العرس الكروي... أهل قطر يعيشون أجواء المونديال

العرس الكروي... أهل قطر يعيشون أجواء المونديال

22 نوفمبر 2022
حضر الآلاف من القطريين حفل الافتتاح (ألكس دانهاوس/Getty)
+ الخط -

زُيّنت الشوارع والميادين والمباني بالعلم القطري "الأدعم"، كما تظهر أعلام الدول المشاركة في كل مكان، ونصبت مجسمات كأس العالم، وأعمال فنية تجسد اللعبة الرياضية الأكثر شعبية عالمياً، وتظهر كرة القدم فوق، وعلى واجهات كثير من المباني والمواقع السياحية والثقافية، وحيث تولي وجهك ستشاهد لافتات تحمل عبارات الترحيب بلغات عدة، ومن بينها "أهلا بالعالم"، و"ع الوعد قطر 2022".
عبر مواطنون قطريون لـ"العربي الجديد"، عن فخرهم بأن بلادهم كانت سباقة في استضافة الحدث الكروي العالمي الذي يقام لأول مرة على أرض عربية، كما رحبوا بالمشجعين القادمين من أرجاء العالم، واعتبروهم ضيوفاً يحلون على بلادهم التي تعيش نهضة شاملة في مختلف المجالات، مؤكدين أن ما يعتبر عرساً كروياً عالمياً يشكّل فرحة مزدوجة لهم، لتزامنه مع ذكرى اليوم الوطني التي تحل في اليوم الختامي للمونديال، في 18 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، لتبلغ الاحتفالات الوطنية ذروتها، كما في كل عام.
ويعد المونديال فرصة تاريخية لتسليط الضوء على قطر، ليس رياضياً فقط، وإنما من النواحي الاجتماعية والثقافية والفنية والاقتصادية والحضارية، إذ يتيح الحدث العالمي فرصة لتغيير الصورة النمطية، والأفكار المغلوطة السائدة عن العرب والمسلمين من خلال إظهار الصورة المغايرة التي تعكس حقيقة القطريين، والعرب، وما يتمتعون به من محبة، وكرم ضيافة، وكيف يعشقون السلام، ويعيشون في سماحة ووئام.
وقال الرئيس التنفيذي لمونديال كأس العالم 2022 ناصر الخاطر، خلال مؤتمر صحافي أخيراً: "قطر مستعدة للترحيب بالعالم، واستضافة نسخة فريدة من بطولة كأس العالم لكرة القدم تقام في الشرق الأوسط والعالم العربي للمرة الأولى، ويمكن للمشجعين أن يتوقعوا متابعة كرة قدم دولية من الدرجة الأولى، ومجموعة واسعة من خيارات الترفيه".
ويتوقع أن يزور قطر خلال فترة المونديال أكثر من 1.2 مليون شخص من مختلف أنحاء العالم، وتجاوزت مبيعات تذاكر المونديال 3 ملايين تذكرة، وتصدرت دول قطر والولايات المتحدة والسعودية وإنكلترا والمكسيك والإمارات والأرجنتين وفرنسا والبرازيل وألمانيا معدلات شراء التذاكر.
ولبطولة كأس العالم لكرة القدم مباهجها الاستثنائية وأفراحها الخاصة، إذ لا تقتصر على حيز جغرافي، بل تشمل الكرة الأرضية، كونها اللعبة الأكثر شعبية، إذ يكاد لا يوجد شخص لم يمارسها في إحدى مراحل عمره، كما أن بطولات الساحرة المستديرة تستقطب العشاق لمتابعة المباريات من دون حساب المسافات التي يقطعونها.

الصورة
عائلات قطرية كاملة توجهت إلى ملعب البيت (جوليان فيني/Getty)
عائلات قطرية كاملة توجهت إلى ملعب البيت (جوليان فيني/Getty)

يقول الروائي القطري جمال فايز، في حديث مع"العربي الجديد"، إن "قطر وأهلها يرحبون بالجماهير الكروية من دول العالم، ونحن نعتبرهم ضيوفاً، ومنذ فازت بلادنا بشرف تنظيم بطولة كأس العالم قبل 12 عاماً، أعدت العدة بشكل مدروس، والأمر لا يقتصر على ثمانية ملاعب عالمية تضم أحدث التقنيات، وإنما أنجزت استعدادات لوجستية تشمل شوارع ومطارات وسكة حديدية وحدائق وشواطئ، وأعدت حزمة كبيرة من الفعاليات الترفيهية التي يحتار المرء بسببها إلى أين يذهب، مثل مهرجان المشجعين، وكرنفالات الشوارع على الواجهة البحرية في كورنيش الدوحة بطول 6 كيلومترات، ونادي 974 الشاطئي، ودرب لوسيل، وحفلات تضم ألمع نجوم الموسيقى، ومناطق جذب عديدة، ووجهات ترفيهية متنوعة تقدم عروضاً مبهرة. باختصار: قطر وعدت، وها هي تفي بوعدها".
وحول أجواء المونديال بالنسبة للمواطنين، يقول فايز: "أبرز الطقوس ستكون التجمع على مستوى الأسرة والأصدقاء، وما يصاحب ذلك من تشجيع وتحديات، لا سيما أن مباراة محلية بكرة القدم تأخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام في المجتمع القطري، فكيف بمواجهة كروية على مستوى عالمي، كما أن قطر كانت سباقة في تخصيص يوم رياضي وطني، تعطل فيه الوزارات والهيئات والمدارس والجامعات، ليمارس الكبار والصغار من الجنسين الرياضة في أجواء احتفالية".
ويشير إلى أن "الاحتفاء بالمونديال واضح من خلال مظاهر أساسية، فعلى مستوى الأفراد، ازدانت المنازل والواجهات بالعلم القطري، وبعضها رفع أعلام الدول المشاركة، أو وضع مجسمات للكرة، ولكأس العالم، كما زُيّنت المجالس التقليدية بمقتنيات تخص المناسبة، وفي المجمعات التجارية، خصصت أركان لبيع المنتجات الخاصة بكرة القدم المعتمدة من (فيفا)، ومن بينها حقائب وكؤوس وأدوات مدرسية وأعلام، وملابس الفرق، وقمصان مشاهير اللاعبين وغيرها، وازدانت المباني العامة والشوارع بحلة من الأضواء والرايات".

الصورة
عائلات قطر حريصة على متابعة المونديال (ستيوارت فرانكلين/Getty)

وحول المنتخبات التي تحظى بالتشجيع، يقول فايز: "بالتأكيد سيكون فريقنا (العنابي) في المقدمة محلياً، ويحدونا الأمل مع مشاركة 4 فرق عربية في أن تصل الكرة العربية إلى الأدوار التالية، وأنا متفائل بالفريق المغربي لأن لديه لاعبين متميزين ومحترفين في أندية أوروبية، وشخصياً سأحرص على حضور لقاءات المنتخب الإنكليزي، فأنا من متابعي فريق ليفربول، وأجد متعة في مشاهدة مبارياته، وتوقعات أن تكون الحظوة لفريق الأرجنتين في نيل كأس البطولة".
لا يترك رئيس جمعية المهندسين القطريين السابق أحمد جولو عادته اليومية التي درج عليها منذ سنوات، في زيارة "سوق واقف" التراثي، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه من خلال وجوده اليومي، سيحاول نقل الصورة الأصيلة عن القطريين للمشجعين الذين يؤمون السوق التراثي الذي يستقطب زوار البلاد، مضيفاً أنه من مشجعي فريق البرازيل، لكن التشجيع الأكبر سيكون لـ"العنابي" الذي يخوض منافسات قوية.
ويقول الباحث في التراث الشعبي القطري صالح غريب، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الاستعدادات لتنظيم بطولة كأس العالم بدأت فور الموافقة على ملف قطر في نهاية عام 2010، وإن "أهل قطر يستعدون منذ ذلك التاريخ للاحتفال، والجميع يشاهد استعدادات المواطنين بإظهار هويتهم وعاداتهم وتقاليدهم عبر الملبس والمأكل والمشرب، أو في أسلوب استقبال الضيوف، والتعامل مع الجماهير الذين تختلف ثقافاتهم وعاداتهم وملابسهم عن الثقافة القطرية والعربية".
ويوضح أن "المجتمع القطري يتعامل مع الآخر باعتبار أنه ضيف يجب تقديم كل الاحترام له مهما اختلفت تصرفاته الشخصية بشكل أو بآخر، وهذا ملحوظ منذ بدء وصول الجماهير الكروية إلى الدوحة، وشاهدته في لوسيل، وفي كتارا، واللؤلؤة، وسوق واقف، وفي مشيرب، وحتى في المترو، وقد تحاورت مع العديد منهم، وأصبحنا أصدقاء سريعاً، وحاولت أن أظهر لهم عاداتنا وتقاليدنا، كما بدأت مع غيري من المواطنين بدعوتهم إلى مجالسنا ليتعرفوا إلى طبيعة المجتمع، وتغيير الصورة النمطية التي تشكلت لدى بعضهم من خلال وسائل الإعلام".

ويرى غريب أن "هؤلاء الزوار باتوا يعكسون ما يشاهدونه في قطر، وكيف وجدوا كرم الضيافة القطرية، سواء لأسرهم أو لأصدقائهم، أو لمتابعيهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبدأت تنتشر الصورة الحضارية للمجتمع".
وحول التشجيع وحضور المباريات، يقول إن لديه تذاكر لحضور مباراة الافتتاح، وسيشجع فريق بلاده، ثم فرق السعودية والمغرب وتونس، لافتاً إلى أنه منذ الصغر يشجع المنتخبات العربية في أي بطولة رياضية، و"لست مهموماً بالمنتخبات العالمية، وخصوصاً التي تشكل ضغوطاً علينا، مثل فرنسا وألمانيا".
وعبر القطري إبراهيم صالح الخليفي عن اعتزازه باستضافة بلاده بطولة كأس العالم لكرة القدم، ويقول لـ"العربي الجديد"، إنه سيشجع فريق بلاده "العنابي"، وعالمياً منتخب (التانغو) الأرجنتين، ورغم أنه مضطر للسفر إلى خارج البلاد، لكنه قرر تأجيل سفره إلى ما بعد حضور حفل افتتاح المونديال، وسيتابع المباريات والأحداث عبر الشاشات.
ويلعب منتخب قطر في المجموعة الأولى التي تضم منتخبات قوية، من بينها المنتخب السنغالي بطل أفريقيا، ومنتخب هولندا الذي يمتلك نجوماً يتألقون في الدوريات الأوروبية، لكن القطريين يهمهم في المقام الأول أن تنجح بلادهم في التنظيم، وأن تمر البطولات من دون معوقات، ويتكاتفون مع اللجنة المنظمة في تذليل العقبات، وتطوع الآلاف منهم للمشاركة في الفعاليات والتنظيم.

المساهمون