يشكو العاملون في القطاع الصحي في شمال سيناء، شرقي مصر، من تجاهل الحكومة المصرية لحقوقهم المالية المستحقة في مقابل عملهم المباشر مع المصابين بفيروس كورونا في مقرّ العزل في مستشفى العريش العام، على الرغم من إقرار الجهات الرسمية بالأمر. إلا أن القرار لم ينفّذ حتى الآن، على الرغم من صدور القرار في إبريل/ نيسان عام 2020، في وقت ما زال عشرات الأطباء والممرضين وآخرون يواصلون عملهم في قسم العزل منذ شهر مارس/ آذار الماضي، من دون الحصول على أية مكافأة مالية مستحقة، في ظل المخاطرة التي يخوضونها لأداء مهمتهم المنوطة بهم تجاه سكان محافظة شمال سيناء.
وجاء في المذكرة التي وجهها العاملون في مقر العزل في مستشفى العريش العام للجهات الحكومية في سيناء ما يلي: "منذ بدء العمل في قسم العزل في مستشفى العريش العام، تم استقبال الحالات المشتبه بإصابتها والمصابة فعلاً بكورونا الجديد اعتباراً من 1/ 3/ 2020، وقمنا بتأدية عملنا على أكمل وجه، وتحملنا الكثير من احتمال تعرضنا للعدوى تارة وحرماننا من رؤية أهلنا وأولادنا تارة أخرى، إضافة إلى انتظامنا بالعمل في قسم العزل ليلاً ونهاراً لفترتين على مدار 15 يوماً، و24 ساعة في اليوم بشكل متواصل، وتحملنا الكثير من مخاطر المهنة وبذلنا كل جهد ولم نتوانَ لحظة واحدة عن القيام بدورنا حيال المرضى الموجودين بالقسم سواء الحالات المشتبه بإصابتها أو المصابة بالفعل".
أضافوا في المذكرة: "في حين أن البعض كان يتنمر علينا ويتعامل معنا، نحن الموجودين في قسم العزل، على أننا مصدر عدوى لهم، تحملنا الكثير تجاه مرضانا من منطلق المسؤولية وشرف المهنة، ولم نقصّر في أي عمل يؤدي إلى شفاء المريض من هذا الفيروس. وصدرت تعليمات السيد اللواء مساعد وزير الصحة والسكان للشؤون المالية بتاريخ 20/4/2020 بضوابط صرف المكافأة التشجيعية للعاملين بشكل مباشر أو غير مباشر مع حالات الإصابة بفيروس كورونا. وحتى الآن، لم يتم صرف أي مستحقات لنا تعوضنا على بعض ما بذلناه خلال فترة عملنا بالعزل أسوة بزملائنا في بقية المحافظات".
تعقيباً على ما سبق، يقول أحد العاملين في مستشفى العريش العام لـ "العربي الجديد": "بدأنا العمل على الرغم من ضعف الإمكانيات في المستشفى، وقلة الخبرة لدينا في مواجهة الفيروسات. إلا أننا، وبجهود ذاتية، طوّرنا من أدائنا، وضغطنا في اتجاه توفير الإمكانيات والأدوية اللازمة لعلاج المصابين، وكنا أطباء وأهلاً لجميع المصابين، وخففنا من أوجاعهم بالأدوية والعلاج النفسي، ما ساهم في تخفيف أعراض الإصابة عنهم، الأمر الذي نعتبره مهمة وطنية سامية لا يمكن التخلي عنها. في الوقت نفسه، نتطلع إلى مكافأتنا على كل هذه الجهود بما يدفعنا إلى زيادة كفاءة العمل أكثر فأكثر، والشعور بالمساواة مع زملائنا في بقية المحافظات المصرية. وهذا أقل شيء يمكن أن تقدمه الدولة لنا كعاملين نتعامل مباشرة مع المصابين، خصوصاً مع صدور قرار رسمي يتعلق بضرورة صرف المكافأة التشجيعية للعاملين، إلا أنه لم يتم تنفيذه حتى اللحظة على مستوى محافظة شمال سيناء دون بقية المحافظات".
ويدعو الجهات الحكومية إلى "ضرورة تدارك الموقف، واعتبار هذه المذكرة نداءً أخيراً للاستجابة لمطالبهم العادلة والمشروعة التي أقرّتها الحكومة بشكل رسمي، ومنعاً لتصاعد الموقف بخطوات أكثر حدة من شأنها إصابة العمل في قسم العزل باضطراب لا يحمد عقباه، لأن تجاهل حقوق العاملين يعني عدم الاعتراف بإنجازهم ونشاطهم. وبالتالي، لا داعي لهذا الاجتهاد من قبل الطواقم الطبية خلال الفترة المقبلة، في حين أن مستشفى العريش العام يشهد ضغطاً قبل إنشاء قسم للعزل، فكيف الحال بعد تخصيص قسم للعزل؟". ويشير إلى أن عدداً من العاملين في القطاع الصحي أصيبوا نتيجة عملهم في قسم العزل. وبالتالي، من الضروري الاهتمام بهم وتقديم كافة سبل الدعم والتشجيع لهم.
وتشهد محافظة شمال سيناء إهمالاً حكومياً في غالبية المجالات، بما فيها القطاع الصحي، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا على مدى العقود الماضية، نتيجة عدم توفر الرعاية الصحية اللازمة للمرضى، وضعف الإمكانيات في المستشفيات المركزية، عدا عن هدم قوات الجيش المصري عشرات المراكز الصحية في شمال ووسط سيناء على مدار السنوات الست الماضية، ما أدى إلى قطع الخدمات الصحية عن آلاف المواطنين في المحافظة، وخروج مستشفى رفح والشيخ زويد عن الخدمة، واضطرار الأهالي للجوء إلى مستشفى العريش العام لتلقي العلاج خلال ساعات النهار فقط، نظراً لفرض حظر تجول منذ ست سنوات مساء كل يوم وحتى صباح اليوم التالي.
تعقيباً على الأمر، يقول مسؤول حكومي في محافظة شمال سيناء لـ "العربي الجديد": "هذه القضية تُصنّف ضمن الأخطاء الإدارية الواجب تداركها من قبل إدارة المحافظة في أقرب وقت ممكن، وبمتابعة مديرية الصحة في المحافظة، لضمان استمرار تقديم الخدمات للمصابين في مستشفى العريش العام خلال الفترة المقبلة منعاً لأي اضطرابات في العمل". يضيف أن صرف مكافأة تشجيعية لا يعدّ أمراً صعباً على المعنيين، كونه مبلغاً متواضعاً مقارنة بما يصرف على أمور أخرى في المحافظة، في حين أن القضية الأهم التي تعني المواطنين في المحافظة هي الحفاظ على الوضع الصحي فيها، ومنع تفشي الفيروس، والاهتمام بالمصابين والمشتبه بهم المعزولين في مستشفى العريش العام، وهذا لن يتحقق في ظل تجاهل مطالب العاملين.