العراق: إقبال أكبر على لقاحات كورونا

العراق: إقبال أكبر على لقاحات كورونا

30 اغسطس 2021
حملة تلقيح في مجمع تجاري في العراق (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

 لم تعد نسبة كبيرة من العراقيّين رافضة للحصول على اللقاحات المضادة لكورونا كما في السابق، حين انتشرت شائعات أثارت الخوف في ما بينهم من حدوث مضاعفات. مؤخراً، شكّل ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات بالفيروس دافعاً للمواطنين للحصول على اللقاحات.
وكان لرفض عدد من الشخصيات البارزة في البلاد الحصول على اللقاحات تأثير كبير على المجتمع العراقي. ومن بين هؤلاء أطباء صرّحوا بما هو مخالف لتوصيات منظمة الصحة العالمية. وانتشرت أخبار عن وجود "مؤامرة" من قبل جهات دولية سعت إلى نشر الفيروس، ما دفع الكثير من العراقيين إلى عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية، حتى أن الاختلاط في بعض المدن بقي كما كان قبل تفشي الفيروس.  
يُسجّل العراق آلاف الإصابات بالفيروس يومياً، وقد تجاوز عدد الإصابات في البلاد مليوناً و800 ألف إصابة، في وقت بلغ عدد الوفيات نحو عشرين ألفاً بحسب بيانات موقع "وورلد ميترز". في هذا السياق، يقول الطبيب محمد العواد، الذي يشارك في حملات توعية حول أهمية الحصول على اللقاحات، إن عدد الإصابات المسجل كبير جداً. ويوضح في حديثه لـ "العربي الجديد" أن الإشاعات ساهمت في زعزعة ثقة غالبية العراقيين باللقاحات، وبالتالي ما زالت البلاد تسجل ارتفاعاً كبيراً في أعداد الإصابات. يضيف: "على الرغم من المنافسة بين الشركات المصنعة للقاحات لنيل ثقة المنظمات الصحية، إلا أن هذا لا يشير إلى وجود مؤامرة تهدف إلى كسب المال على حساب صحة الناس كما يروج البعض. وهذا ما نحاول إقناع الناس به من خلال حملاتنا المستمرة على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة، بالإضافة إلى المحاضرات التي نلقيها في أماكن مختلفة".  

ودخل القضاء العراقي أخيراً على الخط، ملوحاً بعقوبات تصل إلى السجن بحق من يروج إشاعات تتعلق بجائحة كورونا وتشجع الناس على عدم أخذ اللقاحات. وعلى الرغم من الارتفاع الكبير في أعداد الإصابات والوفيات، يقول العواد إنه متفائل كثيراً بعدما لاحظ أن المواطنين باتوا أكثر تصديقاً بوجود الفيروس، وقناعة باللقاحات، ما يدفعهم إلى الإقبال على أخذها.  
في هذا الإطار، يقول مسؤول في وزارة الصحة العراقية إن عدد الذين يقبلون على اللقاحات زاد بنسبة ثلاثة أضعاف خلال الأسبوعين الماضيين، وبلغ معدّلات قياسية وصلت إلى 45 ألف حالة تلقيح يومياً. يضيف: "نطمح أن تزيد إلى 100 ألف حالة لتجنب موجة رابعة من تفشي الوباء في الشتاء المقبل". ويوضح في حديثه لـ "العربي الجديد" أن العدد الإجمالي للذين حصلوا على اللقاح بلغ 3 ملايين و300 ألف شخص، وتهدف الخطة للوصول حتى نهاية العام الحالي إلى 10 ملايين. لذلك، يجب مواصلة حث الناس على أخذ اللقاحات، وخصوصاً كبار السن منهم. وهناك خطة لإطلاق حملات ميدانية تجوب خلالها الفرق الصحية الشوارع لإعطاء اللقاحات، مؤكداً أنه لدى الوزارة مخزون جيد من لقاحات "فايزر" و"أسترازينيكا" و"سينوفارم".

الاختلاط مستمر 

إلى ذلك، تقول وعد سليمان (47 عاماً)، التي فقدت عدداً من أقاربها ومعارفها من جراء إصابتهم بكورونا، إن "هناك من كان يروج ضد أخذ اللقاح، منهم رجال دين وآخرون يعتبرون أنفسهم مثقفين". تضيف: "والداي مسنان وكانا يشاركان في مناسبات مختلفة من دون الالتزام بإجراءات الوقاية. حاولتُ مراراً إقناعهما بخطورة الأمر من دون جدوى. لكن بعد إصابتهما بالفيروس ونجاتهما بصعوبة، اقتنعا بوجوده وصارا يلتزمان بالإجراءات الوقائية، بل يحثان الناس على ذلك، بالإضافة إلى أخذ اللقاح".  
وانتشرت أوراق نعي في العديد من الشوارع وعلى مواقع التواصل، وكان سبب الوفاة هو الإصابة بفيروس كورونا، في الوقت الذي بقي الاختلاط مستمراً سواء في المناسبات المختلفة أو الأسواق الشعبية. ويقول شريف حسن الذي أصيب بالفيروس وكاد أن يفقد حياته، إنه يبيع الخضار في سوق شعبي في مدينة الصدر، التي تعد إحدى أكثر المناطق فقراً واكتظاظاً بالسكان. ويوضح أن "الناس لا يلتزمون بإجراءات الوقاية، عازياً السبب إلى الفقر والحاجة إلى العمل، مضيفاً أن غالبيتهم يعملون في مهن تعتمد على الاختلاط. وإن توقفوا عن العمل، لن يجدوا من يطعم عائلاتهم. كما أن الجميع على قناعة بأن كورونا مجرد كذبة".

ويشير إلى أن المدينة "تشهد ارتفاعاً في أعداد الإصابات والوفيات بالفيروس، ما أجبر السكان على الإقبال وبشكل متزايد على أخذ اللقاحات".  
وتحث وزارة الصحة العراقية المواطنين على الالتزام بكل ما من شأنه الوقاية من الإصابة بفيروس كورونا، وأخذ اللقاحات بعد اعتمادها من منظمة الصحة العالمية.  
وتقول زينب السعيدي، التي توفي زوجها وشقيقها بعد إصابتهما بالفيروس، في حديثها لـ "العربي الجديد" إن "أولئك الذين روجوا بأن كورونا مجرد كذبة وأقنعونا بذلك، وأنه لا داعي للخوف أو الكمامة، يجب أن ينالوا عقابهم".

المساهمون