استمع إلى الملخص
- تشكل المخلفات الحربية في غزة خطراً دائماً، حيث تسببت في إصابات ووفيات عديدة، ويزيد الحصار الإسرائيلي من نقص الأدوية والمعدات الطبية، مما يهدد حياة الأطفال مثل محمد.
- منذ 7 أكتوبر 2023، تعرضت غزة لجرائم إبادة جماعية، حيث دمر الجيش الإسرائيلي مرافق صحية عديدة، ووجه والد محمد نداءً لنقل طفله للعلاج خارج غزة.
لم يعد الطفل الفلسطيني محمد حجازي يرى النور منذ أن مزق عينيه احد مخلفات جيش الاحتلال الإسرائيلي، بعدما التقطه عفوياً أمام منزله شبه المدمر شمالي قطاع غزة مطلع مارس/آذار الماضي، وذلك ضمن فصول المأساة المتواصلة التي يعيشها الأطفال تحت وطأة الإبادة الإسرائيلية.
وسط أزقة مخيم جباليا، يكافح خالد حجازي، أب الطفل محمد، لتجاوز آثار الفاجعة، بعدما أدى الانفجار إلى فقدان طفله عينه اليمنى بالكامل، وتهديد عينه اليسرى بمصير مشابه ما لم يُنقل للعلاج العاجل خارج القطاع.
يعيش حجازي (7 أعوام) مع عائلته في ظروف مأساوية، ويحاول والده قدر المستطاع احتواء آلامه وتوفير بعض الطمأنينة له، إلا أن وقع الكارثة ما زال حاضراً في كل تفاصيل يومهم.
وفي قطاع غزّة الذي يشهد إبادة جماعية، لا تزال المخلفات الحربية والقذائف غير المنفجرة تشكل خطراً داهماً على حياة الفلسطينيين، وتهدد بحصاد مزيد من الأرواح وإحداث إعاقات دائمة، وسط غياب أي معدات أو إمكانات للتعامل معها.
وعن تفاصيل الحادثة في مارس الماضي، كان محمد يلعب مع أصدقائه أمام المنزل حين صادف جسماً غريباً على الأرض. بدافع الفضول، أمسك به فانفجر بين يديه، ليفقد على الفور عينه اليمنى بالكامل، فيما تعاني عينه اليسرى من مضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى فقدانها أيضاً. وبصوت يملؤه الألم، يقول الطفل: "كنت ألعب مع الأطفال، لعبت بشيء فانفجرت بوجهي قنبلة"، موضحاً أنه بعد إصابته، أدرك أن والده سمع صوت الانفجار وأسرع لنقله إلى المستشفى.
وعن الحادثة، يقول خالد: "كان محمد مثل أي طفل ذهب ليلعب أمام بيتنا المدمر، وفجأة دوى انفجار، نزلت لأجده مغطى بالدماء، المشهد كان صعباً". وأضاف: "نقلناه بسرعة إلى المستشفى، لكن بسبب نقص الأدوية والمعدات، اضطررنا لتحويله إلى مستشفى آخر، حيث خضع لعملية استئصال عينه اليمنى، ولا تزال حالته خطيرة". وأشار إلى أنّ العين اليسرى لمحمد بحاجة إلى ما وصفه بـ"معجزة طبية" لإنقاذها، وهو ما يتطلب سفراً عاجلاً خارج غزة، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي والإبادة.
وأوضح أنّ ابنه إذا لم ينقل لتلقي العلاج خلال وقت قريب، فسيفقد البصر في عينه الأخرى أيضاً. وأكد أن محمد لم يعد قادراً على اللعب أو الدراسة، ويواجه صعوبة في التفاعل مع من حوله بسبب فقدان البصر والصدمات النفسية التي يعاني منها. وقال: "بعد الحادث، لم يعد يفارقني، يرتعب من أصوات القصف، خاصة في الليل، حالته النفسية تزداد سوءاً، وهو دائم التعلق بي ويخشى أن يبتعد عني ولو للحظات".
ووجه الأب نداء إلى منظمة الصحة العالمية والمؤسسات الحقوقية والطبية الدولية للإسراع في نقل طفله للعلاج خارج القطاع قبل أن يفقد بصره بالكامل. وأضاف: "أتمنى أن أراه يرى من جديد بعينه اليسرى، أن يعود لحياته الطبيعية، ويلعب ويعتمد على نفسه كأي طفل".
وفي 2 مارس/ آذار، أغلقت إسرائيل معابر غزة أمام دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية إلى القطاع، ما تسبب في تدهور غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية. ولا يوجد رقم دقيق لعدد الفلسطينيين الذين أصيبوا أو لقوا مصرعهم بسبب مخلفات الجيش الإسرائيلي التي انفجرت لاحقاً. حيث تُشكل المخلفات الحربية التي تركها الجيش الإسرائيلي عقب الانسحاب من قطاع غزة، والتي لم تنفجر، تحدياً للفلسطينيين الذين عادوا إلى تلك المناطق. وتشمل المخلفات ذخائر وعبوات منفجرة وأخرى غير منفجرة وأجزاء من أسلحة وصواريخ حربية، وتمثل خطراً مستمراً على سلامة الفلسطينيين.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، دمر وأحرق الجيش الإسرائيلي 38 مستشفى وأخرجها عن الخدمة، وسط نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، بحسب آخر إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة. كما أخرجت الغارات الإسرائيلية 81 مركزاً صحياً عن الخدمة بشكل كامل، إلى جانب تدمير 164 مؤسسة طبية أخرى.
وبدعم أميركي مطلق، ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 167 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
(الأناضول)