كلّ يوم، وهو ما يسبّب توتراً لدى جميع الكويتيين الذين يتابعون دراستهم في الخارج أو لديهم ارتباطات في العمل خارج الكويت"، مستهجناً "قرار تقليل عدد الرحلات المتوجهة إلى الكويت وتحديد عدد الركاب في كل طائرة، بما لا يتجاوز 35 راكباً".
في السياق، تواصلت "العربي الجديد" مع أكثر من مسؤول في الإدارة العامة للطيران المدني، وهي الجهة المعنية بإدارة مطار الكويت الدولي وحركة الطيران في الكويت، غير أنّ المسؤولين جميعاً فضّلوا عدم التصريح بأسمائهم، فيما أكدوا أنّ "القرارات الخاصة بتقليل أعداد الرحلات أو وقفها في ما يخصّ الوافدين، هي قرارات السلطات الصحية، وما على إدارة الطيران سوى تطبيقها".

ويلفت مسؤول بارز في إدارة الطيران المدني، متحفّظاً كذلك عن الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "لدينا وجهة نظر أخرى في ما يخص الإجراءات التي طلبت منا تطبيقها السلطات الصحية، لكنّنا ملزمون باتّباع توجيهاتها، لكون الأزمة أزمة طبية وليست أزمة نقل وطيران، ولكون الأزمة لدينا مجرد أثر لأزمة أكبر". يضيف: "أنا آسف من أجل أولئك العالقين في الخارج، لكنّ القرار ليس بيدنا". من جهتها، لم تعلّق وزارة الصحة الكويتية على أسئلة "العربي الجديد" عن الآثار المترتبة عن وقف السماح للوافدين المقيمين في الكويت والعالقين في مدن الخليج بالدخول إليها.

المساهمون