الحراك المدني في سورية... مبادرات على طريق التعافي

13 يناير 2025
يواكب الحراك المدني التطلعات إلى سورية جديدة، 11 يناير 2025 (رامي باره)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت سوريا حراكًا مدنيًا متزايدًا، مثل مبادرة "بدايتنا" في دمشق، التي تركز على العدالة الانتقالية وإعادة بناء الدولة، مع التأكيد على تشكيل لجنة وطنية مستقلة للمحاسبة وضمان تمثيل جميع المكونات السورية.
- لتعزيز الوحدة الوطنية، زار وفد من أهالي القلمون الغربي محافظتي درعا والسويداء، حيث ركزت الزيارات على تعزيز التواصل الاجتماعي وتماسك المجتمع السوري، مع دعوات لعقد لقاءات وطنية شاملة.
- في شمال شرقي سوريا، نُفذت مبادرات مجتمعية متنوعة تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، بما في ذلك جلسات حوار حول الفيدرالية، لتعكس تطلعات الشعب السوري نحو مستقبل أكثر شمولية وتعاون.

واكب الحراك المدني في سورية، ولو في شكل خجول وعفوي، مسار التعافي المرتقب من خلال مبادرات وحملات تهدف إلى تحريك المياه الراكدة للمجتمع في ظل نظام الأسد الذي حرص بكل الوسائل المتاحة على تحييد هذا المجتمع وعزله عن الشارع والحياة السياسية والثقافية في شكل شبه مطلق.

وبدأ الحراك المدني في الداخل السوري يتبلور عبر مبادرات متفرقة في مدنٍ ومناطق مختلفة، حملت بعضها ملامح لرؤى وبرامج سياسية مقترحة، في حين غابت التصورات عن أخرى. وكان آخرها مبادرة "بدايتنا" التي انطلقت من مقهى الروضة في دمشق في 9 يناير/ كانون الثاني الجاري عبر جلسة حوار تناولت موضوع المؤتمر الوطني السوري. وأدار هذه الجلسة الناشط السياسي والحقوقي حازم النهار، وناقش جزءها الأكبر آليات تحقيق العدالة الانتقالية، وإعادة بناء الدولة، وصياغة مستقبل سورية من خلال النتائج المتوقعة للمؤتمر الوطني على صعيد صياغة دستور جديد يؤسس لدولة ديمقراطية.

وأكد المشاركون في المبادرة أهمية تشكيل لجنة وطنية مستقلة للمحاسبة، وضمان عدم تكرار انتهاكات الماضي. وهم لخصوا التحديات المقبلة في المخاوف من تدخل قوى الأمر الواقع والمليشيات، وغياب أحزاب سياسية فعّالة، وضعف التنظيم، مع تأكيد ضرورة تمثيل كل المكونات السورية لتجنب نشوء حالات ظلم جديدة. وأشارت المداخلات إلى ضرورة تحييد التعليم عن أي أيديولوجيات سياسية أو دينية.

من القلمون إلى الجنوب

وفي إطار منفصل، سبق هذه المبادرة بأيامٍ قليلة تشكيل أهالي القلمون الغربي في ريف دمشق وفداً زار محافظتي درعا والسويداء. وركزت الزيارتان التي دعا إليهما ناشطون سوريون مهتمون بالشأن الاجتماعي المدني في مخيمات عرسال اللبنانية، على تأكيد وحدة النسيج الوطني السوري. وكانت المحطة الأولى للوفد الذي ضم 20 شخصاً، في مدينة إزرع بمحافظة درعا مهد الثورة السورية، وأجريت بالتنسيق مع فعّاليات من أهالي حوران وشيوخ العشائر، من بينهم الشيخ ناصر الحريري، وهو من أوائل البرلمانيين المنشقين عن حكومة النظام البائد.

وقال حسن الحريري، وهو طبيب وناشط من محافظة درعا، حول تنسيق الزيارة وأجوائها، لـ"العربي الجديد": "كانت الزيارة أولاً مباركة وعيداً بانتصار الثورة أولاً، وثانياً إعلاناً أكد تماسك المجتمع السوري. والهدف الأساس هو التعارف، علماً أن الحوار الاجتماعي غلب على المواضيع السياسية، علماً أن التوصل لم ينقطع سواء مع السويداء أو القنيطرة أو ريف دمشق طوال سنوات الثورة".

وفي محافظة السويداء استقبل الشيخ حكمت الهجري الوفد الذي اجتمع أيضاً مع وفود أخرى من محافظتي درعا والقامشلي. وقال الدكتور جمال الشوفي، من فريق تنسيق الزيارة، لـ"العربي الجديد": "التواصل كبير بين مسؤولي المحافظة ونظرائهم في باقي المناطق وأيضاً الخارج بهدف تأكيد مناصرة التغيير السياسي وبناء دولة لجميع السوريين".

وعن الرؤى التي قد تنتج من هذه الزيارات، قال الشوفي: "تبقى المبادرات في الإطار الأهلي الاجتماعي المهم لتعزيز التماسك، لكن لا يمكن أن تتطور إذا لم تعقد لقاءات مبرمجة عملياً ووطنياً وسياسياً ومدنياً للوصول إلى مؤتمر سوري عام يشمل مواطني كل المناطق. وبالنسبة لنا تعبّر الزيارة عن الاتجاه الشعبي الواسع بين السوريين الذين حرموا من التواصل خلال الفترات السابقة، وتشكل وسيلة لكسر الجليد والتعارف بعد طول انقطاع، وقد تركت الزيارة انطباعاً طيباً لدى أهالي المحافظة".

قضايا وناس
التحديثات الحية

طموحات 


وقال الناشط محمد خالد صيبعة لـ"العربي الجديد": "كنا مجموعة عمل مدني في عرسال، وبعد العودة وسقوط الأسد زرنا المدن القريبة في القلمون الغربي. وعندما طرحنا توسيع المبادرة إلى المحافظات الأخرى من دون تحديد مناطق وجدنا ترحيباً واسعاً بهدف تأكيد أن سورية أرض للجميع. وأجريت الزيارات من دون حواجز أو شوائب، وكان الهدف من المبادرة العمل لبناء هيكلية اجتماعية للمجتمع المدني في القلمون الغربي تمهيداً للانطلاق إلى كل المناطق. ووجهنا دعوات لأهالي درعا وسويداء برد الزيارة لتحقيق مزيد من الانفتاح والتقارب".

بدوره قال وسيم عقيل، أحد منسقي المبادرة، لـ"العربي الجديد": "لفتني تأكيد الجميع مبدأ أن سورية موحدة ضد التقسيم، وأي تدخل خارجي". وعن انطباعه عن المحافظات التي زارها بعدما غاب أكثر من عشر سنوات عن سورية، قال: "الوضع مأساوي جداً في مختلف المحافظات، خصوصاً في درعا المحروقة بكل معنى الكلمة في ظل تدمير العمران والبنى التحتية واغتصاب الأراضي وتحويلها إلى ثكنات عسكرية. وقد استملك اللواء 12 والفوج 17 نصف الأراضي الزراعية ومنع زراعة القمح فيها، بعدما كانت الثروة النباتية في درعا تشكّل جزءاً استراتيجياً من المحصول السوري". وتشكل هذه المبادرات المضافة إلى أخرى سابقة أو لاحقة صوتاً يعبّر عن تطلعات شريحة واسعة من الشعب السوري، لكن ثقلها ووزنها على الأرض يبقى رهن قدرتها على توحيد الحراك المدني وتقديم رؤى سياسة واضحة لمستقبل البلاد.

وفي مناطق شمال شرقي سورية التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وتتميز بتنوع قومي وديني وثقافي، نفِذت العديد من المبادرات المجتمعية وتجمعات لقوى ومنظمات مدنية وأهلية ومستقلين، من بينها عقد مجموعة من المثقفين والمستقلين جلسة حوار حول مفهوم الفيدرالية. وناقشت الجلسة محاور رئيسية أهمها بلورة موقف كردي موحد من المتغيرات السياسية الأخيرة على الساحة السورية.

المساهمون