الشتاء الثاني مع كورونا.. أوروبا تحت ضغوط موجات جديدة

الشتاء الثاني مع كورونا.. أوروبا تحت ضغوط موجات جديدة

19 نوفمبر 2021
يتصاعد القلق من موجات جديدة بدخول أوروبا الشتاء الثاني (Getty)
+ الخط -

يتجّه نحو 40 في المائة من سكان الدنمارك إلى الموافقة على اتخاذ سلطات بلدهم إجراءات مشددة شبيهة بالنمسا بحق غير الملقحين ضدّ كورونا، بحسب استطلاعات نشرها التلفزيون الدنماركي والصحافة المحلية مساء الخميس.

والقلق من موجات جديدة بدخول أوروبا الشتاء الثاني مع كورونا يمتد من السويد شمالاً إلى اليونان جنوباً، وخصوصاً قبيل كثافة اللقاءات باحتفالات أعياد الميلاد، بعد أن أظهرت تقارير طبية أن فعالية اللقاح تنخفض لدى متلقيه فوق 65 سنة بعد مرور أشهر على التطعيم. 

القلق من موجات جديدة بدخول أوروبا الشتاء الثاني مع كورونا يمتد من السويد شمالاً إلى اليونان جنوباً

وفي النمسا التي وصلت نسبة التطعيم فيها إلى نحو 64 في المائة فقط اختارت الحكومة قبل أيام فرض إغلاق على من لم يتم تطعيمهم، وفرض غرامة مالية تصل إلى نحو 150 يورو على مخالفي الإجراءات الجديدة، التي تسمح فقط بالخروج الضروري من البيوت، إذ أكد المستشار ألكسندر شالنبرغ خجله من انخفاض نسبة متلقي اللقاح في بلده. 

الصورة
(Getty)

وعلى الرغم من أن بعض الدول الأوروبية نجحت في تطعيم غالبية سكانها، إلا أن وجود الملايين بدون لقاح، وارتفاع معدلات الوفيات، يدفعانها إلى إجراءات وقائية جديدة، في حين ما تزال دول أخرى، وخصوصاً في شرق القارة الأوروبية، عاجزة عن تطعيم الأغلبية، وتزداد فيها مشاهد اكتظاظ المستشفيات بالمرضى مع ملاحظة تخطي نسب الوفيات ما لدى غيرها في شمال وغرب القارة.

وبرلين التي تعاني من وجود نسبة كبيرة من رافضي اللقاح تتجه لتبني إجراءات مشددة على طريقة فيينا، وخصوصاً مع اقتراب موسم وأسواق أعياد الميلاد التقليدية السنوية في عموم ألمانيا، حيث من المفترض أن تنتهج بعض المقاطعات تدابير طارئة لمواجهة تفشي الوباء.

وتختار دول أوروبية مزيجاً من الإجراءات الحازمة وأخرى تعتبر ألطف، وبالأخص من خلال حملات إعلامية وتسيير حافلات اللقاح في المناطق المعرضة للخطر، دون استثناء إجراءات إلزامية لتلقي الحقنة في بعض المهن، وبالإضافة إلى ذلك تتجه بعض الدول لفرض ثمن إجراء اختبار كورونا لإجبار الناس على اللقاح بدل إرهاق جيوبهم كل 3 أيام للحصول على وثيقة خلو من الوباء، ما يجعل البعض يشعر بأن اللقاح "يجرى فرضه بإكراه"، كما يشيع بعض الإيطاليين والنمساويين والألمان الرافضين للتطعيم.

في العموم تبدو أوضاع بعض الدول الأوروبية اليوم الجمعة على النحو الآتي: 

السويد نحو فرض جواز كورونا 

على الرغم من أن العدوى والوفيات في حالة تراجع، تتجه الحكومة السويدية مع بداية الشهر المقبل لفرض ضرورة إظهار "وثيقة كورونا" (جواز كورونا) لبعض الأنشطة الكبيرة التي يتجاوز عدد المشاركين فيها 100 شخص، مع مخاوف من أن اتساع العدوى في أوروبا يمكن أن يجر وضعاً غير مريح للقطاع الصحي السويدي في موسم سفر السويديين في مناسبات الميلاد. 

الصورة
(Getty)

ألمانيا على خطى النمسا

سجّلت ألمانيا خلال الأيام الماضية نحو 50 ألف إصابة بالجائحة يومياً. ومع انخفاض المقدمين على تلقي اللقاح في جنوب وشرق البلاد أدخلت برلين وبعض الولايات الأخرى نظاماً شبيهاً بالنمساوي، باتباع قواعد خاصة بحق غير الملقحين، لكن دون إجبارهم على البقاء في منازلهم بل الحد من مشاركتهم في الأنشطة دون إظهار نتائج فحص سالب لكورونا. 

إيطاليا.. مخاوف من انفلات الوضع 

أما في إيطاليا التي ضربتها الجائحة بقسوة في مارس/ آذار 2020 فقد أدخلت السلطات قواعد تتطلب تطعيم كل أرباب العمل في القطاعين الخاص والعام. ويضطر الأشخاص غير متلقي التطعيم إلى إجراء اختبار كورونا كل يومين وعلى نفقتهم الخاصة، وهو الإجراء الذي جرى تبنيه وأثار موجات احتجاج بسبب الإرهاق المالي للفحوص، ومن المتوقع أن تذهب روما نحو مزيد من التشدد في الإجراءات خشية من انفلات الوضع في فصل الشتاء. 

الصورة
(Getty)

سلوفاكيا قلقة من انخفاض نسب التطعيم

وفي سلوفاكيا يتزايد القلق من انخفاض نسب التطعيم التي تقل عن مثيلاتها الأوروبية. وعليه يتجه البلد بدءاً من الأسبوع المقبل إلى إنتاج سياسة متشددة مع هؤلاء الذين لم يتقدموا لتلقي اللقاح، ومن إجراءات أخرى يبرز بشكل رئيس فرض حجر على غير الملقحين لثلاثة أسابيع، لا يسمح فيها سوى بالتوجه إلى العمل في حالة إظهار نتائج فحص سالب. وهي ذات الإجراءات التي ستطبقها شقيقتها السابقة وجارتها جمهورية التشيك، بعد انتشار العدوى فيها إلى مستويات قياسية خلال الأسبوع الماضي. 

جدل حول سياسات الحكومة في روسيا

وفي روسيا التي تعاني جدلاً كبيراً حول سياسات حكومة موسكو في إشاعة أجواء تفاؤل بعد الإعلان عن "فعالية لقاح سبوتنيك"، ها هي الوفيات تسجل أرقاماً قياسية. ولم تتمكن موسكو سوى من تطعيم نحو ثلث السكان، وفقاً لأرقام محلية وأوروبية تتابع بقلق توسع الجائحة التي جعلت رئيسها فلاديمير بوتين يتغيب عن قمة المناخ في غلاسكو، بل يدخل شخصياً في حجر صحي بعد الأنباء عن إصابته قبل أسابيع. وتتأخر الإجراءات الروسية بشكل لافت لناحية منح متلقي اللقاح "جواز/ وثيقة كورونا" حتى بداية فبراير/ شباط المقبل لتمكين المواطنين من السفر بالطائرات والقطارات محلياً. 

أوكرانيا تمنح حوافز مالية 

الوضع في كييف لا يختلف كثيراً عن باقي دول الجوار الأوروبية الشرقية، أو عند جارتها روسيا. وسجلت أوكرانيا أسوأ الأرقام الأوروبية لناحية الإصابات وأعداد الوفيات خلال الفترة القريبة الماضية. ويتزايد الضغط على السلطات في كييف لانتهاج إجراءات جذرية ومشددة. وتحاول السلطات منح المواطنين حوافز مالية لتلقي اللقاح، باقتراح قبل أيام بمنح كل متلقٍّ للقاح نحو 40 دولاراً أميركياً، وهو ما يعادل عشر متوسط الراتب في أوكرانيا. 

بلجيكا تشدد الإجراءات

في بلجيكا، ورغم تطعيم نحو 75 في المائة من السكان، اضطرت السلطات تحت وقع زيادة كبيرة في أعداد المصابين في مشافيها، بواقع نحو 229 إدخالاً ووفيات بنحو 28 حالة بشكل يومي خلال الأسبوع الماضي، إلى العودة لإجراءات صارمة سابقة، أقلها فرض ارتداء الكمامات خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، ويشمل ذلك كل المطاعم والحانات وصالات التدريب، وإظهار "جواز كورونا"، ولا تنزع الكمامة إلا في حالة الجلوس في المطعم أو الوقوف على آلة التمرين، وسيكون إلزامياً العمل من المنزل 4 أيام من أصل 5 أسبوعياً لمن يستطيع، وبدءاً من الـ13 من الشهر المقبل تخفّض الأيام إلى 3 أيام عمل منزلي.  

موجة جديدة في فرنسا 

أما في فرنسا، فإن موجة جديدة بدأت تضرب البلاد، رغم نشاط الحكومة في تطعيم مواطنيها. وبات مطلوباً من المواطنين حمل شهادة "مرور صحي" لارتياد المطاعم والمرافق الثقافية والفنية من بين أماكن كثيرة مع اقتراب موسم إشعال شجرة الميلاد إيذاناً بأعياده في البلد الكاثوليكي. ويتوجب بدءاً من 15 ديسمبر/ كانون الأول المقبل حمل فحص بي سي ار سالب (يكلّف حوالي 50 يورو)، بل تتوسع الإجراءات لتشمل من تلقوا جرعتين فوق الـ65 عاماً، إذ يفترض بهم الحصول على الجرعة الثالثة للحصول على وثيقة خلو من كورونا. 

الصورة
(Getty)

بريطانيا.. قواعد صارمة

وعلى الجانب الآخر من المانش تذهب اسكتلندا لانتهاج قواعد صارمة أكثر من السابق. ففيها يتوجب الآن الحصول على تطعيم كامل (جرعتان) لارتياد النوادي الليلية والأنشطة الأخرى. وفي ويلز ما يزال العمل بشهادة أو وثيقة خلو من كورونا لدخول المطاعم والأندية، مع توقعات بزيادة عدد متلقي اللقاح في عموم المملكة المتحدة قبيل موسم الميلاد. 

الدنمارك نحو "وثيقة التطعيم"

وبالعودة إلى اسكندنافيا شمالاً، فإن حكومة كوبنهاغن التي عملت جاهدة منذ ربيع العام الحالي للوصول إلى مناعة القطيع، حيث وصل التطعيم إلى نحو 78 في المائة من مواطنيها، بات القلق يعتري البلاد بعد تزايد الإصابات بين الشباب، بل حتى بين من هم فوق 65 سنة وتلقوا جرعتي اللقاح خلال الصيف، ما يعني الحاجة إلى جرعة ثالثة بعد ثبوت تراجع فعالية فايزر لدى هذه الفئة العمرية بمرور نحو 6 أشهر على اللقاح.

الصورة
(Getty)

ولمواجهة ضغوط القطاع الصحي تنتهج كوبنهاغن منذ بداية الأسبوع الحالي (15 نوفمبر/ تشرين الثاني) العودة إلى العمل بإجراءات حمل "جواز كورونا (وثيقة تطعيم)" التي ألغيت سابقاً للوصول إلى معظم الأماكن العامة، من بينها على سبيل المثال المقاهي والمطاعم. وتضطر الشركات وأماكن العمل في القطاعين الخاص والعام إلى إلغاء ما يطلق عليه "حفلة عيد الميلاد" لموظفيها خشية من انتشار الوباء بين المحتفلين. 

اليونان تمنح جرعة ثالثة للفئة العمرية فوق 65 سنة

وفي أقصى جنوب القارة تبرز الحالة اليونانية المثيرة للقلق محلياً، باعتبار البلد مقصداً سياحياً للأوروبيين الشماليين في موسم إجازات الميلاد. ولمواجهة مخاطر الموجة الشتوية الثانية لكورونا باتت أثينا تفرض التطعيم على موظفي واختصاصيي الرعاية الصحية، خشية انتقال العدوى منهم إلى كبار السن والمرضى بعد أن تراخت في المجال في أشهر التفاؤل الصيفي. وتبدأ اليونان بمنح جرعة ثالثة للفئة العمرية فوق 65 سنة لاعتبارهم "محصنين بالكامل"، أو للحصول على وثيقة تطعيم. 

الصورة
(Getty)

ورغم المخاوف فإن الأرقام الأوروبية تفيد بتلقّي أكثر من 60 في المائة من مواطني القارة العجوز جرعتي اللقاح ونحو 69 في المائة جرعة أولى، وتختلف النسبة من بلد إلى آخر. وبالأرقام فإن نحو 316 مليون إنسان تلقوا جرعة واحدة على الأقل من اللقاح (296 مليوناً أنهوا الجرعة الثانية) في غرب وشمال القارة، بينما الأرقام في روسيا والدول الجارة للقارة في الشرق أقل بكثير من نسبة دول الاتحاد الأوروبي، مضافة إليها النرويج الدول غير العضو. 

الصورة
(Getty)

المساهمون