الطفلة الفلسطينية سارة تحتاج إلى زرع قلب عاجلاً

الطفلة الفلسطينية سارة تحتاج إلى زرع قلب عاجلاً

الخليل

فاطمة مشعلة

فاطمة مشعلة
06 أكتوبر 2020
+ الخط -

هبوط حاد في عمل القلب في ثلاث حجرات من أصل أربع... هذا هو تشخيص الطفلة الفلسطينية سارة عمايرة الحالي. فالطفلة التي تبلغ ثلاث سنوات، وهي من مدينة دورا، جنوبي الخليل، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، تقاوم منذ ولادتها، إلى أن قرر الأطباء أخيراً حاجتها العاجلة لعملية زرع قلب، وهو الحلّ الوحيد لبقائها على قيد الحياة، كما أنّها معرضة في أيّ لحظة للوفاة.
يقول الطبيب محمد أبو طاقة، أحد المشرفين على حالة سارة، لـ"العربي الجديد": "عملية زرع القلب لا تحتاج فقط إلى قرابة 100 ألف دولار أميركي، وهي الكلفة المالية لإجرائها في بعض الدول، بل إلى متبرع بالقلب، وهذا يتوفر فقط في بلدان تمتاز بكثافة سكانية عالية مثل الهند... والأهم من ذلك مرحلة ما بعد العملية". يؤكد أبو طاقة أنّه لا بدّ من أن يكون هناك "مركز متخصص لمتابعة حالة سارة، بعد عملية زرع القلب في حال إجرائها، لمتابعة المناعة، لتجنب رفض الجسم للقلب المزروع، وهذا يستغرق إقامة في المركز المتخصص قرابة شهرين، وهذه المراكز غير متوفرة في فلسطين، علماً أنّها تتوفر في إسرائيل، لكنّ الأولوية تُعطى للمرضى الإسرائيليين".

قضايا وناس
التحديثات الحية

مشكلة قلب سارة معقدة، إذ بعد إجراء العديد من العمليات، تراجع عمل عضلة القلب بصورة كبيرة، ما أفشل أيضاً جدوى العمليات التي أجريت لها سابقاً، ويكمن الأمل الوحيد لبقائها على قيد الحياة في زرع قلب، بحسب الطبيب أبو طاقة. يقول: "في حال عدم توفر المتبرع بالقلب، يمكن زرع جهاز بديل (RVAD) ريثما يتوفر التبرع". ويمكن إجراء عملية زرع الجهاز البديل للقلب في مستشفى المقاصد المقدسي، حال شراء الجهاز الذي تبلغ كلفته نحو 118 ألف دولار، في حال استطاعت السلطة الفلسطينية شراءه، مع العلم أنّ مستشفى المقاصد لم يجرِ مثل هذه العمليات سابقاً، لكنّ التعويل كبير على خبرة جراح القلب الفلسطيني الشهير نزار حجة.
قد لا تهم والد الطفلة سارة، عبد الله عمايرة (30 عاماً)، التفاصيل الطبية بقدر حرقته على صغيرته وطلبه شفاءها بأيّ طريقة، وهو الذي لا يهدأ حتى على صفحته على موقع "فيسبوك" صباحاً ومساء، يناشد وزارة الصحة الفلسطينية، والرئيس محمود عباس، ودول العالم أجمع. يقول عمايرة لـ"العربي الجديد" بصوتٍ حزين: "لن أترك ابنتي من دون حلّ، لو اضطررت لبيع لحم جسدي. سارة تموت يا عالم، ابنتي دخلت معظم مستشفيات الضفة الغربية، وقد دخلت مرحلة الخطر مراراً، وتلقت العناية المكثفة أياماً عدة، سارة الآن تعيش على الأدوية، وقد زاد الأطباء الجرعات الموصى بها يومياً، كما أنّ جهاز التنفس لا يفارق سارة غالباً".
أدوية سارة مكلفة، كما أنّ الزيارات الدورية للأطباء في القدس وباقي أنحاء الضفة الغربية مكلفة أيضاً، ولا يشارك أحد مع عبد الله عمايرة في هذه التكاليف المرهقة، فهو يعمل في كشك لبيع القهوة في مدينة دورا، وهو أسير محرر وممنوع من الدخول إلى القدس والمناطق المحتلة عام 1948 بأمر من الاحتلال، وكذلك زوجته هديل (24 عاماً)، حتى أنّهما مُنعا من مرافقة ابنتهما خلال رحلة العلاج والعذاب في مدينة القدس، وأوكلا المهمة، مستسلمين للأمر الواقع، إلى جدة سارة لوالدها، سمحية عمايرة.
بالإضافة إلى سارة، تعتني الأم هديل عمايرة بثلاثة أطفال، لكنّ معاناتها في تربية سارة والاهتمام بصحتها المتدهورة منذ ولادتها، زادت من صعوبة تجربتها مع الأمومة. تقول لـ"العربي الجديد": "منذ أنجبتها وأنا أعيش معاناة الاهتمام بها، أنا أمها وممرضتها. ست مرات في اليوم، أجهز جرعات الدواء لسارة، عدا عن مراقبتي لنومها، فهي غالباً تعاني من ضيق تنفس شديد خلال الليل، ويتحول جسدها كاملاً إلى اللون الأزرق. أسهر معها حتى الصباح، وفي الآونة الأخيرة، لا تستطيع سارة التنفس من دون جهاز التنفس الاصطناعي، مع العلم أنّ سارة تتعرق طوال الوقت بغض النظر عن الطقس، حتى لو كان بارداً، وهي في الأصل لا تستطيع النوم بسهولة أسوة بأشقائها".
سارة محرومة من اللعب، وإذا استطاعت، فاللعب محدود، وإذا جربت هذه الطفلة المحاربة للمرض المزيد من اللعب، يخذلها قلبها الضعيف، فتسقط أرضاً على الفور، فيما تقول والدتها هديل عمايرة: "تربطني علاقة خاصة بسارة، فهي لا تقبل النوم إلّا بين ذراعي، وعندما تجوع تطلب الطعام مني، نلعب معاً ونضحك كثيراً".
يطالب الأب عبد الله عمايرة وزارة الصحة الفلسطينية، والسلطة الفلسطينية عموماً، بموقف واضح من مسألة علاج سارة، بالرغم من تأكيد مسؤول قسم التحويلات في وزارة الصحة الفلسطينية الطبيب هيثم الهدرة لـ"العربي الجديد"، أنّ الوزارة جاهزة لإتمام إجراء تحويل سارة إلى الهند لإجراء عملية زرع قلب، لكنّ الهند، وهي الدولة الوحيدة في العالم، بحسب الهدرة، التي تبيع خدمة زرع القلب والرئتين، أوقفت هذه الخدمة أخيراً، لإعطاء الأولوية لمواطنيها، وبسبب طول قائمة المحتاجين لمثل هذه العمليات من الهنود. يقول الهدرة: "لا خيار آخر لعلاج سارة، وفي حال وجد، فنحن جاهزون لاتباعه في وزارة الصحة، لأنّ العلاج حق للمواطن، وقد التقيت والد الطفلة سارة، وشرحت له مسألة الهند، مع العلم أنّ بلداناً أخرى، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، تجري هذه الجراحة، لكنّها لا تبيع الخدمة كي تشتريها وزارة الصحة الفلسطينية".

متضامنون ونشطاء أطلقوا هاشتاغ #أنقذوا_سارة، في محاولة للفت انتباه العالم إلى قضية علاج سارة، وقد ذهب البعض إلى لوم السلطة الفلسطينية ومسؤولين فيها، مع اتهامهم بالتقاعس في البحث الحثيث عن حلول.

ذات صلة

الصورة

سياسة

هاجم مئات المستوطنين المسلحين قرية برقا شرق رام الله، حيث أضرموا النيران في حظيرة كبيرة لتربية الأغنام وأصابوا العديد من المواطنين بجروح
الصورة

سياسة

من عمليات اعتداء عشوائية، إلى هجمات دامية ومنظمة، هكذا تحوّل تنظيم "شبيبة التلال" الإرهابي خلال أكثر من عقدين على تأسيسه في جبال الضفة الغربية.
الصورة
مطالبة بإنهاء الإبادة الجماعية في قطاع غزة (حسن مراد/ Getty)

مجتمع

يسعى أساتذة في تونس إلى تعويض غياب العملية التعليمية الجامعية بالنسبة للطلاب الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي، من خلال مبادرة تعليمية عبر منصات خاصة.
الصورة
هاريس رئيس وزراء أيرلندا الجديد (فرانس برس)

سياسة

حذّرت وزارة الخارجية الإسرائيلية رئيس الوزراء الأيرلندي من خطر الوقوف "على الجانب الخاطئ من التاريخ"، وهاجمته خصوصاً لأنّه لم يذكر في خطابه الرهائن في غزّة.

المساهمون