القوات العراقية تخوض حرباً غير معلنة ضد شبكات تهريب وترويج المخدرات

القوات العراقية تخوض حرباً غير معلنة ضد شبكات تهريب وترويج المخدرات

20 نوفمبر 2021
تتواصل الحرب ضد شبكات وعصابات ترويج المخدرات (Getty)
+ الخط -

تخوض وحدات جهاز الأمن الوطني والشرطة العراقية، منذ أسابيع، حرباً واسعةً على شبكات وعصابات ترويج المخدرات بمختلف أنواعها في بغداد ومدن عدة من البلاد، وذلك ضمن حملة واسعة أوعز بها رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، بعد تقارير تؤكد ارتفاع ظاهرة تعاطي المواد المخدرة واتساع شبكات تجارتها، مع التأكيد أن أكثر من 70 بالمائة من الجرائم المرتكبة داخل المجتمع، وخاصة العنف الأسري، يتورط فيها مدمنون على المخدرات.

وفي هذا السياق، يقول مسؤول عراقي بارز في وزارة الداخلية ببغداد إنّ "قوات الأمن تخوض حرباً منذ أسابيع مع شبكات تهريب وترويج المخدرات، راح ضحيتها عدد من ضباط وأفراد الأمن خلال مواجهات مسلحة مع تلك العصابات في بغداد والبصرة وديالى ومناطق أخرى من البلاد".

وأوضح أن "وحدات من جهاز الأمن الوطني والشرطة العراقية نجحت خلال أقل من شهر واحد بضبط نحو مليوني حبة مخدرة، إضافة إلى 70 كيلوغراماً من مواد مخدرة مختلفة، بينها الحشيش والهيرويين والكريستال، غالبيتها كانت قادمة من إيران أو سورية وتوزع وتباع في مناطق عدة من البلاد، كما تم اعتقال ما لا يقل عن 130 متورطا بالترويج والتجارة".

وأشار المسؤول إلى تمتع عصابات ترويج المخدرات بحماية ضمنية من فصائل مسلحة، وأخرى يتورط أفراد من تلك الفصائل بهذا النوع من تجارة الممنوعات داخل المجتمع.

وأمس الجمعة، أعلن جهاز الأمن الوطني العراقي عن تفكيك شبكة لتجارة المخدرات بحوزتها 26 كيلوغراما من المواد المخدرة في العاصمة بغداد، وذكر البيان أنه "بعملية نوعية تم نصب كمائن في منطقتي الحسينية والغزالية أسفرت عن الإطاحة بشبكة من أكبر شبكات تجارة المخدرات في العاصمة، كما جرى استدراج الناقل الرئيسي لهم من محافظة ميسان وإلقاء القبض عليه، والذي قادت اعترافاته إلى اعتقال صاحب المخزن التابع للشبكة".

ووفقاً للبيان، فقد تم ضبط بحوزتهم 16 كيلوغراما من مادة الكريستال (من المواد المخدرة) و8 كيلوغرامات من مادة الحشيشة، و8 آلاف حبة نوع كبتاغون، فضلاً عن أدوات تعاطي وسلاح ناري.

ويأتي البيان بعد يوم واحد من إعلان قائد جهاز مكافحة المخدرات التابع لوزارة الداخلية العراقية العقيد زياد القيسي عن إلقاء القبض على أكثر من 17 ألف متهم بالتعاطي وتجارة المخدرات في العراق خلال 22 شهرا، مشيراً إلى انتشار الظاهرة في المحافظات والمدن الحدودية التي تتميز بكثرة منافذها البرية والمائية بشكل كبير.

القيسي قال في إيجاز قدمه للصحافيين إنه "منذ نهاية أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام، قامت مديرية مكافحة المخدرات بإلقاء القبض على أكثر من 17 ألف متّهم بالتعاطي والتجارة والترويج للمواد المخدرة، كذلك ضبط أكثر من 900 كيلوغرام من المواد المخدرة، فضلاً عن مصادرة أكثر من 19 مليون حبة ومؤثر عقلي".

وبحسب القيسي، فإنّ أكثر المواد رواجاً في العراق هي "الكريستال، الحشيش، الأفيون، والهيرويين".

وأوضح أن أكثر المحافظات التي تنتشر فيها تجارة وتعاطي المخدرات هي المحافظات الحدودية التي تتميّز بكثرة المنافذ البرية والمائية فيها.

وأكد أن هناك عوامل كثيرة تساهم بشكل كبير في انتشار جريمة تجارة وتعاطي المخدرات في العراق، وعلى رأسها الفقر، والبطالة، وسوء الأوضاع المعيشية، ويلاحظ ازدياد انتشار الآفة الاجتماعية في البلد مقارنة مع الوضع في الأشهر الخمسة الماضية.

ولفت إلى زيادة نسبة التجّار والمتعاطين الذين ألقي القبض عليهم في العام الحالي مقارنة بالعام الماضي 2020، عازياً ذلك إلى "عزم الحكومة على ملاحقة الظاهرة، وحصر وتضييق الخناق على هذه التجارة غير القانونية".

وأضاف القيسي: "هناك حملات كثيرة نظمت للحدّ من الظاهرة"، مشيراً إلى تخصيص خط 178 الساخن لتلقّي الشكاوى والبلاغات من المواطنين عن حالات التجارة وتعاطي المواد المخدرة، وهو "خط مجاني يحفظ المكالمة قيد الكتمان".

وأمس الجمعة، تحدّث محافظ النجف، جنوبي العراق، لؤي الياسري عما وصفه بالمؤامرة التي تستهدف المجتمع من خلال المخدرات.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) عن الياسري قوله إن "هناك جهوداً كبيرة تبذل من قبل مختلف الأجهزة الأمنية بالمحافظة لمنع تجارة المخدرات"، لافتا إلى أن "هناك رعاية صحية لمعالجة المتعاطين، وأن الحكومة المحلية تدرس وضع خطة عليا للقضاء على هذه الآفة بالتعاون مع جميع الدوائر ذات العلاقة".

وقال الناشط الحقوقي أحمد كمال الطائي إنّ تقارير وزارة الداخلية الأخيرة تتحدث عن أن أغلب الجرائم المنفذة بالمجتمع يتورط بها متعاطون للمخدرات، مبينا أن عمليات القتل والسرقة والسطو المسلح إلى جانب جرائم العنف المنزلي سجلت بنحو 70 بالمائة منها لمتعاطي مخدرات، ونفذت جرائم تحت تأثير تلك المواد المخدرة.

وبين أن أغلب عمليات التجارة والتعاطي هي لمادة الكريستال الخطيرة، وهي مادة كيماوية تأتي بالعادة من إيران وتكون رخيصة جدا، لكن لها تأثيرات خطيرة جدا على الشخص المتعاطي لها، من أبرزها فقدانه السيطرة على أفعاله.

واعتبر الطائي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن البلاد تحتاج إلى إعلان حالة استنفار رسمية فيها كلها لمواجهة خطر المخدرات والتعامل مع تهريب المخدرات القادمة من إيران وسورية مثل التعامل مع مخاطر الإرهاب، وإلا فالبلاد مهددة بمزيد من الإغراق بهذه السموم الذي باتت خطرا حقيقيا على كل المجتمع.

المساهمون