العراق: 2020 لم يكن عادياً

العراق: 2020 لم يكن عادياً

01 يناير 2021
التحضيرات لاحتفالات العام الجديد (مرتضى السوداني/ الأناضول)
+ الخط -

لم يكن عام 2020 عادياً على العراقيين من كلّ النواحي الأمنية والاقتصادية والمعيشية. فعلى مدار العام، شهدت البلاد أحداثاً مختلفة، أدخلت المواطنين في فترات حبس أنفاسٍ طويلة، استهلكت أعصابهم وجيوبهم وكبّدتهم خسائر بشرية أيضاً.
فمع الهجوم الأميركي الذي أودى بحياة قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، مع القيادي بالحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، مروراً بالقصف الإيراني على القواعد الأميركية وانتشار جائحة كورونا التي خلّفت وراءها آلاف الضحايا وملايين العاطلين عن العمل، واستمرار تساقط ضحايا التظاهرات واستهداف الناشطين المدنيين، انتهاء بقرار الحكومة تخفيض قيمة الدينار العراقي لأدنى مستوى له منذ عام 2003 عند عتبة تناهز 1500 دينار للدولار الواحد، يعتبر العراقيون أنّ هذا العام لم يكن اعتيادياً ولم يترفق بهم.
يقول حسن حسين، الذي يعمل في تصليح السيارات، لـ"العربي الجديد": "بعد انشار فيروس كورونا، أُغلقت المحال التجارية وورش تصليح السيارات، ما اضطرني للبقاء في المنزل، رغم حاجتي الشديدة للعمل. دمّر الفيروس حياتنا، إذ فقدت عملي ثم فقدت شقيقي الذي تبرعت له بإحدى كليتي ولم تنجح العملية. عام 2020، كان عاماً حزيناً بالنسبة لي. فقدت أخي ولم أحصل على عملٍ مناسب ولا على راتب رعاية اجتماعية من الحكومة، ما جعلنا نعيش على المساعدات من الأقارب والمحسنين. لا أعتقد أنّ عام 2021 سيكون مختلفاً كثيراً عن هذا العام. ربما سيكون هناك تغيير، لكنّ نحو الأسوأ إذا ما بقيت الحال على ما هي عليه وبقيت نفس الوجوه تحكم العراق".

قضايا وناس
التحديثات الحية

في المقابل، تقول أسماء زيدان، لـ"العربي الجديد": "تعلّمت خلال العام 2020 أشياء كثيرة على المستويين الشخصي والعلمي. وعلى الرغم من فترات حظر التجول والأوضاع التي تمنع الفرد من العيش مطمئناً، فقد جازفت لأصل إلى حلمي، وحققته. وكان أوّله التقدم إلى الدراسات العليا، كما تعلّمت مهارات كثيرة منها العمل على الكومبيوتر بكلّ أنواع البرامج واستخدامها. وتعلّمت مهارة التفكير النقدي، فضلاً عن مهارة القراءة السريعة". تتابع زيدان: "في العراق، تتقلب بنا الأحداث سريعاً. اعتدنا على التعايش مع كلّ الظروف، لذلك، نأمل أن يكون العام الجديد عام خير وأمل، تتغير فيه حياة العراقيين ويعيشون باستقرار كما بقية بلدان العالم".
بدورها، تقول المحاضرة الجامعية، ماريا خالد، لـ"العربي الجديد" إنّ "من أبرز أحداث عام 2020 فيروس كورونا، الذي كان قادراً على تغيير معادلة الحياة في العالم. لكنّه في العراق، كان أشدّ وطأة، لأنّ بلدنا كان وما زال بحالة يرثى لها. ومع كلّ المعاناة التي رافقت الفيروس، فإنّني تمكنت من صنع أشياء جديدة، كتعلّم الحياكة ومطالعة الكتب، لتغيير الروتين القاتل في ظل حظر التجول". تضيف خالد: "لا يمكن أن ينتهي العام من دون أن يترك بصمة ثقيلة على العراقيين. ها نحن نعيش أزمة اقتصادية تتمثل في هبوط قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار. انخفضت قيمته على حساب قوت المواطن البسيط والموظف، وتراجعت حركة الأسواق، وهناك مؤشرات تشير إلى ارتفاع قيمة الدولار إلى أكثر مما هو عليه الآن، وهذا مؤشر خطير في ظلّ الظروف الصعبة التي نعيشها. نتمنى مع حلول العام الجديد، أن تتبدّل الحال إلى الأفضل اقتصادياً وأمنياً وصحياً".

قضايا وناس
التحديثات الحية

من جانبه، يقول الصحافي مصطفى سلمان: "لا يُمكن التكهّن بما سيحصل في العراق في العام الجديد. بلدنا يعيش وضعاً مربكاً من الناحية الأمنية. أمّا من الناحية الصحية، فالوضع هشّ ولا نحسد عليه، فانتشار فيروس كورونا كان مأساوياً لعجز الحكومة كلياً عن مواجهته، إذ فرضت الحظر، لكنها تردّدت ثم أعادته مرّة أخرى بسبب عدم توفر سبل العيش لملايين المحتاجين في العراق". يضيف سلمان لـ"العربي الجديد" أنّ "الأزمة الصحيّة قد تشهد انفراجاً في العام الجديد، لكن يبدو أنّ هناك موجة أخرى من الفيروس تلوح في الأفق في العالم. أما على صعيد الأوضاع المالية، فإنّ نتائج رفع قيمة الدولار الأميركي أمام العملة العراقية، ستؤتي ثمارها في الأيام المقبلة، وقد تسعف الوضع المالي في العراق، لأنّها بحسب ما يراه خبراء في المال، سياسة جيّدة للبنك المركزي العراقي ولوزارة المالية وستوفر سيولة كافية، لكنّها ستلحق ضرراً كبيراً بالقطاع العام وبالقدرة الشرائية". يتابع: "أتمنى ألّا يتضرر الفقراء من الأزمة المالية وأن تحاسب الفصائل المسلحة، وقادتها، وأن نعيش سنوات الدولة، في الوقت الذي، للأسف، غابت فيه كلّ مفاهيم الدولة عن العراق".
يذكر أنّه توفّي في العراق، خلال العام 2020، نحو 13 ألف عراقي بفيروس كورونا، وأصيب أكثر من 600 ألف بالفيروس. كذلك، قتل أكثر من 700 متظاهر وأصيب نحو 28 ألفاً بجروح، خلال التظاهرات التي شهدتها المحافظات العراقية والعاصمة بغداد التي استمرت حتى الإطاحة بحكومة عادل عبد المهدي. وفي 6 مايو/ أيار الماضي، منح البرلمان العراقي الثقة لحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي وعد بجملة إصلاحات طالب بها العراقيون.

المساهمون