القطاع الصحي في أفغانستان يواجه أزمة كبيرة

القطاع الصحي في أفغانستان يواجه أزمة كبيرة

26 يناير 2022
أحد مستشفيات أفغانستان (جافد تانفير/ فرانس برس)
+ الخط -

في ظلّ المتغيّرات السياسية والأمنية التي شهدتها أفغانستان بعد استعادة حركة "طالبان" الحكم في أغسطس/ آب الماضي، تأثّر قطاع الصحة بشكل كبير، ولم تنأ عن التأثيرات السلبية للأزمات أي شريحة من عامة المواطنين. وانسحب الأمر على الكثير من القطاعات كالمستشفيات، ما دفع بعضها في العاصمة كابول إلى إغلاق أبوابها.
وفي كابول، أغلقت خمس مستشفيات أبوابها بسبب الحالة المعيشية الصعبة وقلة عدد المرضى، وهي المستشفى الأفغاني الألماني، ومستشفى زوندون، ومستشفى رحيمي، ومستشفى يونايتد، ومستشفى بوست. كما أغلقت عشرات العيادات أبوابها بسبب الوضع المعيشي.

ويقول الأمين العام لنقابة أصحاب المستشفيات والعيادات محمد آصف سمسور، لـ"العربي الجديد": "المستشفيات والمراكز الطبية بشكل عام تواجه مشاكل كثيرة وقد تأثرت بشكل سلبي من جراء الحالة الاقتصادية الهشة والضعيفة في البلاد الناتجة عن المتغيرات التي شهدتها خلال الأشهر الأخيرة بعد سيطرة حركة طالبان على الحكم خلال الصيف الماضي".
يضيف أن عدد المرضى تراجع إلى أبعد الحدود، الأمر الذي انعكس على المستشفيات الخاصة، مشيراً إلى أن "عشرات العيادات أغلقت أبوابها". وبحسب مسؤول في العاصمة كابول، يعمل 114 مستشفى خاص فيها.

من جهته، يقول مسؤول تقديم الخدمات العامة في وزارة الصحة الأفغانية عبد الباري عمر، لـ"العربي الجديد": "مشاكل القطاع الصحي كثيرة وفي ارتفاع مطرد"، مؤكداً أن السبب الأساسي وراء ذلك هو "تجميد الأصول الأفغانية من قبل الولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي أثر سلباً على جميع قطاعات الحياة. كما أن المؤسسات المعنية أوقفت مشاريعها في مجال الصحة، الأمر الذي ضاعف مشاكل القطاع"، ويطالب المجتمع الدولي بتقديم الدعم اللازم من أجل تحسين الحالة الصحية في البلاد، لأن المواطن العادي ضحية ما يفرضه المجتمع الدولي من قيود على حكومة "طالبان".
ولا يتعلق الأمر بمستشفيات العاصمة وحدها، بل يشمل الولايات الأفغانية، التي كان القطاع الصحي فيها يعاني من جراء التهميش المستمر خلال الحكومات المتعاقبة في الماضي. وتعاني الكثير من المستشفيات في الولايات من نقص في الكادر الطبي والأدوية والمعدات الطبية، فيما أغلقت بعض المستشفيات أبوابها.
وأغلق المستشفى الخاص الذي يستقبل مرضى كوفيد-19 في مدينة ترينكوت، عاصمة ولاية أورزجان الجنوبية، بسبب مشاكل مالية. وكان المستشفى قد بدأ العمل في يناير/ كانون الثاني من العام الماضي نتيجة التعاون المنسق بين وزارة الصحة وبعض المؤسسات الدولية. لكن بسبب توقف أعمال تلك المؤسسات وعدم تمكن وزارة الصحة من تقديم العون اللازم، أغلق المستشفى أبوابه.

الصورة
التأثيرات السلبية طالبت جميع المواطنين (سردار شفق/ الأناضول)
التأثيرات السلبية طالبت جميع المواطنين (سردار شفق/ الأناضول)

ويقول رئيس إدارة الصحة المحلية في الولاية محمد الله روحاني، لـ"العربي الجديد": "المستشفيات الخاصة المعنية باستقبال مرضى كوفيد-19 على وجه الخصوص، والقطاع الصحي في أفغانستان على وجه العموم، كانت تتلقى دعم المؤسسات الدولية. وعندما أوقفت دعمها، توقف عمل تلك المستشفيات"، مؤكداً أن "جميع المستشفيات التي كانت تعالج مرضى كوفيد-19 كانت على وشك الانهيار، لكن الأمم المتحدة بادرت بشكل عاجل إلى تقديم المساعدات، لتستمر المستشفيات في العمل، باستثناء مستشفى ترينكوت الذي أغلق". 
ويؤكد المسؤول أنه بسبب إغلاق المستشفيات، يواجه سكان ولاية أورزكان مشاكل كبيرة، إذ إن جميع المصابين بكوفيد-19 يذهبون إلى مدينة قندهار لإجراء الفحوصات وتلقي العلاج، ويشير إلى أنه في هذه الولاية النائية عدد كبير من المرضى، مشدداً على أن وزارة الصحة تعمل مع المؤسسات المعنية ليزاول المستشفى عمله مجدداً خلال العام الجاري، كما يوضح أن المستشفى الخاص بمرضى كوفيد-19 ليس الوحيد الذي أوقف عمله، بل أيضاً توقف مشروع مستشفى كبير آخر في الولاية ذاتها، والذي أكمل مشروعه بنسبة 85 في المائة وهو أكبر مستشفى على مستوى الولاية، يضيف أن إدارة الصحة المحلية وسكان الولاية كانوا ينتظرون بفارغ الصبر تدشين المشروع لكنه توقف لأسباب مالية.
أيضاً، يعاني المستشفى المركزي الوحيد في الولاية من نقص كبير في الأدوية والكادر الطبي، ولم يستلم العاملون والأطباء فيه رواتبهم منذ أربعة أشهر، ما يهدد بتدني حالة المستشفى في القريب العاجل، علماً أنه المستشفى الوحيد في الولاية النائية.

ما يشهده القطاع الصحي في البلاد يدفع المواطنين إلى اليأس. ويقول أحد سكان ترينكوت، ويدعى محمد أسلم، لـ"العربي الجديد": "نحن مرغمون على أخذ مرضانا إلى مدينة قندهار أو إلى كابول بسبب تراجع حال القطاع الصحي"، علماً أن المنطقة تسجل ارتفاعاً في الإصابات بكوفيد-19، حتى أن العينات التي تؤخذ من المرضى لفحصها تنقل إلى قندهار، ويستغرق تحليلها أياماً. وأكدت وزارة الصحة الأفغانية في بيان، أنّها تعمل على تحسين الحالة الصحية في البلاد، وخصوصاً في ما يتعلق بوضع المستشفيات، كما أنها تعمل على تطويرها بالتنسيق مع المؤسسات المعنية.

المساهمون