استمع إلى الملخص
- الحقوق القانونية والحماية الجزئية: رغم وجود قوانين لحماية العمال، إلا أن التطبيق يعاني من ثغرات، مما يعرض العمال للابتزاز المالي والاتجار بالبشر، مع تهديدات بالتوقيف وحجز جوازات السفر.
- الحلول المقترحة لتحسين أوضاع العمال: يدعو الخبراء إلى معاملة العمال كالمواطنين، بتحمل صاحب العمل تكلفة التصاريح، والسماح بحرية التنقل بين الوظائف، واستحداث نظام بديل للكفالة.
في واقع استصدار تصاريح العمل في الأردن يقتطعُ أصحاب عمل كثيرون رسوم عقود العمل من رواتب العمال بدلاً أن يقوموا بتحمّلها. وفي الكفالة (عقد العمل) المُستترة أو الوهمية يُضطر الكثير من العمال المهاجرين إلى شرائها بمبالغ تتفاوت بين قطاع وآخر من أجل تسجيلهم رسمياً في وزارة العمل.
وتحُد تفاصيل بعض عقود العمل في الأردن من الحقوق الأساسية المعترف بها عالمياً للعمال، ورغم عدم وجود نصّ في التشريع الأردني خاص بنظام الكفالة إلّا أنّ الإجراءات تضع كل الشروط والتعليمات والإجازات والسفر والانتقال من عمل إلى آخر في أيدي أصحاب العمل.
يقول عامل عربي في قطاع الإنشاءات، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد": "جئت إلى الأردن بعد الحصول على تصريح للعمل في القطاع الزراعي عن طريق أحد الأقارب، وذلك مقابل دفع مبلغ زاد عن أربعة آلاف دولار. وعندما وصلت اكتشف أن كلفة التصريح سنوياً وفق إجراءات وزارة العمل نحو 450 ديناراً (نحو 630 دولاراً)، لكنني حصلت على راتب 240 ديناراً شهرياً (نحو 340 دولاراً) في القطاع الزراعي، ولم يكفِ هذا المبلغ فقررت الانتقال بعد عام إلى العمل في قطاع الإنشاءات بالعاصمة عمّان، ثم أصبحت أدفع مبلغ ألف دينار (1400 دولار) لشخص سجلني على اسمه".
قوانين تنظيم شؤون العمال الأجانب في الأردن توفر لهم حماية جزئية
يتابع: "العقد الزراعي الذي أصدرته لا يحميني إذا جرى ضبطي خلال العمل في الإنشاءات، بل فقط إذا حصل ذلك في الشارع أو في مكان عام، وأتمنى أن تفتح وزارة العمل الأردنية المجال لتصويب أوضاع انتقال العمال من قطاع إلى آخر، علماً أن ما يدفعني إلى الاستمرار في العمل بالأردن هو فارق العملة".
ويقول المصري محمد الذي يعمل في الزراعة منذ أكثر من ستّ سنوات لـ"العربي الجديد": "أدفع كل عام نحو ألف دينار (نحو 1400 دولار)، رغم أنّ رسوم العقد ومتطلباته تناهز 450 ديناراً (630 دولاراً)، لكنني أستطيع التنقل والعمل بحرية من دون التعرّض لقيود من صاحب العمل".
يتابع: "العمل في القطاع الزراعي موسمي وغير مجدٍ في كثير من الأحيان، وأرى أن الحكومة المصرية يجب أن تتواصل مع الحكومة الأردنية كي تسمح للعمال بالانتقال من قطاع إلى آخر. إنّ العمل في قطاع الإنشاءات مجدٍ بشكل أكبر إذ يصل أجر العامل المهني إلى 35 ديناراً يومياً (نحو 50 دولاراً). ورغم الخوف من ملاحقة وزارة العمل والأجهزة المعنية العمال الوافدين، إلا أنّ الأمر يستحق المغامرة".
من جهتها تقول المحامية أسماء عميرة من جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان لـ"العربي الجديد": "يُمارَس نظام الكفالة في الأردن لكنه غير موجود في التشريعات، وأهمها المادة 12 من قانون العمل التي تُعاقب العامل على فعل ارتكبه صاحب العمل عبر التسفير، أي أنه في حال لم يجدد صاحب العمل تصريح العامل الذي يعمل لديه يتعرض العامل للتسفير والحرمان من العودة لمدة خمسِ سنوات".
تضيف: "من الممارسات التي تعزز نظام الكفالة براءة الذمة وإخلاء الطرف المطلوب من صاحب العمل إذا رغب العامل في الانتقال إلى عمل جديد. وبعض أصحاب العمل قد يبتزون العمال ويطلبون مبالغ مالية منهم مقابل توقيع أوراق براءة الذمة وإخلاء الطرف في وزارة العمل. أيضاً في حال اشتكى العامل على صاحب العمل لدى المدعي العام وكان يملك تصريح عمل وإقامة غير مجددتين أو عليه تعميم كيدي على أنّه مفقود من صاحب العمل، يتعرض للتوقيف الإداري من المحافظ استناداً إلى قانون الإقامة وشؤون الأجانب الذي أعطى المحافظ صلاحية توقيف العمال الأجانب إدارياً وإبعادهم. العمال الأجانب هم الأكثر عرضة لجريمة الاتجار بالبشر في الأردن، وهم يشعرون بخوف ويتعرضون لتهديد أصحاب العمل بالتوقيف وحجز الحرية وحجز جوازات السفر".
ويقول مدير المركز الأردني لحقوق العمل، حمادة أبو نجمة، لـ"العربي الجديد": "لا يستطيع العامل أن يسافر إلى بلده إلا بموافقة صاحب العمل الذي يجب أن يقدم الطلب شخصياً لأن الوزارة لا تستقبل الطلبات من العمال. وأحياناً إذا أراد العامل الانتقال من عمل إلى آخر والحصول على براءة ذمة يستغله أصحاب العمل عبر طلب مبلغ للسماح له بالتجديد، علماً أن القوانين والأنظمة والتعليمات المتعلقة بتنظيم العمال الأجانب توفر حماية جزئية لهم، مثل قانون العمل والضمان الاجتماعي ونظام مفتشي العمل والقرارات المتعلقة بالحدّ الأدنى للأجور".
ويرى أبو نجمة أنه "يجب معاملة العامل الوافد مثل الأردني، فعقد العمل ينظم العملية، وبانتهائه تنتهي العلاقة بين الطرفين. وإذا كان هناك متضرر يذهب إلى القضاء، وقبل انتهاء العقد إذا رغب أحد الطرفين إلغاءه فثمة التزامات مالية، لكن ليس من باب براءة الذمة".
يتابع: "إذا أنهى صاحب العمل العقد قبل أوانه يدفع الأجور، أما في حال طلب العامل إنهاء العقد فيجب أن يدفع إذا كان هناك عطل وضرر فقط. ويشكل إلزام العامل الوافد بشرط لا تتضمنه التعليمات مخالفة قانونية، ويجب أن يُسمح للعامل بعد انتهاء العقد بالانتقال إلى عمل آخر إذا رغب في ذلك، أما شراء العمال الأجانب الكفالةَ من سماسرة فإجراء غير قانوني".
وبحسب أبو نجمة "يجب أن يدفع صاحب العمل مبلغ التصريح المطلوب وليس العاملُ الوافد، والحل الأمثل لضمان حقوق كل الأطراف هو استحداث نظام بديل لهذا النظام ومعالجة تعقيداته كي يضمن حقوق العمال استناداً إلى المعايير الدولية، ويمنحهم حرية السفر والتنقل والعمل واختيار العمل".
وتفيد منظمة العمل الدولية بأن الكفيل (صاحب العمل) مسؤول عن أفعال العامل المهاجر الذي يأتي به إلى البلاد وعن سلامته، ويتمتع بصلاحية التحكم بحركة العامل وعمله.