الحمى القلاعية تتفشى في فلسطين.. والاحتلال يتربص بأراضي المزارعين

الحمى القلاعية تتفشى في فلسطين.. والاحتلال يتربص بأراضي المزارعين

05 يونيو 2022
نفوق 2000 رأس ماشية هذا العام بسبب فيروس الحمى القلاعية (مجدي فتحي/نورفوتو)
+ الخط -

اضطر المزارع الفلسطيني محمد بشير إلى إحراق عدد من الأغنام النافقة نتيجة إصابتها بالحمى القلاعية. بشير أحد مربي المواشي الفلسطينيين الذين خسروا أكثر من ألفي رأس في الضفة الغربية المحتلة خلال الأشهر الأخيرة نتيجة تفشي هذا الفيروس، بالتزامن مع قرار من السلطات بوقف عمليات تلقيح الحيوانات.

في مزرعته الواقعة قرب نابلس في شمال الضفة الغربية، يقدّر بشير الخسائر الإجمالية التي تكبدها بسبب الفيروس خلال شهرين بنحو 150 ألف دولار، حيث فقد أكثر من 300 رأس وأجبر عماله على إحراقها خلال شباط/فبراير وآذار/مارس.

واكتُشفت سلالة جديدة من مرض الحمى القلاعية في الأردن في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وسرعان ما انتقلت إلى الضفة الغربية المحتلة، ويعتمد سكانها بدرجة كبيرة على الزراعة. ويلقي مربو الماشية الفلسطينيون باللوم على السلطة الفلسطينية التي أوقفت تلقيح مواشيهم. فمنذ عام 2019، لم تنفذ السلطة الفلسطينية ووزارة الزراعة التابعة لها أي حملة منتظمة للتطعيم الضروري لحماية الماشية من الأمراض.

ويقول بشير، الذي يملك آلاف رؤوس الماشية بالقرب من مدينة نابلس، لوكالة "فرانس برس": "لم أتلقّ مساعدة من السلطة الفلسطينية... ولا حتى مكالمة هاتفية"، مضيفاً: "عليهم أن يؤمنوا لنا الحماية، وأن يحموا أرضنا"، ويعرب عن استيائه من "تقاعس" وزارة الزراعة الفلسطينية.

وتؤكد وزارة الزراعة نفوق ألفي حيوان هذا العام نتيجة فيروس الحمى القلاعية، لكن المزارعين يشككون في هذا الرقم ويقولون إنه أعلى بكثير.

ويقول مسؤول في الوزارة، فضل عدم الكشف عن اسمه: "في السنة العادية، يجري تطعيم وتحصين 60% إلى 70% من الماعز والأغنام في الضفة الغربية" ضد فيروس الحمى القلاعية، لكنه يؤكد لـ"فرانس برس" أن "هذا الرقم انخفض إلى 20% بين عامي 2020 و2021".

وبات مرض الحمى القلاعية اليوم تحت السيطرة ولم تسجل حالات جديدة منذ نيسان/إبريل، بعد عمليات عزل الماشية المصابة، وتلقي الوزارة الفلسطينية باللوم في الوباء على فيروس كورونا الذي أجبر الشركات المنتجة للقاحات في جميع أنحاء العالم على تكريس جهودها لتلبية الطلب على لقاحات الفيروس.

كذلك تتهم الوزارة إسرائيل بمنع السلطة الفلسطينية من شراء إمدادات كافية من لقاحات الحمى القلاعية الخطيرة، رغم أنها لا تنتقل إلى البشر، كذلك يوجّه بشير أصابع الاتهام أيضاً إلى إسرائيل وإلى المستوطنين على وجه الخصوص.

ويقول بشير: "كانوا (المستوطنون) يحولون لنا اللقاحات باستمرار ولجميع المزارعين، لكن منذ ثلاث سنوات لم نحصل على أية لقاحات، لقد دمروا المزارعين"، وترفض إسرائيل هذه الاتهامات وتصفها بأنها "كاذبة".

وتؤكد هيئة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية "كوغات" "عدم وجود طلب رسمي من السلطة الفلسطينية لاستيراد هذه اللقاحات"، وتضيف: "مع ذلك، وبالنظر إلى المتطلبات الصحية، فقد نقلت دولة إسرائيل جرعات اللقاح التي كانت بحوزتها إلى السلطة الفلسطينية".

"المعركة الحقيقية"  

ويرى المدير التنفيذي لنقابة المزارعين الفلسطينيين، عباس ملحم، أن تعثر السلطة في توفير اللقاحات أضعف المزارعين الفلسطينيين، الذين ينظر إليهم على أنهم "حراس الأرض".

ويقول إنهم يخوضون "المعركة الحقيقية ضد الاحتلال وضمّ الأراضي من المستوطنين، لكن المزارعين لا يستطيعون الوقوف بمفردهم"، ويطالب ملحم بـ"مساءلة" المسؤولين. ويعيش 475 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة بين 2.9 مليون فلسطيني، وتعتبر المستوطنات غير قانونية من القانون الدولي.

ووفقاً للباحث في منظمة "بيتسيلم" المناهضة للاستيطان، إيال هروفيني، فإن استيلاء المستوطنين على أراضٍ فلسطينية غالباً ما يكون مدعوماً بـ "التفسير الملتوي" لقانون العهد العثماني الذي ينص على أن الأرض التي لم تُزرع لثلاث سنوات متتالية يمكن السيطرة عليها.

وفي هذه الحالة، يستخدم المستوطنون ذريعة عدم استخدام الأراضي، وخصوصاً تلك الموجودة في المناطق المصنفة (ج)، وهي المناطق التي تشرف عليها إسرائيل مدنياً وعسكرياً، لوضع أيديهم عليها وبناء البؤر الاستيطانية، كما حدث في كثير من الحالات.

ويضيف هاروفيني لـ"فرانس برس" أن هذا "يمكّن إسرائيل من تصنيف هذه الأراضي كأراضي دولة وتأخذها لاستخدامها الخاص، حتى لو كانت أرضاً مسجلة كأرض فلسطينية خاصة".

وهذا ما يبرّر مخاوف المزارعين، وفق بشير الذي يدعو إلى ضرورة "حمايتنا لأننا نحمي الأرض، مزارع الأغنام تحمي الأرض... إذا استبعدتم المزارعين ستأخذ إسرائيل الأرض".

(فرانس برس)

المساهمون