السلطات المصرية تلجأ لتدوير المتهمين رغم البراءة: صلاح صبري نموذجاً

السلطات المصرية تلجأ لتدوير المتهمين رغم البراءة: صلاح صبري نموذجاً

14 مارس 2021
تمّ تدوير صلاح صبري على ذمة 6 قضايا (تويتر)
+ الخط -

أصبحت السلطات المصرية تلجأ إلى حلّ تدوير المتهمين على ذمة قضايا جديدة، كلما أرادت الاحتفاظ بأحد المعارضين داخل السجون لأطول فترة ممكنة، حتى تحوّل "التدوير" نفسه إلى عقوبة مطلقة، لا أحكام فيها ولا نهاية لها.

وتمّ تدوير المواطن المصري صلاح صبري، على ذمة 6 قضايا، منذ 2016، رغم حصوله على البراءة أكثر من مرة، من دون إخلاء سبيله.

ووثّقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، وهي منظمة مجتمع مدني مصرية، حالة صبري، وسلّطت الضوء عليها بالتزامن مع نفي الخارجية المصرية للانتهاكات التي وردت في بيان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ووقّعت عليه 31 دولة، أدانت وضع حقوق الإنسان في مصر، من خلال التعسّف في الحبس الاحتياطي، وتدوير المتهمين، والتوسّع في تطبيق قانون مكافحة الإرهاب بحق المواطنين.

وكانت وزارة الخارجية المصرية قد ردّت على بيان مشترك صدر عن 31 دولة، أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف، بشأن وضع حقوق الإنسان وحرية التعبير في مصر وملاحقة المعارضين، بالقول إنّ "الحديث عن وقوع انتهاكات في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، عبارة عن مزاعم وأحاديث مُرسلة".

وقالت الشبكة في بيان لها، إنّها "وثّقت تدوير المهندس صلاح صبري حافظ عمران، 34 عاماً، المعتقل على ذمة 6 قضايا متتالية، حصل فيها جميعاً على حكم البراءة ولم يتم إخلاء سبيله حتى الآن، منذ القبض عليه في 6 يناير/كانون الثاني 2016، ليجري إيداعه مقرّ أمن الدولة بمحافظة كفر الشيخ، ويُفرج عنه بعد 8 أشهر في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2016، ثم يُعاد اعتقاله مع آخرين للمرة الثانية يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2017 من منزله في قرية الزاوية بمحافظة كفر الشيخ".

وبعد أسبوع واحد من اعتقاله رفقة آخرين، عُرضوا جميعاً على النيابة، وتمّ تعذيبهم وإجبارهم على التوقيع على اعترافات مكتوبة، رفض صلاح التوقيع على أفعال لم يقم بها، فقضى 68 يوماً في مقرّ أمن الدولة رهن الإخفاء القسري، تعرّض خلالها لتعذيب لا يوصف، فقد على إثره القدرة على تحريك إحدى يديه، ليخرج بعدها من مقرّ أمن الدولة إلى سجن معسكر قوات الأمن بكفر الشيخ.

وأضافت الشبكة: "في تطور نادراً ما يحدث لمعتقل، اعتاد ضباط أمن الدولة خلال تلك الفترة، اصطحاب صلاح ليلاً من معسكر قوات الأمن وبشكل شبه يومي، إلى مقر مبنى أمن الدولة، ليتعرّض هناك لحفلات تعذيب متنوّعة ويُعاد في الصباح، ما أدى إلى قطع بعض الأوردة في يده، نتيجة لتعليقه من ذراع واحدة".

وبعد فشل المحاولات المستمرّة من أمن الدولة لإجبار صلاح على الاعتراف تحت وطأة التعذيب، تمّ نقله إلى سجن طنطا العمومي، فرفضت إدارة السجن استقباله بسبب حالته الصحية المتدهورة، نتيجة التعذيب المستمر، ليتم إعادته مرة أخرى إلى معسكر قوات الأمن المركزي في كفر الشيخ، ومنه إلى المستشفى من أجل علاجه، ومن ثم أعيد مرة أخرى إلى سجن طنطا العمومي.

قضية تلو الأخرى، يحصل فيها المهندس صلاح صبري على البراءة، فيستعد للخروج، وتستعد أسرته لاستقباله والعودة مجدداً للحياة،  إلاّ أنه يُدخل في دوامة جديدة، ليظلّ متنقلاً ما بين قسم شرطة إلى سجن إلى مقر لأمن الدولة، ويتم تدويره على ذمة 6 قضايا، كان آخرها في 27 يناير/كانون الثاني الماضي، بعدما حصل على حكم بتبرئة ساحته من الاتهامات الموجهة إليه، وهو مختفٍ قسرياً، منذ ذلك التاريخ.

يُشار إلى أنّ مصطلح التدوير، أطلقه محامون حقوقيون على المعتقلين على ذمة تحقيقات القضايا التي تلفق لهم واحدة تلو الأخرى. والتدوير نوعان: النوع الأول، أنه بعد إخلاء السبيل، يتم تنفيذ الإخلاء على الورق، ويظلّ المعتقل لدى السلطات، وفي اليوم التالي أو بعدها بعدة أيام، يقدم للنيابة بمحضر تحريات جديد، ويتم ضمّه لقضية جديدة، وآخر مثال لهذا النوع من التنكيل، هو المعتقل السياسي محمد القصاص. أما النوع الثاني من التدوير، فيتم بعد انقضاء العقوبة وتنفيذها أو انتهاء الحبس الاحتياطي، حيثّ يتم إطلاق سراح المعتقل فعلًا، ثم بعد فترة قصيرة يتم القبض عليه في قضية جديدة. ومن الذين تمّ التنكيل بهم بهذا النوع من التدوير، الناشط السياسي البارز علاء عبد الفتاح، الذي ألقي القبض عليه يوم 29 سبتمبر/أيلول 2019، خلال أحدث حملة قمع شنّتها السلطات، من قسم شرطة الدقي، بعد خروجه من القسم، حيث يقضي المراقبة الشرطية يومياً من السادسة مساءً للسادسة صباحاً.

وأكّدت مصادر خاصة للشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أنّ التهمة التي وجهت لصلاح واحدة، مع تعدد القضايا، وتتمثّل في التظاهر والانتماء لجماعة إرهابية، ليتغيّر تاريخ القبض عليه فقط، بينما يبقى مكان الضبط واحداً وهو منزله، رغم وجوده في قبضة الأمن طوال 4 سنوات متتالية. وقد اعتُقل للمرة الأولى بتهمة التظاهر في 6 يناير/كانون الثاني 2016، كما اتهم في القضية رقم 12541 لسنة 2016، وحصل على إخلاء سبيل بضمان مالي، وأُخلي سبيله في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2016، ثم حصل على حكم بالبراءة، ليتهم في القضية 136 لسنة 2020، جنح أمن دولة طوارئ، ويحصل على براءة بتاريخ 4 مارس/آذار 2020. وكانت القضية الثالثة برقم 422 لسنة 2020، جنح أمن دولة طوارئ، ليحصل على البراءة بتاريخ 29 يوليو/تموز 2020، ثم القضية 2093 لسنة 2020 جنح أمن دولة طوارئ، وأخيراً بتاريخ 27 يناير/كانون الثاني 2021، ليحصل على إخلاء سبيل غير مشروط.

من جانبها، أقامت أسرته دعوى قضائية ضدّ وزير الداخلية أمام محكمة القضاء الإداري، حملت رقم 16527 لسنة 72، وذلك للكشف عن مكان صلاح عندما تعرّض للإخفاء القسري العام الماضي، وتحدّد لها جلسة سابقة بتاريخ 18 إبريل/نيسان 2020، وتمّ تأجيلها عدة مرات ولم تعقد حتى الآن، محمّلة وزارة الداخلية المسؤولية الكاملة عن سلامته.

المساهمون