السوق المصري... جاذبية لا تنضب في قلب إسطنبول التاريخي

13 مايو 2025
مدخل السوق المصري في إسطنبول، 28 إبريل 2025 (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تاريخ السوق وموقعه: يقع السوق المصري في منطقة أمينونو بإسطنبول، ويُعرف أيضًا بسوق التوابل. تأسس عام 1660 خلال العصر العثماني، ويُعتبر ثاني أكبر الأسواق التراثية بعد البازار الكبير. يُعتقد أن اسمه يعود لتمويله من الضرائب المصرية أو لتجارة التوابل من مصر.

- أهمية السوق وتنوعه: يُعد وجهة سياحية رئيسية، يجذب السياح من مختلف الجنسيات. يتميز بتنوع منتجاته من التوابل، الفواكه المجففة، المشغولات اليدوية، والحلويات التركية.

- تجارب الزوار وتأثيره: يشهد إقبالًا كبيرًا من السياح الذين يعتبرون زيارته جزءًا أساسيًا من برنامجهم السياحي. يساهم في الترويج السياحي لمصر بسبب اسمه، ويُفضل لشراء الهدايا.

في قلب إسطنبول القديمة، وكشاهد على التاريخ المشترك الممتد، يقف "السوق المصري"، والمعروف أيضا باسم "سوق التوابل"، شاهداً على تراث قديم، وتنوع ثقافي كبير، فمنذ تأسيسه عام 1660 خلال العصر العثماني، ظل السوق لقرون لاحقة نقطة جذب للرحالة والسياح والتجار، إضافة إلى الباحثين عن مختلف أنواع التوابل والبهارات، وهو يحمل بين أروقته عبق الماضي، وذكريات من تاريخ "طريق الحرير". 
يقع السوق المصري في منطقة أمينونو، ويعتبر ثاني أكبر الأسواق التراثية في مدينة إسطنبول بعد "البازار الكبير" الذي يقع في منطقة بايزيد، وقد بدأ العمل في بنائه في عهد السلطان مراد الثالث في عام 1597، وحافظ السوق على تصميمه الأصلي عبر القرون، رغم تعرضه لعدة عمليات ترميم بسبب الحرائق والزلازل. وقد كان بناؤه ضمن مشروع خيري كبير يشمل المسجد المعروف باسم "الجامع الجديد" وعدد من الخانات.
وهناك روايتان يعتقد أنهما سبب تسميته بهذا الاسم، الأولى أنه جرى تمويل إنشائه من خلال الإيرادات الضريبية التي كانت تُجمع من مصر التي كانت حينها ولاية عثمانية، والرواية الثانية أن السوق اشتهر تاريخياً بتجارة التوابل والسلع التي كانت تأتي إلى إسطنبول عبر طرق التجارة من مصر، خاصة من مدينة الإسكندرية التي كانت مركزاً رئيسياً لتوزيع بضائع مثل الفلفل والقهوة والقطن، ولا يزال تباع فيه التوابل المصرية مثل الكمون، مع الفواكه المجففة، حتى اليوم. 
يطلق على السوق أيضاً اسم "سوق التوابل" أو "السوق الجديد"، لكن يظل اسم "السوق المصري" هو الأكثر تداولاً وشهرة، وهو محاط بأسواق خاصة بالأسماك، ومحال لبيع البذور للمهتمين بالزراعة، إضافة إلى سوق خاص بالأجبان والزيتون المخلل من مختلف الأنواع المصنعة محلياً.
واحتفظ السوق المصري بسحره الفريد على مدار قرون، إذ تمتزج داخله روائح التوابل الشرقية بألوان الفواكه المجففة والمكسرات، إضافة إلى المشغولات اليدوية التي تزين واجهات المحال، ومتاجر بيع المجوهرات والمشغولات الذهبية، إضافة إلى الحلويات التركية التقليدية، وعلى رأسها الملبن المعروف محلياً باسم "راحة الحلقوم"، بمذاقه وألوانه المختلفة.

زوار داخل السوق المصري بإسطنبول، 28 إبريل 2025 (العربي الجديد)
زوار داخل السوق المصري في إسطنبول، 28 إبريل 2025 (العربي الجديد)

تقول المرشدة السياحية السورية ياسمين مصطفى، لـ"العربي الجديد"، عن حركة السياحة في السوق المصري: "إنه يتميز بكونه مفتوحاً للزوار على مدار العام، وتشهد حركة السياح فيه تبايناً ملحوظاً وفقا للمواسم، وتشكل الجنسيات العربية نسبة كبيرة من زواره في الوقت الراهن؛ خصوصاً الجنسيتين السودانية والعراقية، كما يلاحظ وجود كثيف للسياح من دول المغرب العربي في الوقت الحالي، في حين أن السائحين المصريين يبدأ موسمهم عادة مع حلول شهر يونيو/حزيران من كل عام، وهم يتوافدون بأعداد كبيرة لزيارة السوق الذي يحمل اسم بلدهم، ويضم العديد من المنتجات التي تتناسب مع ذوقهم".
بدوره، يقول المرشد السياحي التركي علي سليم، وهو من أصول يمنية، إن "السوق المصري يحتفظ بمكانته أحدَ أهم الوجهات الجاذبة للسياح في إسطنبول، وفي إطار عملي صاحبَ شركة سياحة، عندما أعلن تنظيم رحلات إلى إسطنبول؛ يصر كثير من المشاركين على ضرورة تضمين زيارة السوق المصري في البرنامج، بل إن بعضهم يجعله شرطاً للمشاركة في الرحلة، بسبب الموقع الاستراتيجي في منطقة أمينونو بالقرب من الجامع الجديد وجسر غلطة، إضافة إلى القيمة التاريخية له أحدَ أقدم وأشهر الأسواق بعد السوق المسقوف الكبير".

بضائع متنوعة في السوق المصري بإسطنبول، 28 إبريل 2025 (العربي الجديد)
بضائع متنوعة في السوق المصري بإسطنبول، 28 إبريل 2025 (العربي الجديد)

ويشرح سليم لـ"العربي الجديد": "يختلف الزائرون من حيث قدرتهم الشرائية؛ فالسياح الأجانب، خاصةً من آسيا وأوروبا، يقبلون على الشراء باندفاع رغم الأسعار المرتفعة، أما الزوار الأتراك، فيفضلون التجول والمشاهدة من دون شراء، نظراً إلى عدم ملاءمة الأسعار لميزانياتهم، ويحرص بعض الزوار على الشراء، بينما يكتفي آخرون بالمشاهدة والتقاط الصور".
ويلاحظ من خلال تجربته الإقبال الكبير على السوق المصري من زوار الشرق الأقصى مثل اليابانيين والصينيين، إلى جانب حضور مكثف للسياح العرب، خصوصاً من العراق والسعودية ومصر، الذين يعتبرون زيارة السوق جزءاً أساسياً من برنامجهم السياحي.
وتتجاوز شهرة السوق حدود مدينة إسطنبول، إذ يُعد وجهة يطلبها السياح عند زيارتهم إلى تركيا، ما يؤكد مكانته واحداً من أبرز المعالم التجارية والثقافية والتاريخية التي تجذب الزوار رغم اختلاف ثقافاتهم وقدراتهم الشرائية.

يقول السائح المصري أحمد عبد العزيز إنه دائم التنقل بين الولايات المتحدة وتركيا، وإن زيارة السوق المصري باتت اعتيادية أثناء زيارة إسطنبول لشراء الهدايا، رغم أن الأسعار داخل السوق أعلى مقارنة بالمحال خارجه، لكن اسم "السوق المصري" على أغلفة الهدايا تسعد أصدقاءه.
وتحرص المترجمة المصرية سارة عبد العزيز على زيارة السوق لتدبير احتياجاتها واحتياجات عائلتها وأصدقائها من التوابل، نظرا إلى جودتها العالية، وترى أن زيارة السوق نوع من أنواع الترويج السياحي غير المباشرة لمصر بسبب اسمه.
بدورها، تؤكد المصرية أوركيد أمير أنها تقضي شهراً أو أكثر كل عام في تركيا، وتبدي إعجابها بإسطنبول التاريخية وتراثها المعماري الغني الذي يجعلها دائمة الوجود في منطقتي أمينونو والسلطان أحمد، ونظراً إلى حبها للمشغولات اليدوية؛ فإنها تتردد على محال السوق المصري التي توفر لها ما تبحث عنه.

المساهمون