استمع إلى الملخص
- بعد انتهاء الحبس المنزلي، نُقل أيهم إلى سجن المسكوبية ليقضي عامًا آخر، مما يعكس معاناة الأطفال المقدسيين وعائلاتهم مع العقوبات المضاعفة.
- يشير المحامي خالد قزمار إلى أن الحبس المنزلي والسجن يُستخدمان لمعاقبة الأطفال المقدسيين، مما يؤثر على تعليمهم وحقوقهم، ويُشبه الإقامة الجبرية بفرض مسؤوليات إضافية على الأسر.
بعد أكثر من عام أمضاها في الحبس المنزلي بقرار من الاحتلال الإسرائيلي، نقل الطفل المقدسي أيهم نواف السلايمة إلى السجن قبل نحو أسبوعين ليمضي عاماً آخر، كما هو حال مئات الأطفال المقدسيين الذين يخضعون كل يوم لهذا الشكل من العقوبات المضاعفة، ينتقلون خلالها من حبس منزلي إلى حبس فعلي.
أمضى أيهم السلايمة (14 سنة)، من بلدة سلوان جنوب القدس، 14 شهراً في الحبس المنزلي بعد أن أدانته محكمة إسرائيلية برشق مستوطنين بالحجارة، وجاء الحكم بعد أن صادق الكنيست على حبس أطفال في سن الثانية عشر فما فوق حال إدانتهم بتهم أمنية.
والحبس المنزلي عقوبة صارمة لا تفرض على الطفل وحده، بل تطاول أيضاً عائلته التي تتحول إلى ما يشبه السجانين لمراقبة أطفالها الخاضعين للعقوبة، ومنعهم من مغادرة المنزل، وفي حالات اضطرارية، وبعد الحصول على تصريح، يمكن مرافقة الأطفال المحبوسين منزلياً إلى مدارسهم، أو لزيارة الطبيب.
وتقدر لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أعداد من مروا بتجربة الحبس المنزلي خلال العام الأخير بنحو 90 طفلاً، في حين أن أعدادهم خلال الأعوام الماضية كانت تزيد عن ذلك الرقم. بينما تشير معطيات هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية إلى وجود 270 طفلاً في سجون الاحتلال.
يقول نواف السلايمة والد الطفل أيهم لـ"العربي الجديد": "كانت شهور الحبس المنزلي صعبة ومؤلمة على العائلة، إذ تحول المنزل إلى ما يشبه السجن بالنسبة لطفلي الصغير، وتضاعفت المعاناة حين اصطحبت أيهم إلى سجن المسكوبية، حيث سلمته إلى سجانه وسط الدموع. السجن ليس مكاناً مناسباً للأطفال، ومكان أيهم الأنسب هو مقاعد الدراسة، واللعب مع أصدقائه وأطفال حارته كما كل أطفال العالم".
يضيف: "قبل أن أسلمه إلى السجن، اخترت أن أصطحبه في جولة إلى حيث يحب، فذهبنا إلى البلدة القديمة من القدس، والتقطنا الصور التذكارية عند باب العامود، ومن هناك ذهبنا إلى أحد مطاعم الحمص، وتناولنا الإفطار سوياً، وخرجنا في جولة على الأقدام، ثم أخذته إلى صالون حلاقة. أدرك أنه سيعود بعد عام وقد طال شعر رأسه داخل السجن. عند الظهيرة، انتهت جولتنا في ساحة سجن المسكوبية، حيث كان في انتظاره عدد من أصحابه الذين أتوا لوداعه".
يتابع الوالد: "بقينا أكثر من ساعتين ننتظر أن يفتح باب السجن، وحين حضر السجان اقتاد ولدي، ومنعنا من تزويده بالملابس التي اشتريناها خصيصاً، فهذه الملابس ممنوعة، وغالباً ما تختار إدارة السجن للمعتقلين لباساً خاصاً".
اعتقل أيهم في شهر مايو/أيار 2023 الماضي، مع شقيقه الأكبر أحمد، وابني عمهما الطفلين محمد ومعتز، بتهمة إلقاء الحجارة على مجموعة من المستوطنين، وأُفرجَ عنهم جميعاً بشرط الحبس المنزلي مع استمرار المحاكمة، قبل أن تصدر محكمة إسرائيلية قراراً باعتقال الأطفال الثلاثة وفق ما ينص عليه القانون الإسرائيلي الذي يسمح لأجهزة الأمن باعتقال أطفال فلسطينيين بداية من سن الرابعة عشر، وأحياناً دون ذلك.
أمضى أحمد السلايمة شقيق أيهم أربعة أشهر في السجن، ثم أطلق سراحه في صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس والاحتلال التي نفذت في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
ربما يكون أيهم أصغر طفل في سجون الاحتلال حالياً بعد أن بدأ يقضي محكوميته، بينما ترتسم في حياة عائلته قصص اعتقالات لم تتوقف للعديد من أفرادها، بدأت قبل أكثر من ثلاثين عاماً حين اعتقل والده نواف السلايمة، وحينها كان طفلاً لم يتجاوز الثانية عشر من عمره.
وتعليقاً على ما يتعرض له الأطفال المقدسيون من عقوبتي الحبس المنزلي والسجن الفعلي بعد انتهاء فترة الحبس، كما حال الطفل أيهم السلايمة، يقول المحامي خالد قزمار لـ"العربي الجديد": "لا تلغي عقوبة السجن الفعلي التي تصدرها محاكم الاحتلال الحبس المنزلي، وهذه العقوبة في الواقع إجراء تتخذه سلطات الاحتلال الإسرائيلي لمعاقبة الأطفال المقدسيين وتقييد حريتهم، كما تحمل أسرهم مسؤولية أي خرق لهذا الإجراء، وهي أشبه بفرض إقامة جبرية على الأطفال وذويهم، ومن الانعكاسات السلبية لهذا الإجراء أنه يمنع الأطفال من التعليم، ومن حقوقهم الأساسية الطبيعية، وقد تمدد محكمة الاحتلال الحبس لفترات جديدة، وكل من يخالف قراراتها يتعرض لعقوبات إضافية".