استمع إلى الملخص
- أشار وزير العدل إلى أن نسبة الحبس المؤقت لا تتجاوز 6%، مع السماح لألفي سجين بالخروج المؤقت لقضاء عيد الفطر، مما يعكس تطورًا في العدالة العقابية. ينص القانون على إجازة خروج للمحبوسين حسن السيرة بعقوبات لا تتجاوز ثلاث سنوات.
- أثار النظام نقاشًا حول رفض بعض اللجان لطلبات الإفراج لبعض الجرائم. أكد المحامي توفيق هيشور أن النظام يوازن بين حماية المجتمع وإعادة إدماج المحكوم عليهم، مما يخفف اكتظاظ السجون.
بدأت السلطات في الجزائر تفعيل نظام الإفراج عن بعض السجناء، وفق شروط محددة تشمل حسن السيرة، والالتزام داخل المؤسسة العقابية، وتوفر إمكانية إعادة الإدماج في المجتمع. ويأتي هذا الإجراء في إطار تطوير النظام العقابي، وتعزيز مقومات الإصلاح، إلى جانب السعي لتخفيف الضغط على السجون وتقليص كلفتها على الموازنة العامة للدولة.
وقال وزير العدل الجزائري، لطفي بوجمعة، مساء الأربعاء، في جلسة للبرلمان، إن "العدالة قبلت 7812 طلب إفراج مشروط، من ضمن 9659 طلباً، هو ما يعادل 80.8 بالمائة"، مشيراً إلى أن القبول يتم من الجهات القضائية في ضوء دراسة الملفات القضائية، طبقاً لنظام الإفراج المشروط عن المحكوم عليهم نهائياً المنصوص عليه في قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للسجناء.
وكشف وزير العدل أن نسبة لجوء القضاء إلى الحبس المؤقت أصبحت ضئيلة، ولا تتجاوز 6%، واصفًا إياها بأنها مقبولة. وأوضح أن هذا الإجراء الاستثنائي يُستخدم فقط بهدف جمع المعطيات، كالشهادات، والأدلة، وتقارير الخبرة في الملفات القضائية.
وفي سياق تطوير النظام العقابي ومؤسسات السجون، أشار الوزير إلى أن القضاء سمح لألفي سجين بالخروج المؤقت من المؤسسة العقابية، لقضاء عيد الفطر مع عائلاتهم في شهر مارس/آذار الماضي. ويُعد هذا الإجراء تطوراً لافتاً في مقاربة العدالة العقابية، حيث تنص المادة الـ129 من قانون السجون، على أنه يمكن لقاضي تطبيق العقوبات، بعد أخذ رأي لجنة تطبيق العقوبات، منح المحبوس حسن السيرة والسلوك، المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية لا تتجاوز ثلاث سنوات، إجازة خروج من دون حراسة، لمدة أقصاها عشرة أيام.
وكانت وزارة العدل الجزائرية قد دعت القضاة إلى تفعيل العمل بنظام الإفراج المشروط، وطلبت من القضاة المكلفين به، التعامل بإيجابية مع طلبات السجناء، خصوصاً الذين أبدوا سلوكاً حسناً ورغبة في الإصلاح والاندماج الاجتماعي، ممن تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في قانون السجون الصادر عام 2005. وينص قانون السجون الصادر في فبراير 2005، على أنه "يمكن المحبوس الذي قضى فترة اختبار من مدة العقوبة المحكوم بها عليه، أن يستفيد من الإفراج المشروط، إذا كان حسن السيرة والسلوك وأظهر ضمانات جدّية لاستقامته"، بعد انقضاء نصف مدة العقوبة بالنسبة إلى السجين الذي يسجن لأول مرة، وثلثي مدة العقوبة بالنسبة إلى السجين الذي سبق أن سُجن في قضايا سابقة، ويتيح في السياق نفسه للمحبوس المحكوم عليه بعقوبة السجن المؤبد، الاستفادة من الإفراج المشروط بعد انقضاء 15 سنة من سجنه.
وتنصّ المادة الـ135 على أنه "يمكن أن يستفيد من الإفراج المشروط دون شرط الفترة، المحبوس الذي يبلغ السلطات المختصة عن حادث خطير قبل وقوعه من شأنه المساس بأمن المؤسسة العقابية أو يقدم معلومات للتعرف إلى مدبريه أو بصفة عامة يكشف عن مجرمين وإيقافهم. ويستفيد السجين من الإفراج المشروط عبر تقديم طلب طوعي، ويمكن أن يكون الإفراج باقتراح من قاضي تطبيق العقوبات أو مدير المؤسسة العقابية، وتبنت لجنة تطبيق العقوبات البت في طلبات الإفراج المشروط.
وقال المحامي توفيق هيشور لـ"العربي الجديد"، إن "العودة إلى نظام الإفراج المشروط تعكس توجهاً إصلاحياً في السياسة الجنائية، يوازن بين حماية المجتمع وإعادة إدماج المحكوم عليهم، ما من شأنه أن يساهم في تخفيف اكتظاظ السجون، ويمنح فرصاً حقيقية لمن أثبتوا حسن السيرة للاندماج تحت رقابة قانونية صارمة. إنه خطوة نحو عدالة أكثر نجاعة، تُقوِّم العقوبة على أساس شخصية الجاني، لا فقط خطورة الجريمة، وفق مقاربة حديثة وفعالة".
غير أن العودة إلى تفعيل نظام الإفراج المشروط، أثارت نقاشاً في الوسط القضائي حول رفض اللجان المحلية أو الوطنية الاستجابة للطلبات المتعلقة ببعض الجرائم رغم أن القانون الذي ينص على الإفراج المشروط، لم يستثنها من مجال التطبيق. واعتبر القاضي والرئيس السابق لنقابة القضاة، يسعد مبروك، في تقدير قانوني نشره، أن "حجة الرفض المسوقة لذلك، أن هذه الجرائم التي لا تشملها مراسيم العفو التي يصدرها رئيس الجمهورية، تستثنى آلياً من حق الإفراج المشروط، وهو قياس فاسد وعديم الأساس، لأن أسباب ومبررات وأهداف العفو تختلف كلياً عن أهداف وأساس ومبررات الإفراج المشروط"، مضيفاً في دعم خيار الإفراج المشروط أن "العدالة تستوجب القسوة مع من لا يُرجى صلاحه، والرأفة بمن أخطأ ثم أناب وأصلح". ودعا القضاة إلى "التخلص من الهواجس غير القانونية التي تكبل البعض منهم دون التحجج بأي ضغط غالباً ما يكون غير موجود إلا في تصور حامله".