
ولد أحمد زويل في مدينة دمنهور المصرية، حصل على الجنسية الأميركية، توفي 2016.
استمع إلى الملخص
في حضرة البحر وعلى مرمى خطوات من مدخل مكتبة الإسكندرية، أحد أعرق المكتبات في العالم، تنتصب "كتب" عملاقة مفتوحة لا لتُقرأ، بل ليجلس عليها الناس ويتأملوا، أو يلتقطوا الصور، أو يتلمّسوا ملامح من سير عظماء مرّوا من هنا، من مصر. حيث وُضعت قاعد فريدة صُممت على هيئة كتب ضخمة مفتوحة، مطبوع على كل منها صورة ونبذة عن سيرة إحدى الشخصيات المصرية البارزة في مجالات العلوم والفنون والثقافة والرياضة.
تتوزع المقاعد وعددها ثمانية في بلازا المكتبة، وتواجه ساحل البحر المتوسط في مشهد بانورامي يمزج بين الطبيعة والثقافة، ويوفّر للزوار تجربة غير معتادة بالجلوس في "حضن المعرفة"، على هيئة مرئية وملموسة.
تقول رئيسة قطاع المكتبات وصاحبة فكرة المشروع، دينا يوسف، لـ"العربي الجديد": "أردنا أن نُخرج الكتاب من الجدران المغلقة إلى الهواء الطلق، ليكون جزءاً من نسيج المدينة"، وتضيف: "الفكرة نشأت من رغبة حقيقية في تقديم تجربة جديدة لقرّاء المكتبة والمارين بساحتها، تستغل الموقع الفريد وتقدم محتوى بصرياً ووجدانياً يحفز على القراءة والمعرفة".
وتحمل الأرائك صوراً لثمانية رموز شكلوا علامات فارقة في التاريخ المصري الحديث، هم العالم الراحل أحمد زويل
يعلّق محمد الحباك، منسق الإعلام وتنظيم الفعاليات بالمكتبة، على المشروع قائلاً: الفكرة قدمت بوصفها خطوة فنية مبتكرة من خلال قطاع المكتبات الذي أطلق مجموعة جديدة من الأرائك (الكَنَبات) صُمِّمَت لتجمع بين الطراز العصري والرمزية الثقافية، حيث تم تصميم كل أريكة (كَنَبَة) بشكل كتاب مفتوح مُصوّر عليه شخصية مؤثرة من الشخصيات العلمية والأدبية والفنية والرياضية في العالم العربي.
وعن طبيعة الجمهور المتفاعل مع الفكرة، يقول الحباك: "لاحظنا إقبالاً كبيراً من الزوار على التقاط الصور بجوار الأرائك، التي تُعرض حاليًا بمنطقة البلازا المطلة على البحر، والتفاعل مع أسماء الشخصيات وسيرها، ما يعكس تعطّشاً للجمال والمعرفة في آن واحد".
وتابع: "المبادرة لا تستهدف الكبار فقط، بل تحاكي أيضاً الأطفال والشباب الذين يجدون في التصميم اللافت مدخلاً مشوّقاً لاكتشاف شخصيات ربما لم يعرفوا عنها الكثير من قبل، فتحوّلت الساحة المفتوحة للمكتبة، التي كانت ممراً للعبور، إلى مساحة للتأمل والبقاء، حيث يمكن للمرء أن يستريح على سيرة طه حسين أو يستظل بحضور أم كلثوم. إنها محاولة لتكريس الذاكرة الوطنية خارج الكتب، وجعلها جزءاً من البيئة اليومية".
"ركن القراءة المُلهم" لا يُعد مجرد إضافة فنية أو جمالية، بل هو تعبير عن رؤية أوسع تتبناها مكتبة الإسكندرية، كما يقول مديرها الدكتور أحمد زايد، في تصريحات صحفية مؤكداً أن "المكتبة تسعى إلى تقديم تجارب تفاعلية تثري حياة الناس بالعلم والثقافة، وتعيد ربطهم برموزهم وتاريخهم في قلب المدينة".
أحد زوار المكان يبدي لـ"العربي الجديد" إعجابه بالمكان قائلاً: "لم تعد المعرفة محصورة داخل القاعات ولا حبيسة الرفوف. هذا ما تؤكده الفكرة الجديدة لمكتبة الإسكندرية، حين تُخرج رموز الثقافة والعلم من الكتب إلى الأرصفة، وتجعلهم جزءاً من الحياة اليومية لزوارها، في تجربة تفاعلية أقرب إلى أن تكون متحفًا في الشارع".
ويقول المفكر السكندري أحمد السباعي، عن المشروع الجديد، بأنه "مع تزايد العزوف عن القراءة الورقية، والخفوت العام في الإقبال على المؤسسات الثقافية التقليدية، تسعى مكتبة الإسكندرية إلى كسر الحواجز بين القارئ والكتاب، عبر مشاريع مبتكرة تجعل من الثقافة جزءاً من المشهد العام، لا امتيازاً للنخبة".
وتابع السباعي: "تأتي هذه الأرائك لتؤكد أن الكتاب يمكن أن يُقرأ، ويُجلس عليه، ويُحبّ، ويصير مَعْلماً، وأن المعرفة يمكن أن تتسلل إلينا في لحظات الاستراحة، على رصيف مفتوح على البحر، وذلك في المدينة التي شهدت ميلاد أقدم مكتبة في التاريخ، والتي تُقدم الآن مقاعد على شكل كتب مفتوحة، كأنها تقول لكل من يمر أن المعرفة ليست في الورق وحده، بل في الفكرة التي تعيش، وتجلس، وتنتظر من يتأملها".