استمع إلى الملخص
- التعديل يعزز الطائفية ويحد من حقوق المرأة، مثل حق الحضانة، ويسمح بالتفريق وفقاً للفقه السني أو الشيعي، مما يعزز الانقسام الطائفي.
- تستمر حملات الرفض من خلال احتجاجات وبيانات، مع دعم دولي، ويعتزم المعارضون تقديم طعون قانونية وتنظيم مسيرات لرفض التعديل.
سُجّلت اعتراضات كثيرة على إقرار تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق، إذ عُدّ تجاوزاً لحقوق الإنسان عموماً، والمرأة والطفل خصوصاً، كذلك تعمّداً لجعل العراق في مرتبة متأخرة في مجال الحريات المنصوص عليها في اللوائح الدولية والأممية. وجاء ذلك من قبل عدد من منظمات المجتمع المدني وناشطي حقوق الإنسان في العراق، بعد جلسة البرلمان العراقي التي عُقدت يوم الاثنين الماضي والتي أُقرّ التعديل في خلالها، علماً أنّ بيانات دولية صدرت كذلك تستنكر التعديل.
وفي هذا الإطار، عقد تحالف 188 الذي يضمّ مجموعة من الناشطين ورؤساء منظمات محلية مؤتمراً في العاصمة بغداد، أمس الخميس، أُصدر على أثره بيان مشترك وصف الجلسة التي شهدت التصويت على تعديل قانون الأحوال الشخصية بأنّها "غريبة، ولا تمتّ للأعراف البرلمانية أو النظام الداخلي أو الدستور العراقي بصلة". أضاف التحالف أنّ "بدلاً من أن يكون البرلمان مؤسسة تحمي الشعب وتصون كرامته، بات منصة لتكريس هيمنة التحالف الحاكم الذي يسمّى بتحالف إدارة الدولة". وتابع أنّ "ما جرى في البرلمان لم يكن سوى عرض هزيل للفوضى السياسية"، شارحاً أنّ "التصويت بهذه الطريقة يعكس غياباً مريعاً للمسؤولية الوطنية، وبدلاً من احترام الدستور والنظام الداخلي استخدم البرلمان أدواته لتمرير قوانين تفتقر إلى أي حسّ بالعدالة". وشدّد على أنّ "تحالفنا الذي تشكّل أساساً لرفض تعديل قانون الأحوال الشخصية سوف يبقى مناصراً لحقوق المرأة ويواصل رفضه بكلّ الطرق القانونية الدستورية هذا التعديل الذي يشكّل وصمة عار على جبين القوى المختلفة المتحاصصة"، وأشار إلى "جملة من الإجراءات التي سوف يقوم بها في سبيل وقف هذا التشريع المهين للعراقيات والعراقيين".
في سياق متصل، قالت الناشطة العراقية أنوار حسين لـ"العربي الجديد" إنّ "من المفترض أن يكون البرلمان صوت الشعب، لكنّ هيمنة الأحزاب الدينية على قراراته جعلته نسخة من برلمان ديني يسعى إلى ترسيخ ما هو مرفوض شعبياً بقوة السياسة ومن دون مراعاة لحقوق الإنسان". أضافت أنّ "تمرير تعديل قانون الأحوال الشخصية يمثّل إهانة حقيقية للمرأة، وتعذيب للطفل من أبوَين منفصلَين". وأشارت حسين إلى أنّ "أعضاء في مجلس النواب أكدوا عدم دستورية جلسة يوم الاثنين الماضي، خصوصاً أنّ رئيس مجلس النواب جمع التصويت على ثلاثة قرارات في آن واحد، وهذا يُعَدّ تجاوزاً في طريقة العمل البرلماني من جهة وضرباً للدستور العراقي عرض الحائط من جهة ثانية"، مبيّنةً أنّ "الحراك المدني ومنظمات المجتمع المدني ستواصل تحرّكها لرفض تعديل قانون الأحوال الشخصية".
ولم تتراجع حملات الرفض لتعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق المعمول به منذ عام 1959، لجهة الوقفات الاحتجاجية والبيانات والاجتماعات والنقاشات، تُضاف إلى ذلك المعارضة البرلمانية التي تقودها عضوات في مجلس النواب. لكنّ أحزاباً دينية دعمت التصويت على التعديل، وقد قادت حملة إعلامية كبيرة في هذا الاتجاه، على الرغم من كونه يضمّ فقرات تحدّ من حقوق المرأة، ولا سيّما الزوجة، أو تحرم المرأة من حقوق لها، وتتحيّز للرجل.
وقال المحامي حميد الموسوي، أحد المعترضين على تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق، إنّ "تحالف 188 وغيره من التحالفات والمنظمات المعارضة لهذا القانون سف تقدّم طعناً في دستورية جلسة مجلس النواب"، مشيراً إلى "فوضى صاحبت عملية التصويت". وأوضح الموسوي لـ"العربي الجديد" أنّ "المنظمات الدولية سوف تعمل لترتيب أوراق بحثية تشرح الخروقات الدستورية والقانونية والإنسانية في هذا التشريع"، مضيفاً أنّ "الأيام المقبلة سوف تشهد وقفات ومسيرات ومؤتمرات شعبية رافضة لهذا التشريع الذي يسلب المرأة والطفل الحقوق الدستورية والإنسانية".
وكان قانون الأحوال الشخصية في العراق، قبل التعديل، ينصّ على حقيّة الأمّ بحضانة ولدها وتربيته في حال الزواج وبعد التفرقة، من دون أن تسقط حضانة الأمّ المطلّقة بزواجها ثانية. لكنّ التعديل الجديد الذي جرى التصويت عليه، يسلب الأمّ حقّ حضانة الولد في حال تزوّجت من جديد. وفي القانون غير المعدّل، كان يحقّ للولد المحضتن اختيار إقامته، عند بلوغ الخامسة عشرة من عمره، مع مَن يشاء من أبوَيه إذا أنست المحكمة منه الرشد في هذا الاختيار، لكنّ عملية تخييره تجري عند بلوغه السابعة من عمره بعد التعديل. كذلك كان القانون المعمول به قبل التعديل ينصّ على أن يكون التفريق وفقاً للقانون المدني، لكنّ التعديل ينصّ على أن يكون وفقاً للفقه السنّي أو الشيعي بحسب اختيار الثنائي، علماً أنّ في حال لم يكن للزوجة مذهب فقهي للاحتكام إليه تعتمد المحكمة مذهب الزوج في التفريق بينهما بما يتعلّق بالحقوق.
وتضمّن تعديل قانون الأحوال الشخصية إدخال الوقفَين السنّي والشيعي في قضايا الخلع والتفريق، وهو أمر يعدّه رافضو القانون "ترسيخاً للطائفية في إدارة الدولة والقضاء"، وكذلك "ابتعاداً عن الدستور الذي نصّ على مدنيّة الدولة العراقية". وتجاهل التعديل الأخير حالات رفض الثنائي عقد الزواج وفقاً للمدارس الفقهية السنية أو الشيعية، وهي ظاهرة متزايدة في المجتمع العراقي الذي يشهد زيجات مختلطة من ديانات أو مذاهب متعدّدة، بعد أن كان القانون قبل التعديل يمنح الدولة العراقية منذ عام 1959 ممثّلة بالقضاء المدني عقد القران والتفريق وفقاً للقانون لا بحسب الطوائف أو الأديان.