استمع إلى الملخص
- تعاني السويداء من انقطاع شبه كلي للكهرباء والمياه بسبب العمليات العسكرية، وتعتمد على مبادرات أهلية لتوفير المواد الأساسية وسط نقص حاد في الطحين والوقود، مع وضع صحي كارثي وحصار غذائي وعسكري.
- أعلنت "الرئاسة الروحية للموحدين الدروز" عن تشكيل لجان لتنسيق الدعم مع المجتمع المدني، بينما وصلت قافلة مساعدات من دمشق إلى درعا لدعم المهجرين من السويداء.
أعلنت وزارة الكهرباء السورية إصلاح عدد من خطوط التوتر العالي، التي تعطّلت خلال الأيام الماضية في محافظة السويداء جنوبي البلاد، ما أسهم في استعادة جزئية لتغذية المرافق الحيوية بالكهرباء. لكن في المقابل، أفاد ناشطون محليون من داخل المحافظة بأن الخدمات الأساسية لا تزال شبه غائبة، مؤكدين أن المدينة تواجه أزمة حادّة في تأمين الخبز ومياه الشرب.
وقال مدير المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء، خالد أبو دي، إن ورشات المؤسسة أنهت بالتعاون مع ورشات دائرة تشغيل السويداء، إصلاح الأعطال في قرية الكوم بالسويداء، ما سيسهم في إيصال التيار الكهربائي إلى محطة مياه السويداء، وبالتالي تأمين عودة العمل في محطة ضخ المياه للمدينة. وأضاف أبو دي في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية "سانا"، أن الوزارة تعمل على إصلاح الأعطال لتغذية جميع محطات التحويل في المحافظة، بهدف تحسين استقرار التيار "بالرغم من الظروف الأمنية الصعبة وارتفاع درجات الحرارة"، وفق قوله. وكان أبو دي أعلن أمس، عودة الكهرباء إلى محافظة السويداء، بعد انتهاء أعمال صيانة خط التوتر العالي 66 ك.ف (المسيفرة – الكوم)، الذي يُعد من الخطوط الحيوية المغذية للمحافظة.
وشهدت السويداء انقطاعاً شبه كلي للتيار الكهربائي على مدار عشرة أيام، وذلك إثر العمليات العسكرية التي شهدتها المحافظة قبل إعلان اتفاق وقف إطلاق النار، فيما ما زالت تعيش ظروفاً إنسانية صعبة بسبب انقطاع الخدمات، وعلى رأسها الكهرباء والمياه والرعاية الطبية. ويبذل المسؤولون المحليون في المحافظة جهوداً حثيثة لتأمين المياه للأحياء السكنية، في ظل التحديات الفنية واللوجستية التي تواجهها شبكة المياه، حيث يجري العمل على تشغيل بئر ارتوازي لتغذية حي النهضة، ومن المتوقع أن تصل المياه خلال ساعات. كما أعلنت المؤسسة أن تشغيل محطة القلعة سيتم خلال ساعات أيضاً لتزويد مساكن الجاهزية والقلعة بالمياه، لكن الضخ سيكون بكميات محدودة.
وقال مدير مؤسسة مياه الشرب في السويداء، مثنى أبو عساف، في تصريح لوسائل إعلام محلية، إن المؤسسة تعمل حالياً وفق خطة طوارئ تهدف إلى استثمار أي فرصة لإعادة ضخ المياه، خاصة مع عودة التيار الكهربائي إلى بعض المواقع، مشيراً إلى أنه يتم تشغيل كل بئر يصله التيار الكهربائي بشكل فوري. وأضاف أبو عساف، أن هناك عدداً من الآبار داخل المدينة تعمل حالياً على مجموعات توليد كهربائية، وقد تم تشغيلها بالفعل، وأن العمل جارٍ لتأمين كميات كافية من المحروقات لضمان استمرارية تشغيل هذه المولدات.
من جانبه، أوضح مسؤول قسم الطوارئ في مؤسسة مياه الشرب، خلدون السعدي، أن شبكة المدينة تعرضت لأضرار كبيرة نتيجة التفجيرات وقذائف الهاون، ما تسبب في تعطل العديد من خطوط المياه. وأكد أن الورش الفنية التابعة للمؤسسة تعمل على معاينة الأضرار والبدء بأشغال الإصلاح بحسب الأولوية. وأشار السعدي، إلى أن انقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر كميات كافية من مادة الديزل يشكلان عائقاً كبيراً أمام تشغيل محطات الضخ، ما يضطر المؤسسة إلى العمل وفق خطة طوارئ تعتمد على إصلاح تدريجي للشبكة وضخ المياه وفق الإمكانيات المتاحة.
من جهته، أفاد الناشط مجد أبو عساف لـ"العربي الجديد"، أن معظم الناس في المحافظة يحصلون على حاجتهم من المياه عبر الصهاريج، بسبب تضرر أنابيب نقل المياه في الأحداث الأخيرة. وأشار إلى أن الهلال الأحمر يوزع خزانات مياه في الأحياء الأكثر اكتظاظاً داخل المدينة، إضافة إلى منطقة صلخد، للتعامل مع أزمة المياه الراهنة. ولفت إلى وجود مبادرات أهلية لتوفير مياه الشرب مع تفاقم الأزمات الإنسانية في المحافظة، نتيجة ما وصفه بالحصار المفروض عليها.
وأضاف المتحدث أن كميات من الطحين وصلت في الأيام الأخيرة من الحكومة في دمشق، لكنها لا تغطي سوى نصف احتياجات محافظة السويداء، في حين وصلت كميات أقل من مادة المازوت المُستخدمة لتشغيل المنشآت. وأشار إلى عدم وصول أي شحنة من البنزين، كما لم تُرسل أي كميات من الخضار والفواكه أو حليب الأطفال. وأوضح أن معظم سكان المحافظة لا يجدون في وجباتهم اليومية سوى الخبز، في ظل هذا النقص الحاد في المواد الأساسية.
وقالت المحامية ديانا مقلد، عضو لجنة الخدمات في المدينة، إن المحافظة ما زالت محاصرة عسكرياً ومعيشياً، بلا خدمات، كما أن الكهرباء لا تتوفر إلا في بعض أحياء المدينة، وبشكل متقطع، إلى جانب نقص المياه وكل ما يتم توفيره هو بجهود أهلية بسيطة". ووصفت مقلد في حديث مع "العربي الجديد"، الوضع الصحي في المحافظة بأنه "كارثي"، حيث لا "يوجد أي دعم حقيقي للقطاع الصحي الذي دمرته الهجمات العسكرية وتعرض للاستنزاف مع الكم الهائل من الجرحى، نتيجة الأعمال الحربية والقصف الذي تعرضت له المحافظة". وأوضحت، أن مجمل مصادر الطاقة غير موجودة في المحافظة اليوم، من بنزين ومازوت وغاز.
وحول الحضور الحكومي في المحافظة، أفادت المتحدثة، بأنه لا يوجد أي حضور حكومي من أي نوع بشأن الخدمات العامة، وكل ما يتم تقديمه هو من طرف مجموعات أهلية مدنية بإمكانيات متواضعة وتبرعات الهلال الأحمر المحدودة. وأوضحت أن المحافظة تتعرض لحصار غذائي بالتوازي مع الحصار العسكري، رغم اتفاق التهدئة الأخير.
بدوره قال معضاد يونس من أبناء مدينة السويداء، إن معظم مقومات الحياة منعدمة في المدينة، مشيراً إلى أن الأهالي يتدبرون أمورهم بما لديهم من مؤن مخزنة مسبقاً، لكن هذه الكميات ستنفد في ظل الإمدادات المحدودة بالمواد الأساسية على النحو القائم حالياً. وأضاف لـ"العربي الجديد"، أنه ذهب للتسوق، لكنه وجد محلات مخربة ومسروقة، وسوقاً خالية من الخضار والفواكه واللحوم وكل ما يمكن استخدامه في القوت اليومي.
وفي إطار الجهود المحلية للتعامل مع هذا الواقع، أعلنت "الرئاسة الروحية للموحدين الدروز" التي يديرها الشيخ حكمت الهجري، اليوم السبت، تشكيل لجان قانونية متخصصة، تتولى متابعة الملف الإنساني لتنسيق الدعم مع منظمات المجتمع المدني، وتوزيعه بشكل عادل على المحتاجين وتفادي الفوضى. وشكلت في هذا السياق لجنة قانونية تتألف من قضاة ومحامين، ولجنة تشرف على اللجان المحلية، ولجنة تقصي الحقائق والانتهاكات وتقدير الأضرار، ولجنة تقديم الدعاوى بالانتهاكات، ولجنة توزيع مواد الإغاثة، ولجنة توزيع الإعانات المالية، ولجنة طبية وشرعية، ولجنة الخدمات للشؤون الإدارية. يأتي ذلك، في ظل تعطل شبه كلي في عمل المؤسسات التابعة للدولة، باستثناء المعنية بالخدمات والتي تدار بجهود من أبناء المحافظة.
وضع صعب في درعا
في محافظة درعا المجاورة، وصلت اليوم قافلة مساعدات إنسانية قادمة من دمشق، استعداداً لتوزيعها على مراكز إيواء المُهجّرين من محافظة السويداء في مدن درعا وبلداتها. وأرسل الهلال الأحمر العربي السوري وعدد من المنظمات الأممية القافلة، ضمن جهود متواصلة لتعزيز الاستجابة الإغاثية للأسر المتضررة وتلبية احتياجاتها الأساسية.
وقال مدير وحدة الإعلام والتواصل في الهلال الأحمر، عمر المالكي في تصريح صحافي، إن القافلة التي تتكوّن من 17 حافلة، تتضمن موادَّ غذائيةً معلبةً، ومستهلكات طبية، ومياه شرب، وحفاضات الأطفال، إضافةً إلى مواد خاصة للعائلات الوافدة والمجتمعات المضيفة.
وأوضح المالكي، أن هذه القوافل تُرسل "بناءً على تقييم ميداني دقيق من خلال التعاون مع غرف عمليات محافظة درعا، حيث يتم التنسيق معهم لفهم الاحتياجات الأساسية في مراكز الإيواء والمجتمعات المضيفة، وبناءً عليه يتم تجهيز قوافل المساعدات وإعداد المواد اللازمة".
ولفت إلى أن الاحتياجات الإنسانية في المنطقة الجنوبية كبيرة ومتنوعة، مع وجود أعداد كبيرة جداً من المتضررين غير المباشرين من عائلات وافدة ومستضيفة، ما يزيد من حجم الطلب على المواد الأساسية كالطحين والمياه والمازوت، مشيراً إلى أن الهلال الأحمر يلعب دوراً رئيساً في دعم الاستجابة الإنسانية من خلال إرسال القوافل بشكل شبه يومي إلى محافظتي درعا والسويداء، مع تقديم الدعم بالمستهلكات، والسلال الغذائية، والمياه، والمازوت، بالتعاون مع شركاء محليين من جمعيات ومتطوعين من مختلف المحافظات.