الشمال السوري مهدد بـ"كارثة دلتا"

الشمال السوري مهدد بـ"كارثة دلتا"

26 اغسطس 2021
داخل مستشفى في إدلب (عمر ألبام/ Getty)
+ الخط -

يبذل مسؤولو الأجهزة الصحية والإنسانية جهوداً مضاعفة في مناطق شمال غربي سورية للسيطرة على الارتفاع الهائل في عدد إصابات فيروس كورونا، والذي تضاعف، بحسب تقارير، نحو سبعة أضعاف عن معدله مطلع أغسطس/ آب الجاري، وتحديداً من 100 إلى 800 يومياً، معظمها في المنطقة المحرّرة من محافظة إدلب. ودفع ذلك منظمات إنسانية ناشطة في المحافظة إلى التحذير من كارثة إنسانية حقيقية تصيب المنطقة.
وأبلغت مديرية الصحة في محافظة إدلب "العربي الجديد" أن نسبة إشغال المستشفيات المخصصة لاستقبال مصابي فيروس كورونا في إدلب ارتفعت أخيراً بسبب انتشار متحوّر "دلتا" من فيروس كورونا، وأن عدد الوفيات زاد. ودعت سكان مناطق شمال غربي سورية إلى التزام وسائل الوقاية من الفيروس، ومحاولة الحصول على اللقاح المتوفر.
ورصد مختبر الترصد الوبائي 849 إصابة جديدة بفيروس كورونا في المنطقة في أغسطس/آب الجاري، ليبلغ إجمالي عدد الإصابات 31,453، مع ارتفاع عدد الوفيات إلى 746 شخصاً. كما أعلنت الأجهزة الصحية في شمال غربي سورية قبل نحو أسبوع تسجيل 47 إصابة بالمتحوّر "دلتا".
يؤكد المسؤول الإعلامي في جهاز الدفاع المدني السوري أحمد شيخو أن الجهاز يتعاون مع المنظمات الإنسانية ومديريات الصحة شمال غربي سورية، وينسق جهوده معها في سبيل مواجهة تفشي فيروس كورونا. ويقول لـ"العربي الجديد": "جهاز الدفاع المدني السوري جزء من خطة الطوارئ التي وُضعت العام الماضي مع مديريات الصحة والمنظمات الطبية بهدف السيطرة على الوباء ومنع انتشاره. وجهّزنا بالتنسيق مع القطاع الطبي سيارات إسعاف ونقاط إخلاء للمصابين بالفيروس، وأنشأنا في الفترة السابقة 32 مركزاً للاستجابة لحالات الإصابات المشبوهة بكورونا، من أجل نقلها إلى المستشفيات ومراكز الحجر الصحي".

ويكشف شيخو أن "الدفاع المدني السوري يعمل لتنفيذ مشاريع عدة تهدف بالدرجة الأولى إلى مساعدة المدنيين والوقوف إلى جانبهم، وبينها تشغيل معمل لتعبئة الأوكسجين وآخر لإنتاج الكمامات وبزّات العزل وأقنعة بلاستيك للحماية من الفيروس، كما خصص محرقة لرمي النفايات الطبية. وتصب كل خطوط إنتاج هذه المعامل أساساً في خدمة القطاع الطبي باعتباره المستجيب الرئيسي وخط الدفاع الأول في مواجهة الوباء، علماً أن وحدات الدفاع المدني باشرت مع انتشار الجائحة في العالم ودول الجوار تنفيذ عمليات تطهير وتوعية من الفيروس في الشمال السوري. وشاركت 80 وحدة من الدفاع المدني تضم خمسة متطوعين في المتوسط في تنفيذ عشرات الآلاف من عمليات التطهير التي تغطي كل مناطق الشمال السوري. وتتواصل مهمات هذه الفرق بحسب درجات التفشي، ومتطلبات المكافحة". ويشدد شيخو على ضرورة التركيز أيضاً على حملات التوعية في موازاة عمليات التطهير، "إذ نعلم جميعاً أن مسألة الوقاية مهمة جداً، علماً أن حملاتنا شملت نشر ملصقات ولوحات تعريف بأخطار الفيروس وسبل الوقاية منه".

لقاحات توفرها جمعيات (عمر حاج قدور/ فرانس برس)
لقاحات توفرها جمعيات (عمر حاج قدور/ فرانس برس)

ومع رصد عدد كبير من الإصابات بمتحور "دلتا" من فيروس كورونا في الشمال السوري، يقول شيخو: "نعيش الآن موجة جديدة من الفيروس مع تأكيد وجود مصابين بالمتحور دلتا. ونتوقع حصول طفرة كبيرة في عدد الإصابات بهذا المتحوّر قريباً، والذي رأينا عجز دول عظمى أمامه، لذا يعتبر جهاز الدفاع المدني أن كل ما سبق كان مجرد إجراءات وقائية، وأن مهمته أكبر اليوم، لكن لا بدّ من الاعتراف بحقيقة أن القدرة على الاستجابة للفيروس لا يمكن أن تكون في معزل عن الإمكانات والسياق العام للشمال السوري".
ويحمّل شيخو "النظام السوري وروسيا مسؤولية تدمير جزء كبير من القطاعات الصحية والمستشفيات واستهداف الكوادر الطبية بهدف حرمان السكان من خدماتها". ويشير إلى أن "تردي الأوضاع الاقتصادية يجعل تطبيق إجراءات الوقاية والتباعد الاجتماعي في غاية الصعوبة في منطقة تعتبر إحدى الأكثر احتضاناً للسكان نتيجة حملات التهجير التي طاولت ملايين السوريين. ويعني عدم تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي تحديداً أن حجم الكارثة كبير خصوصاً في المخيمات التي يعيش فيها أكثر من مليون ونصف مليون شخص يعانون من تردي أوضاعهم الاقتصادية وفقدان الخدمات الأساسية، ما يجعل هذه المخيمات بؤرة حقيقية للوباء".

يتابع شيخو: "لا شك في أن الشمال السوري يحتاج في الوقت الراهن إلى تعزيز شعور المدنيين بالمسؤولية في التعامل مع الفيروس ومخاطره، وأخذ موضوع تفشي فيروس كورونا على محمل الجدّ، إذ لا يمكن أن تتحمّل الجهات التي تعمل على الاستجابة للفيروس مسؤولية انتشار الوباء من دون الأخذ في الاعتبار عدم التزام المدنيين. ورغم أن الظروف السائدة والأوضاع الصعبة لا تساعد في مكافحة الوباء في المخيمات المكتظة، لكنّ هناك حداً أدنى من إجراءات الوقاية لم يطبق من قبل المدنيين. ونحن نطالب منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة بتسريع عمليات إدخال اللقاح إلى مناطق شمال غربي سورية، وتأمين عدد كافٍ منها للمدنيين باعتباره الحل الوحيد لمواجهة تفشي الفيروس".

المساهمون