السويداء بين التوتر الأمني والانهيار الخدمي

09 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 19:12 (توقيت القدس)
قافلة مساعدات إلى السويداء عبر الهلال الأحمر العربي السوري، 6 أكتوبر 2025 (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعاني محافظة السويداء من تدهور في الخدمات الأساسية وارتفاع عدد النازحين، حيث تسعى الحكومة لتقديم التسهيلات للمنظمات الإنسانية لمعالجة أزمات المياه والخبز، رغم التحديات المحلية والانقسامات.

- أرسلت الأمم المتحدة 12 بعثة إنسانية لتقييم احتياجات النازحين، حيث يتلقى 420 ألف شخص مساعدات شهرياً، وتؤوي 62 مدرسة أكثر من 7,400 نازح، مما يزيد الضغط على البنية التعليمية.

- أدخلت جمعية الهلال الأحمر 17 قافلة إغاثية منذ يوليو، لكن عدم استقرار الوضع الأمني يؤثر على التوزيع، مع التركيز على دعم العائلات النازحة والمنشآت الطبية.

بعد أحداث السويداء الدامية، راحت المحافظة الواقعة في جنوب سورية تعاني على مختلف الصعد، وسط تفاقم الأزمة الإنسانية. ويُسجَّل اليوم تدهور حاد في الخدمات الأساسية وارتفاع في عدد النازحين، فيما تحاول الجهات الحكومية أن تظهر شريكاً إنسانياً في مواجهة تداعيات الأحداث منذ منتصف يوليو/ تموز الماضي. وكان محافظ السويداء مصطفى البكور قد قال إنّ تقديم التسهيلات اللازمة لعمل المنظمات الدولية والإنسانية "أولوية قصوى"، واصفاً إيّاها بأنّها "شريك أساسي في تخفيف المعاناة عن أبناء المحافظة"، وذلك في خلال جلسة عمل عُقدت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، خُصّصت لمناقشة آليات تسريع وتيرة العمل الإغاثي والخدمي.

وأوضح البكور لـ"العربي الجديد" أنّ "محافظة السويداء وضعت خطة عاجلة لمعالجة أزمتَي المياه والخبز بوصفهما الأكثر إلحاحاً"، مشيراً إلى أنّ "الحكومة السورية أمّنت كميات من القمح والطحين، لكنّ غياب جهة رسمية لاستلامها حال دون توزيعها بطريقة منظّمة". وتحدّث عن استعداد حكومي لتأمين المحروقات بكميات كبيرة، شريطة رصد المال لذلك في دمشق، وهو أمر ترفضه الجهات المسيطرة في السويداء، إذ تصرّ على إبقاء الأموال في فرع مصرف سورية المركزي في السويداء، بحسب البكور.

وأضاف محافظ السويداء أنّ لجنة "غير قانونية" استولت على نحو 20 مليار ليرة سورية (نحو 155 ألف دولار أميركي) ومليون دولار أميركي من مصرف السويداء، الأمر الذي أعاق صرف الرواتب وضخّ الأموال الحكومية. ولفت البكور إلى أنّ الحكومة اقترحت توزيع الرواتب عبر جمعية الهلال الأحمر العربي السوري، لكنّ جهات محلية رفضت ذلك.

ويأتي هذا الموقف الرسمي وسط تدهور كبير في الأوضاع الإنسانية. وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بأنّه أرسل منذ يوليو الماضي وحتى السادس من أكتوبر الجاري 12 بعثة إنسانية إلى السويداء وخمس بعثات إلى درعا (جنوب) وبعثتَين إلى ريف دمشق لتقييم احتياجات النازحين. وأضاف أنّ نحو 420 ألف شخص تلقّوا مساعدات إنسانية شهرياً خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة؛ يوليو/ تموز وأغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول، مشيراً إلى صعوبات أمنية تعرقل وصول المساعدات وحماية المدنيين.

وأكد المكتب الأممي أنّ محافظة السويداء تعاني من شحّ في الخدمات الأساسية واضطرابات في قطاعات الغذاء والصحة والزراعة، في وقت تؤوي 62 مدرسة في محافظتَي السويداء ودرعا أكثر من 7.400 شخص نازح، بالتزامن مع بداية العام الدراسي 2025-2026، الأمر الذي يزيد الضغط على البنية التعليمية.

من جهة أخرى، بيّن محافظ السويداء أنّ مؤسسات الدولة "ما زالت تعمل من ضمن هيكلها الإداري" في المنطقة، مشيراً إلى أنّ الحكومة تواصل تأمين الأدوية والمستلزمات للمستشفيات، إلى جانب تفعيل مديريات الأمن في بلدتَي الصورة والمزرعة، وإنشاء مكاتب لتسهيل معاملات المواطنين. كذلك، كشف البكور عن خطة لإعادة تأهيل البنية التحتية في الريف الغربي والريف الشمالي من خلال حملة "السويداء منّا وفينا"، تشمل ترميم آبار مياه وتأهيل مدارس ودور عبادة وإنارة الطرقات.

وتحاول السلطات السورية، عبر تصريحات مسؤوليها، إظهار استعدادها للتعاون مع المنظمات الدولية وتسهيل إدخال المساعدات عبر طريق شهبا - دمشق، الذي وصفه بكور بأنّه "الوحيد الآمن" للقوافل الإنسانية، فيما يرى سكان محليون أنّ العقبات الحقيقية تكمن في الانقسام بين السلطة المركزية والفصائل المحلية، إلى جانب استمرار التوترات الأمنية التي تعرقل الحياة اليومية.

في سياق متصل، تفيد بيانات جمعية الهلال الأحمر العربي السوري بأنّ 17 قافلة إغاثية أُدخلت إلى محافظة السويداء منذ منتصف يوليو الماضي وحتى مطلع أكتوبر الجاري، بمعدّل أربع إلى ستّ قوافل شهرياً. وشملت هذه القوافل أكثر من 210 شاحنات محمّلة بالمواد الغذائية الأساسية ومستلزمات طبية وإسعافية، إلى جانب معدّات لدعم مشاريع المياه والصرف الصحي في عدد من بلدات الريف. وتركّزت عمليات التوزيع في مدينة السويداء وبلدات شهبا وعتيل وملح والهويا، بالإضافة إلى القرى المحيطة بمراكز النزوح.

ويمثّل طريق شهبا - دمشق المنفذ الرئيسي لإيصال المساعدات، بحسب توضح الجمعية، وسط إجراءات أمنية مشدّدة لتأمين مرور القوافل. كذلك، تشير إلى أنّ عدم استقرار الوضع الأمني في عدد من مناطق الريفَين الشرقي والغربي يتسبّب في تأجيل أو تقليص حجم بعض الشحنات، الأمر الذي ينعكس سلباً على انتظام التوزيع. ووفقاً لما تبيّنه فرق ميدانية تابعة للهلال الأحمر، فإنّ الأولوية في التوزيع هي للعائلات النازحة المقيمة في المدارس والمراكز المؤقتة، إلى جانب دعم المنشآت الطبية التي تعاني من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.

المساهمون