الشتاء يطفئ أنوار خيام الفلسطينيين وهواتفهم في غزة

29 نوفمبر 2024
الطاقة الشمسية الوسيلة الوحيدة لشحن الهواتف في غزة (عبد زقوت/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعتمد سكان غزة بشكل كامل على الطاقة الشمسية بسبب الانقطاع الكامل للكهرباء منذ بداية العدوان الإسرائيلي في أكتوبر 2023، مما يزيد من صعوبة الحياة اليومية في ظل غياب البدائل.
- يواجه النازحون تحديات كبيرة في شحن الهواتف والبطاريات خلال المنخفضات الجوية، مما يفاقم الأزمات المعيشية في المخيمات ومدارس اللجوء التي تفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية.
- تتسبب أزمة الطاقة في تعطل المشاريع الصغيرة التي تعتمد على الطاقة الشمسية، مما يعقد الحياة اليومية ويقطع التواصل بين سكان غزة والعالم الخارجي.

يفاقم غياب الشمس الأوضاع الإنسانية السيئة في غزة إذ يزيد عتمة الخيام البلاستيكية والخشبية والملاجئ والمدارس التي تؤوي النازحين، ويتسبب في انطفاء أجهزة الهواتف والإضاءة، ما يزيد وحشة ليالي النزوح

مع عودة الشتاء والمنخفضات الجوية وغياب الشمس من أجواء قطاع غزة، تبرز أزمة عدم قدرة الفلسطينيين على شحن هواتفهم والبطاريات التي يستخدمونها لإنارة خيامهم باستخدام الطاقة الشمسية بسبب سوء الأحوال الجوية. ورغم تهالك تقنية الشحن عبر ألواح وأجهزة الطاقة الشمسية بسبب عدم صيانتها، واستمرار الاعتماد الكامل عليها جراء الانقطاع الكامل للتيار الكهربائي منذ بداية العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لكنها تعتبر الوسيلة الوحيدة لتوفير الطاقة في غزة في ظل فقدان البدائل. ويشمل الضرر الذي يسببه عدم تشغيل أجهزة الطاقة الشمسية بفعل غياب الشمس خلال المنخفضات الجوية المواطنين الذين يعتمدون عليها بشكل أساسي في الشحن والإضاءة، وأيضاً أصحاب المشاريع الصغيرة الذين يستخدمونها لمحاولة توفير مصدر بسيط للدخل يسمح بالتغلب على الواقع الاقتصادي الصعب.
ويجبر قطع الاحتلال الإسرائيلي كل خطوط الكهرباء، ومنع دخول مشتقات البترول لتشغيل محطة الكهرباء أو المولدات التي تعتبر البديل الأول للخروج من الأزمة، الفلسطينيين على الاعتماد بالكامل على أجهزة الطاقة الشمسية رغم أن قدراتها غير مستقرة وتتقلص فعّاليتها.

يقول عبد الحق أبو زيد، لـ"العربي الجديد": "أعتمد على نقطة شحن قريبة من خيمتي لشحن الهواتف المحمولة وبطارية صغيرة للإنارة وباور بانك يساعد بشكل محدود على الشحن خلال فترة الليل، لكن المنخفضات الجوية وغياب الشمس تتسبب في إغلاق النقاط التي يعتمد عليها الناس جراء الانقطاع التام للتيار الكهربائي"، ويلفت إلى أن أزمة الشحن خلال المنخفضات الجوية أو حتى غياب الشمس بسبب الغيوم يُضاف إلى مجموعة الأزمات والتحديات والصعوبات المعيشية التي يواجهها النازحون الفلسطينيون منذ اليوم الأول للعدوان الذي أفقدهم بيوتهم ومناطقهم السكنية وحياتهم الطبيعية.
ويعتبر أبو زيد أن أزمة شحن الهواتف وأجهزة الإنارة تظهر الصعوبات الكبيرة التي يعاني منها الفلسطينيون وصولاً إلى أدق تفاصيل حياتهم اليومية في المخيمات ومدارس اللجوء التي تفتقر في الأساس إلى أدنى مقومات الحياة الآدمية.

قبل أن تحل عتمة الليل (فرانس برس)
قبل أن تحل عتمة الليل (فرانس برس)

بدوره، يوضح سعدي حسونة أن أزمة شحن الهواتف والأجهزة الكهربائية وبطاريات الإنارة تتوّج مختلف أشكال القهر والحرمان التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء العدوان، ويقول لـ"العربي الجديد": "استخدمت الطاقة الشمسية قبل بدء العدوان الإسرائيلي لمحاولة تجاوز أزمة الكهرباء التي تسبب بها الحصار الإسرائيلي المتواصل للقطاع منذ 18 عاماً وتعمّده منع دخول الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء وقطع خطوط الكهرباء بشكل متواصل، أما الانقطاع التام للكهرباء بعد العدوان فحوّل الاعتماد الجزئي على الطاقة الشمسية إلى كامل ما أتلف العديد من الأجهزة وأضعف قدرتها على تلبية الاحتياجات.
ويعتمد حسونة على الطاقة الشمسية في شحن هاتفه الخاص وآخرين لزوجته وابنه، وأيضاً بطارية متوسطة الحجم لإنارة الخيمة خلال ساعات الليل، ويشير إلى أن غياب الشمس خلال المنخفضات والتقلبات الجوية يحرمه من تشغيل هذه الأجهزة، ما يزيد صعوبة حياة النزوح، ويقطع آخر خيط للتواصل بين الناس أنفسهم داخل غزة أو مع العالم الخارجي.

ويتحدث أنور مصلح، وهو صاحب نقطة لشحن الهواتف والأجهزة الكهربائية والبطاريات، لـ"العربي الجديد"، عن أنه اشترى لوحين للطاقة الشمسية من أجل شحن أجهزته وتوفير فرصة عمل تسمح له بشراء المتطلبات الأساسية لأسرته النازحة في غرب مدينة دير البلح، وسط غزة، ويقول: "تطفئ المنخفضات الجوية هذه الأجهزة، ما يزيد صعوبة الأوضاع التي يعيشها الفلسطينيون خلال الحرب، رغم أن قدرتها على الشحن تتضاءل يوماً بعد آخر بسبب الضغط الشديد عليها". يتابع: "اعتدت تشغيل ألواح الطاقة الشمسية وملاحقتها على مدار اليوم، وتسلّم أجهزة الهواتف والبطاريات والأجهزة الكهربائية مع الشواحن الخاصة بها، وشحنها عبر شبكة أسلاك مترابطة، ثم تسليمها لأصحابها مع اقتراب غروب الشمس لقاء مبلغ مادي يدعم تدبير متطلبات أسرتي، لكن غياب الشمس يمنعني من فتح مشروعي أو حتى شحن أجهزتي الشخصية".
والى جانب تأثير انطفاء أجهزة الطاقة الشمسية على الحياة اليومية لفلسطينيي غزة، فهو يتسبب في تعطل العديد من أصحاب المشاريع الصغيرة الذين يعتمدون عليها لتوفير قوت أسرهم، مثل الحلاقين الذين يشحنون الماكينات عبرها، وأصحاب الغسالات الكهربائية وثلاجات تبريد الأطعمة، وأصحاب الأعمال الحرة التي تعتمد على الإنترنت وأجهزة الكومبيوتر.

المساهمون