الصين: الرجال يتمسكون بأقل مهمات منزلية

الصين: الرجال يتمسكون بأقل مهمات منزلية

20 ابريل 2022
تريد الصينيات أن يتحمل الرجال مسؤوليات أكبر في المنزل (زهانغ لانغ/ Getty)
+ الخط -

أطلقت أمهات عاملات في الصين حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لمطالبة الرجال بتحمل مزيد من المسؤوليات تجاه رعاية وتربية الأطفال. وقد اعتبرن أنه من غير العادل أن يتحمل الزوج مسؤوليات أقل في المنزل، في حين أنهن يعملن نفس عدد الساعات.
وجاء ذلك بعدما أظهرت دراسة حديثة أعدها مكتب العمل أن الأمهات العاملات يعملن بمعدل 8.5 ساعات يومياً في مقابل 9 ساعات يومياً للرجال، لكنهن يمضين ثلاث ساعات في تنفيذ الأعمال المنزلية في مقابل 15 دقيقة لأزواجهن، ما أثار جدلاً كبيراً دفع البعض إلى المطالبة بالمساواة
ويعتبر خبراء أن تحقيق التوازن في هذه الحالة فرضية خاطئة، وأن النساء يجب أن يفاضلن بين طموحاتهن الوظيفية ومهماتهن المنزلية الأساسية. أما الرجال، فرفضوا الحملة، وأصروا على أن المرأة يجب أن تدرك أن اختيارها أداء وظيفة خارج المنزل يحتم تقديمها تنازلات، وتحمل أعباء إضافية، كما أن دفع الرجل إلى الأعمال المنزلية من دون رغبة أو اقتناع قد يؤدي إلى نتائج عكسية.

قضايا وناس
التحديثات الحية

تعمل تشي سون (32 عاماً)، وهي أم لطفلين أكبرهما في سن السادسة، في مخبز بالعاصمة الصينية بكين، وتقول لـ"العربي الجديد": أعمل ثماني ساعات يومياً، وأحصل على يوم إجازة واحد في الأسبوع لا يكون غالباً خلال عطلة نهاية الأسبوع يومي السبت والأحد، بسبب ضغط العمل خلالهما. وبالتالي، لا أستطيع أن أجتمع مع زوجي في يوم إجازة مشترك، وأتحمل كل أعباء المهمات المنزلية منذ الساعة السادسة مساء، حين تغادر مدبرة المنزل التي تهتم برعاية الأبناء".
تضيف: "حين أعود مساء، يجب أن أعد الطعام لزوجي وطفليّ وأقوم بغسل الأطباق وترتيب المنزل، ومتابعة بعض الواجبات الدراسية. وحين أنتهي، يتملكني تعب ويغلبني النعاس، فأذهب إلى الفراش كي أستيقظ باكراً في اليوم التالي لبدء يوم جديد".
وعن الحملة التي تطالب الرجال بتحمل مزيد من المسؤوليات على صعيد رعاية الأبناء، تقول تشي: "أؤيد بشدة دخول الرجل إلى المطبخ ومساعدة الزوجة في إعداد الطعام، وكذلك المساهمة في تجهيز الأولاد للذهاب إلى المدرسة ومتابعة واجباتهم، وحتى تحمل أعباء تنظيف وتوضيب البيت. لا ينتقص ذلك من قيمة الرجل، بل يشير إلى مقدار تقديره الزوجة العاملة. وفي كل الأحوال، ليس عادلاً أن تشارك المرأة في تحمل تكاليف المعيشة، ولا يشارك الرجل حتى في جزء بسيط من الواجبات المنزلية".

الصورة
تطالب الصينيات العاملات بالمساواة (ليو جين/ فرانس برس)
تطالب الصينيات العاملات بالمساواة (ليو جين/ فرانس برس)

لا قبول
في المقابل، يشدد لونغ وي تشين، وهو موظف في شركة أدوية بمدينة شينزن، لـ"العربي الجديد"، على أنه غير مستعد لقبول فكرة القيام بأعمال منزلية، حتى إذا رغبت زوجته في ذلك، ويقول: "عارضت منذ البداية عمل زوجتي في القطاع الخاص، وطالبتها بالبقاء في المنزل لرعاية ابننا الوحيد البالغ ثلاث سنوات، علماً أن أكثر من نصف الأجر الذي تناله زوجتي يدفع  لمدبرة المنزل التي تعمل خمسة أيام في الأسبوع فقط". يضيف: "اختارت زوجتي أن تعمل، ويجب أن تتحمل تبعات خيارها وحدها من دون أن تطالبني بالقيام بمهمات منزلية، في حين أنني أحتاج إلى أخذ قسط من الراحة بعد العودة من الوظيفة".
وتقول الباحثة الاجتماعية لان جو يان لـ"العربي الجديد": "يدفع الأبناء الذين يتربون في بيئة مفككة ثمناً باهظاً لانشغال الزوجين، وتكليف مدبرات مهمات الرعاية في مقابل أجر مادي. لا شك في أن المرأة العاملة تجد صعوبة في تحقيق التوازن بين العمل والمنزل، كما لا يستطيع الرجل أن يتصور نفسه في المطبخ بعد يوم عمل شاق. وفي هذه الحالة، يجب أن يتفق الزوجان على تقسيم المهمات، مع مراعاة متطلبات وجود أحدهما في المنزل بشكل دائم لرعاية الأبناء، وهو ما يتوقف على من يملك وظيفة ثابتة ذات دخل مرتفع".
في المقابل، يحمّل آخرون الحكومة مسؤولية توفير بيئة أسرية آمنة وصحية من خلال تقديم الإعانات الشهرية للأسر، وخفض أعباء تكاليف السكن والتعليم والعلاج، باعتبار أن هذا الأمر يدفع الأزواج إلى العمل من أجل تغطية المصاريف الباهظة على حساب عدم نيل جيل كامل قسطاً كافياً من الرعاية الأبوية.
وفي الأشهر الأخيرة، قدمت السلطات الصينية حوافز لحث الأسر على الإنجاب بعد انخفاض معدل المواليد الجدد إلى 12 مليوناً العام الماضي، ما عزز قلقها من بطء النموّ السكاني، وحتم دقّها ناقوس الخطر لإيجاد حلول عاجلة، خصوصاً أن خبراء في الديموغرافيا حذروا من أنّ البلاد مقبلة على أزمة حقيقية،إذا لم تتوفر معالجات آنيّة وفعّالة.

المرأة
التحديثات الحية

وشملت هذه الحوافز الممنوحة إلى الأسر تمديد إجازة الأمومة إلى 190 يوماً بعد الولادة، وخفض ضريبة نفقات الأطفال دون سن الثالثة، وتنفيذ نظام المكافآت والسياسات التفضيلية للأسر التي لديها طفل واحد. أيضاً شملت الإجراءات دفع المدارس الابتدائية والمتوسطة إلى تمديد اليوم الدراسي مدة ساعتين على الأقل خلال أيام الأسبوع، كي يتوافق ذلك مع احتياجات الآباء العاملين. وأعلنت خطة حكومية لإضافة نصف مليون مركز لرعاية الأطفال منخفضة التكلفة في 150 مدينة، وتوسيع مدارس حضانة الأطفال دون سن الثالثة من 1.8 إلى 4.5 لكل ألف طفل.

المساهمون