الذخائر غير المنفجرة تهدد أهالي شمال غربي سورية

الذخائر غير المنفجرة تهدد أهالي شمال غربي سورية

17 نوفمبر 2021
أكثر ضحايا انفجار الألغام من الأطفال (دليل سليماني/ فرانس برس)
+ الخط -

تمثّل الذخائر غير المنفجرة خطراً مستمراً يهدّد حياة المواطنين في المناطق السكنية والزراعية في شمال غربي سورية، بعدما خلّف القصف المستمر لقوات النظام السوري وروسيا على مدى السنوات الماضية الآلاف منها، وغالباً ما يكون الأطفال هم ضحايا هذه المخلفات. يقول علي أبو العسل، وهو مزارع يتحدر من بلدة البارة بريف إدلب الجنوبي، لـ"العربي الجديد": "أُصبت العام الماضي بلغم أرضي من مخلفات الحرب داخل أرضي الزراعية حيث أزرع أشجار التين"، مضيفاً: "كنت أتفقد محصول التين داخل الأرض، وفجأة وضعت قدمي على أحد الألغام السلكية فانفجر وتعرضت لإصابة في القدم والرقبة والبطن، ونقلت على أثرها إلى المستشفيات الحدودية، ولم أتمكن بعدها من جني المحصول مطلقاً".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويشير أبو العسل إلى أنه "حتى هذه السنة، لم أتمكن من جني محصول أرضي الزراعية، بسبب قربها من خطوط التماس الفاصلة بين قوات النظام وقوات المعارضة"، لافتاً إلى أن هناك صاروخاً عنقودياً ألقته طائرة حربية روسية داخل أرضه، ولم تستطع فرق الدفاع المدني الدخول إلى الأرض كونها مكشوفة لقوات النظام. يتابع: "بالنسبة لمحصول السنوات الماضية، فإنه لم يكن كافياً لتأمين كافة احتياجات العائلة. هذا العام لم نتمكن من قطافه، وأشجار التين بحاجة إلى رعاية، ونحن نشاهدها أمام أعيننا لكن لا نستطيع فعل أي شيء خشية أي استهداف مفاجئ من قبل قوات النظام، لا سيما أن العديد من المزارعين والأراضي الزراعية باتوا اليوم هدفاً للنظام وروسيا والمليشيات الموالية لها في إدلب وحماة، مثل كافة القرى والبلدات القريبة من خطوط التماس".
من جهته، يقول منسق برنامج الذخائر غير المنفجرة في منظمة "الخوذ البيضاء" محمد سامي المحمد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الدفاع المدني السوري استجاب منذ بداية العام الماضي وحتى اليوم لأكثر من 106 انفجارات مجهولة"، مؤكداً أن "فرق الدفاع المدني السوري انتشلت جثامين أكثر من 51 شخصاً قتلوا نتيجة تلك الانفجارات، من بينهم 14 طفلاً، و6 نساء، في حين أنقذ وأسعف أكثر من 31 شخصاً، من بينهم 15 طفلاً وامرأتين، وكان قد تأكد أن 12 انفجاراً من ضمنها ناجمة عن مخلفات قصف سابق للنظام وروسيا". يضيف أن "فرق الذخائر غير المنفجرة في الدفاع المدني السوري أولت للمناطق الزراعية أهمية كبرى خلال فترات حصاد المحاصيل الزراعية بمختلف أنواعها وتوقيتها، وتقوم خلال هذه الأوقات بتكثيف عملياتها بشكل يضمن سلامة المجتمعات المحلية وتقليل احتمال حصول مثل هذه الحوادث ضمن إمكانياتها، من خلال آلية عملها التي تعتمد على القيام بإجراء عمليات المسح غير التقني، للوصول إلى المناطق التي من الممكن أن تكون قد تلوثت بالذخائر غير المنفجرة، ثم يأتي التخلص النهائي من الذخائر وتأمين هذه المناطق. وبالتزامن، تتولى إعطاء العديد من جلسات التوعية حول مخاطر الألغام والذخائر غير المنفجرة في جميع المناطق".

الصورة
الأراضي الزراعية خطرة بسبب الالغام (دليل سليماني/ فرانس برس)
الأراضي الزراعية خطرة بسبب الالغام (دليل سليماني/ فرانس برس)

ويوضح أنه "منذ بداية عملها عام 2016 وحتى نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، قامت فرق الذخائر في الدفاع المدني السوري بـ3396 عملية إزالة للذخائر غير المنفجرة، كما بلغ عدد الذخائر التي تم التخلص منها 22.718 ذخيرة متنوعة غالبيتها كانت من القنابل العنقودية"، لافتاً إلى أن "608 عمليات مسح غير تقني تم فيها تحديد 601 منطقة ملوثة بالذخائر غير المنفجرة، و1494 جلسة توعية من مخاطر الألغام والذخائر غير المنفجرة، استفاد منها 22.659 شخصاً". 
وحول الصعوبات التي تواجه "الخوذ البيضاء" في مثل هذه العمليات، يقول المحمد إنّها "المهمة الأخطر في العالم على اعتبار أن الخطأ الأول سيكون الأخير. وقد فقدنا خلال السنوات الماضية عدداً من الشهداء، فيما أصيب آخرون من فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة". يضيف: "هناك صعوبات أخرى تتعلّق بعدم توفر المعدّات اللوجستية المتطورة، وكثرة الذخائر غير المنفجرة من مخلفات القصف وخصوصاً القنابل العنقودية". ويؤكد أنه جرى "توثيق استخدام روسيا والنظام 11 نوعاً منها. كما أن استمرار قصف قوات النظام وروسيا يصعّب العمل على الفرق ويؤدي لتلوث مناطق تم تأمينها". 

يشار إلى أن تقريراً أصدره "مرصد استخدام القنابل العنقودية" التابع للحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية في 15 سبتمبر/ أيلول الماضي، أكد أن قوات النظام السوري تواصل منذ عام 2012 استخدام الذخائر العنقودية المحرّمة دولياً، مع إحصاء تنفيذها نحو 687 هجوماً. كما وثق المرصد مقتل 147 شخصاً بسبب مخلفات القنابل العنقودية عام 2020.

المساهمون