الجرائم الجنسية في الكنيسة الدنماركية: 22 قضية ضد قساوسة

الجرائم الجنسية في الكنيسة الدنماركية: 22 قضية ضد قساوسة.. ومطالبات بتحقيقات معمقة

17 يونيو 2022
اتهامات خطيرة بانتهاكات جنسية في بعض الكنائس (ناصر السهلي)
+ الخط -

كشفت أرقام حديثة لـ"الكنيسة الوطنية الدنماركية" عن وجود اعتداءات جنسية في كنائس البلد البروتستانتي بأغلبيته، وذلك بعد ورود شهادات لأشخاص في تحقيق أجرته في مايو/أيار الماضي صحيفة "بيرلنغكسا".  

ورغم أن الانتهاكات الجنسية المُسجّلة ليست بالدرجة نفسها في ألمانيا وفرنسا، من بين دول أخرى، إلا أن حالة من الصدمة أصابت الشارع الدنماركي والكنيسة بعد الكشف عن الحالات، كما تراجع المشتركون فيها إلى حوالي 73 في المائة، بعد أن كانت تضم الأغلبية من الشعب، أمام اتهامات خطيرة عن مدى انتشار الظاهرة وتراجع خطير في الثقة فيها.

الصورة
تهم تلاحق كنائس الدنمارك (ناصر السهلي)
تهم تلاحق كنائس الدنمارك (العربي الجديد)

وتتبع الكنائس عمليا لوزارة الشؤون الكنسية، ويجري تمويلها من دافعي الضرائب بنحو 6.6 مليارات كرونه سنويا، إذ تراوح نسبة الحسم بين 0.5 إلى 1.5 في المائة بحسب الأبرشية التي يتبعها المواطن. ورغم أن نحو نصف أفراد مجتمع الدنمارك تقريبا يعرفون أنفسهم بأنهم "لا دينيون"، فإن مساهمتهم في التمويل الضريبي تقوم على أساس أن الكنيسة تقدم خدمات، من بينها التزويج وتسجيل المواليد والمعمودية، وغيرها، بالإضافة إلى خدمات متعددة تتعلق بمساعدة الفقراء والفئات الأكثر تهميشا وضعفا، مثل الذين يعيشون بالمئات "بلا مأوى"، ومن يعانون إدمانا. 

أكدت السلطات الدنماركية توجيه اتهامات لـ22 من القساوسة الذين جرى وقفهم عن عملهم، من بين 29 قضية اعتداء أمام المحققين

وتُولي كوبنهاغن حرصاً كبيراً لأوضاع أطفال البلد والقُصّر، إذ أنشأت لأجلهم مؤسسات مختلفة، وأدخلت تعديلات قانونية شتى للحفاظ على مصالحهم وحقوقهم. وجاء الاعتراف الأخير للكنيسة بوجود انتهاكات جنسية ليلقي المزيد من الأضواء السلبية حولها.  

الصورة
أزمة ثقة بين الكنيسة والشارع بعد هذه الاتهامات (ناصر السهلي)
أزمة ثقة بين الكنيسة والشارع بعد هذه الاتهامات (العربي الجديد)

ودفع تحقيق "بيرلنغكسا" في21 مايو/أيار مسؤولي الكنيسة إلى فحص ما جاء فيه من شهادات واتهامات ساقها أشخاص لم تُذكر هوياتهم، وبعضهم كانوا في الثانية عشرة حين ارتكبت جرائم جنسية بحقهم. وأكدت السلطات الدنماركية توجيه اتهامات لـ22 من القساوسة الذين جرى وقفهم عن عملهم، من بين 29 قضية اعتداء أمام المحققين. 

وباشرت الكنيسة تحقيقاً، تحت مسؤولية وزارتي الشؤون الكنسية والعدل حول الاعتداءات، وخصوصا في كاتدرائية كوبنهاغن، التي تسمى "كنيسة السيدة العذراء"، التي تحتضن عادة فعاليات رسمية مختلفة، بينها ما يتعلق بالقصر الملكي. وتشير وزارة الكنائس، بعد تحقيقها المتواصل، إلى أن "حالات الاعتداء الجنسي في الكنيسة الوطنية الدنماركية أكثر انتشارا من ذلك (من الأرقام المعلنة في التحقيق)". 

ويبدو أن الكنائس الدنماركية انتبهت مبكرا لوجود الإشكالية في صفوف بعض القساوسة، إذ أعلنت أنه في الفترة الممتدة بين 2012 و2022 جرى التحقيق مع 22 من موظفيها والكهنة، وفي مرتين على الأقل "وجه تحذير أو فصل، واعتبار الشخص غير مرغوب فيه في الكنيسة الدنماركية". وشهد العام الماضي 9 حالات اعتداء أو انتهاك جنسي. وفي 11 قضية اتفقت الأطراف على استقالة طوعية، وتقديم شكوى شرطية بحقهم. 

 استغلال البعض للقاصرين خلف أسوار الكنائس اعتبرته الباحثة في شؤون الأطفال وحقوقهم في كلية الدراسات الاجتماعية في آرهوس (وسط غرب)، بيرغيتا سورنسن، في حديث مع "العربي الجديد"، أكبر بكثير من تلك الأرقام المسجلة أو المعلنة على مر عقود ماضية". وتشدد سورنسن على أنه "لا يمكن في الدنمارك التسامح مع منتهكي حقوق الصغار، فالتشريعات واضحة وصارمة، إضافة إلى خطورة استغلال المنصب وتأثيره على ثقة الناس، فهي ليست أقل خطورة في نظر القانون الذي يحارب ذلك ويمنع الفساد أو التغطية على الجرائم والانتهاكات". وتتوقع هذه الباحثة المتخصصة بشؤون القصر من السياسيين "اتخاذ موقف حاسم يحقق حتى في آخر شك يثيره أي نوع من المحاباة أو التساهل مع مرتكبي الاعتداءات الجنسية".

من ناحيتها، اعتبرت السياسية أولا شميدت أن "ما يجري خطير لناحية استغلال المناصب وثقة الناس بالكنيسة، وذلك يضر كثيرا بصورة الكنيسة الوطنية".  

وشدد الأستاذ المساعد في تاريخ الكنيسة بجامعة كوبنهاغن راسموس دراير على أن هذه الأمور ضارة جدا "بغض النظر عن طائفة الكنيسة، فالكنيسة تعيش أصلا من خلال الثقة فيها كمؤسسة ومسؤولين قائمين عليها، وبدل أن يكونوا قدوة حسنة للمصلين فهم ينكثون بما وعدوا في عهودهم الكهنوتية". 

الصورة
أزمة ثقة بين الكنيسة والشارع بعد هذه الاتهامات (ناصر السهلي)
الشارع الدنماركي في سجال غياب الثقة (العربي الجديد)

والتقطت حركة "مي تو" (في الجزء الدنماركي منها) السجال الجاري لتأكيد ضرورة تحمل الدولة مسؤولية الكشف التام عن الحالات وما يجري خلف الأبواب. ونوهت الحركة بأهمية "المصارحة والشفافية في هذه الاعتداءات".

المساهمون