الجزائر تنفي وجود مهاجرين من "مفقودي 2008" في السجون التونسية

الجزائر تنفي وجود مهاجرين من "مفقودي 2008" في السجون التونسية

23 ابريل 2022
من تحرّك سابق لعدد من عائلات المهاجرين الجزائريين المفقودين في تونس (فيسبوك)
+ الخط -

نفى سفير الجزائر لدى تونس عزوز باعلال وجود مهاجرين سريين من الجنسية الجزائرية في السجون التونسية، في حين تزعم عائلاتهم أنّهم يقبعون في تلك السجون منذ فقدانهم عام 2008. يأتي ذلك مع عودة الجدل حول هذه القضية في أعقاب استدعاء محكمة الكاف بتونس عائلات المهاجرين الجزائريين إلى جلسة استماع بشأن هذه المزاعم، وبعد خطأ جسيم ارتكتبه السلطات الجزائرية عند إبلاغ العائلات بعقد الجلسة في تونس.

وأوضح باعلال بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الجزائرية (واج) بخصوص الشباب الجزائريين الذين هاجروا بطريقة سرية والذين يُعَدّون مفقودين أو موضوع اختفاء قسري، أنّ السلطات الجزائرية استنفدت كلّ المساعي والجهود في هذه القضية من دون جدوى. وقال إنّه مذ أشار أشخاص إلى وجود هؤلاء أو إمكانية وجودهم في السجون التونسية وإلى أنّهم ما زالوا على قيد الحياة، "قام جهازنا الدبلوماسي والقنصلي في تونس، بتوجيه من وزارة الشؤون الخارجية، بالمساعي اللازمة لدى السلطات التونسية للوقوف على حقيقة الأمر. وأكدت هذه الأخيرة رسمياً وفي مناسبات عديدة، نفيها وجود مساجين جزائريين في السجون التونسية لم يتمّ الإبلاغ عنهم للسلطات الجزائرية، طبقاً للأعراف ولأحكام الاتفاقية الدولية للعلاقات القنصلية، كما دقّقت في الموضوع من دون التوصّل إلى أيّ مؤشّر يوحي باختفاء قسري لمواطنين جزائريين في تونس".

وشدّد السفير الجزائري على أنّ طبيعة العلاقات المثالية بين الجزائر وتونس لا تسمح بهكذا قضايا، شارحاً أنّ البلدَين "تربطهما علاقة ثقة تسودها روح المسؤولية والتعاون النزيه، بما في ذلك التعاون القنصلي والقضائي، خصوصاً البحث عن المفقودين أو الأشخاص محلّ بحث في فائدة العائلات". أضاف أنّ البلدَين تربطهما كذلك "اتفاقية تعاون قضائي، يتمّ من خلالها احترام التدابير المنصوص عليها وتبادل المعلومات القضائية ومتابعة التحقيقات المتعلقة بأشخاص معنويين أو طبيعيين، خصوصاً عن طريق الإنابات القضائية، وهي الإطار الأمثل للتعاطي مع مثل هذه القضايا".

تجدر الإشارة إلى أنّ العائلات الجزائرية تبحث منذ 14 عاماً عن أبنائها من المهاجرين السريين الذين كانوا قد غادروا سواحل مدينة عنابة الجزائرية في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2008 ، لكنّ الرياح قادتهم إلى سواحل مدينة طبرقة التونسية القريبة من الحدود البرية والبحرية مع الجزائر، ولم تظهر بعد ذلك أيّ معلومات عنهم. وقد انضمّت إلى هؤلاء مجموعات أخرى من المهاجرين الذين فُقدوا في المنطقة نفسها في عامَي 2012 و2016. وشجّعت ظروف ما بعد الثورة في تونس العائلات على طرح القضية على السلطات والهيئات الحقوقية في تونس التي أحالتها إلى "هيئة الحقيقة والكرامة" (حكومية مستقلة) في قضية اختفاء قسري، بعدما زعمت العائلات الجزائرية أنّها حصلت على معلومات من جهات تونسية تفيد بوجود المهاجرين في السجون.

وحثّ باعلال عائلات المهاجرين السريين المفقودين على وضع ثقتها في السلطات الجزائرية، قائلاً: "نتفهم ونتعاطف مع مشاعر عائلات الشبان المفقودين ونشاطرها آلام فقدان أبنائها، لكنّنا نهيب بها التشبث بالثقة بالسلطات الجزائرية التي لن تتوانى عن إعلامها بكلّ مستجد في هذه القضية المؤسفة والأليمة"، مشيراً إلى أنّ السلطات الجزائرية لن تتوانى عن إعلام عائلات المعنيين بأيّ مستجدات قد تطرأ في هذه القضية الأليمة.

وأتت تصريحات السفير الجزائري بعد ردود فعل وجدال صاحبا استدعاء محكمة الكاف بالجمهورية التونسية لعائلات وذوي شبّان جزائريين مهاجرين سريين مفقودين منذ عام 2008، والمقدّر عددهم بـ39 شخصاً. وقضيّة هؤلاء هي قضية اختفاء قسري في إطار العدالة الانتقالية في تونس، وقد أعدّتها "هيئة الحقيقة والكرامة" وأُحيلت إلى محكمة الكاف التونسية للبتّ فيها، الأمر الذي دفع المحكمة إلى استدعاء العائلات الجزائرية عبر القنصلية الجزائرية بالكاف الحدودية. لكنّ السفير لم يقدّم توضيحات بشأن الخطأ الجسيم الذي ارتكبته السلطات الجزائرية في محاضر تبيلغ العائلات بجلسة الاستماع، إذ تضمّن المحضر ما يفيد بوجود المهاجرين أحياء وأنّه "سوف يتم تقديم كلّ باسمه للمحاكمة في 15 إبريل 2022".

وعلى خلفيّة ما تضمّنه محضر التبليغ المسلّم إلى العائلات، ظنّت الأخيرة أنّ أبناءها أحياء وهم موجودون في السجون التونسية، وأنّهم سوف يُحاكمون بتهمة اجتياز الحدود البحرية خلسة. وقد سافرت بالفعل عائلات عدّة لحضور جلسة المحاكمة في تونس، قبل أن تكتشف أنّ الأمر يتعلق بجلسة استماع لها في قضية اختفاء قسري، وأنّ أبناءها غير موجودين في الأساس، الأمر الذي دفعها إلى الاحتجاج على ما أتت به السلطات الجزائرية واتّهامها بالتضليل والتلاعب بالعائلات.

المساهمون