الجزائر تفتح مزيداً من المعابر مع دول الساحل

الجزائر تفتح مزيداً من المعابر البرية مع دول الساحل: عين على الأمن والهجرة وأخرى على الاقتصاد

25 أكتوبر 2021
الأمن ذو أولوية بالنسبة إلى الجزائر في منطقة الجنوب (العربي الجديد)
+ الخط -

أعلنت الجزائر، الاثنين، استعدادها لإعادة فتح المعابر الحدودية البرية مع دولة النيجر، التي كانت قد أُغلقت في عام 2012 بسبب التوتّرات الأمنية في مدن شمالي النيجر بالقرب من الحدود الجزائرية، لكنّها عبّرت عن مخاوف جديّة في ملف الأمن ومكافحة الإرهاب والجريمة، ووقف موجات الهجرة السريّة.

وقال وزير الداخلية الجزائري كمال بلجود، في الاجتماع السابع للجنة الحدودية الجزائرية النيجرية الذي شارك فيه وزير الداخلية النيجيري ألكاش ألهادا، إنّ بلاده تستعدّ لفتح المركز الحدودي عين قزام أمام حركة عبور السلع والأفراد بين البلدَين بعد عمليات تهيئة وتوسيع، بما يسمح للمتعاملين الاقتصاديين بين البلدَين بإقامة مبادلات تجارية حقيقية واستثمارات تفيد شباب المناطق الحدودية لإبعادهم عن شبكات الهجرة.

وفي يوليو/ تموز الماضي، كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أعلن، خلال زيارة قام بها الرئيس النيجيري محمد بازوم إلى الجزائر، الموافقة على إعادة فتح الحدود البرية مع النيجر، المغلقة من جانب الجزائر لأسباب أمنية منذ تسعة أعوام، واتُّفق حينها على تسهيل دخول العمّال النيجريين الوافدين إلى الجزائر. 

وطلبت النيجر مساعدة جزائرية لإعادة توطين نحو 200 ألف نازح نيجيري من مدن الشمال في مناطقهم التي هجروها لأسباب أمنية، وبدء استثمارات نفطية تقوم بها الشركة الحكومية للمحروقات الجزائرية "سوناطراك".

وعبّر بلجود عن انشغال الجزائر بأولوية تأمين الحدود الجنوبية بسبب استفحال الجريمة متعدّدة الأبعاد، من بينها الإرهاب وتجارة الأسلحة والهجرة السرية، ما يفرض مستوى عالياً من التعاون الأمني بين البلدين، مشيراً إلى أنّ "الهجرة غير الشرعية صارت مؤطّرة متحالفة مع الإرهاب، والجزائر صارت وجهة لأعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين من بلدان عدّة، إذ تتعامل معهم بإنسانية بما تمليه الأعراف الدولية، وهو ما يفرض بالضرورة تعاوناً وثيقاً بين الجزائر والنيجر ودول المهاجرين".

ويصل يومياً عشرات المهاجرين الوافدين من دول الساحل والصحراء إلى الحدود الجزائرية، فيعبرونها بطريقة غير نظامية ويصلون إلى مدن جنوبي الجزائر، كعين صالح وعين قزام وتمنراست وإليزي، قبل مواصلتهم رحلاتهم إلى مدن الشمال، حيث يسعى جزء منهم إلى ركوب قوارب الهجرة السرية إلى السواحل الأوروبية، فيما تنفّذ السلطات الجزائرية بين الحين والآخر حملات لتجميعهم وترحيلهم. 

وقد قامت، العام الماضي، بحسب بيانات وزارة الداخلية، بإعادة 30 ألف مهاجر سري من 44 دولة إلى بلدانهم، من بينهم 16 ألفاً إلى النيجر.

وقد خُصّص اجتماع اليوم للتفاهم على تدابير تفعيل التعاون الأمني لمواجهة التهديدات الأمنية وتأمين الحدودية ومكافحة الهجرة السرية والجريمة بمختلف أشكالها، وتبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية للبلدَين. 

وعُقد اجتماع فرعي لفريق العمل المشترك المكلف بالأمن، شارك فيه ممثلو الأجهزة الأمنية وحكام الولايات الحدودية الجزائرية، عين قـزام وجانت وتمنراست، وعن الجانب النيجري محافظو ولايات أغادير وطاهوة.

كذلك، عُقد اجتماع ثانٍ لفريق مكلّف بمشاريع التنمية لوضع خطة لبعث النشاط الاقتصادي على الشريط الحدودي، خصوصاً بعد إقرار الجزائر، في سبتمبر/ أيلول من عام 2020، قانوناً جديداً للتجارة يجدّد السماح بمقايضة السلع (من دون معاملات نقدية) بين تجّار الولايات الحدودية في كلّ من الجزائر والنيجر، وكذلك مالي، بهدف تسهيل التبادل التجاري وتغطية حاجيات السكان المحليين. ويشمل ذلك التمور والفواكه والخضراوات والمعجنات الغذائية والدهون والزيوت ومواد البناء والتبغ والمنتجات الزراعية والمواشي. 

وتعمل الجزائر في الفترة الأخيرة على تعزيز التنسيق الأمني والسياسي، خصوصاً مع مالي والنيجر، لضمان أمن الحدود وردع أيّ نشاط للجماعات المسلحة التي تنشط بالقرب من حدودها الجنوبية.

ويقول الخبير في الشأن الأفريقي مولود ولد الصديق، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه المساعي ذات البعد الأمني وكذلك السياسي تتزامن مع مساعٍ لرفع مبادلاتها التجارية مع تلك الدول والعمق الأفريقي. وثمّة شعور وتقدير سياسي بأنّ الولايات الحدودية (وسكانها) من الجانب الجزائري، وكذلك من جانب دول الجوار الحدودية، تأثّرت سلبياً بإغلاق الحدود وتوقّف التجارة الحدودية. وهذا عامل شجّع على عودة التوترات ونشاط المسلحين إلى مناطق شمالي مالي والنيجر".

ويشير ولد الصديق إلى أنّ "ثمّة عيناً في الجزائر مفتوحة على الأمن وأخرى على الجانب السياسي لإسناد الحكومات في مالي والنيجر وليبيا من أجل ضمان الاستقرار. لكنّ هذا الاستقرار لا يتحقق من دون التنبّه إلى الشقّ الاقتصادي وكذلك الاجتماعي لسكان المناطق الحدودية. وهذا ما يفسّر فتح الجزائر المعبر البري مع موريتانيا، والمعبر الحدودي في منطقة الدبداب الرابط بمدينة غدامس الليبية، ثمّ المعبر مع النيجر. ومن شأن ذلك أن يعيد الحيوية إلى المناطق الحدودية ويخفّف من معاناة السكان ويقلّص مبرّرات الهجرة ومختلف مظاهر النشاط المسلح".

المساهمون