التلوث في العراق: مياه البصرة تحمل الديدان والطحالب

16 يوليو 2025   |  آخر تحديث: 14:12 (توقيت القدس)
التلوث في البصرة، 1 إبريل 2022 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعاني البصرة من تلوث شديد في المياه، حيث تصل محملة بالشوائب والديدان، مما أدى إلى 150 ألف حالة تسمم في 2018، مع توقع زيادة الحالات بسبب شح المياه والتغير المناخي.
- يواجه ملف المياه تحديات مثل انخفاض مناسيب شط العرب وزيادة الملوحة وغياب المعالجة، مما يسبب تلوثاً بكتيرياً وكيميائياً وتفشي الأمراض.
- تتطلب معالجة الأزمة إطلاقات مائية عادلة، تحديث محطات المعالجة، ومنع تصريف مياه الصرف الصحي، مع الحاجة إلى إرادة سياسية وتمويل مستدام.

قالت منظمة مختصة بشؤون البيئة في العراق، اليوم الأربعاء، إن التلوث الحاصل في مياه محافظة البصرة جنوبي البلاد، هو الأقسى على مدى العقود الماضية، مؤكدة أنه بات يصل إلى المنازل محملاً بالشوائب والديدان والطحالب. وذكر "مرصد العراق الأخضر"، المختص في شؤون البيئة، في بيان له، أن "ما يجري في محافظة البصرة هو صورة متكررة من مأساة بدأت منذ 2010 صعوداً وكان عام 2018 هو الأسوأ لهذه الكارثة البيئية في نقص المياه وشحها، وهناك زيادة باللسان الملحي تكون في شهري أيار وحزيران من كل عام، أما هذا العام فكانت قد بدأت منذ كانون الثاني".

وأضاف المرصد أن "هنالك خللاً واضحاً في وصول الماء (خام) إلى المنازل دون تصفية أو تنقية ليكون محملاً بالشوائب والديدان والطحالب، كما هنالك (سمية) عالية في المياه بحيث لا تصلح لاستهلاك النباتات والحيوانات"، موضحاً أن "هناك أموالاً طائلة خصصت لمحافظة البصرة من أجل جلب محطات جاهزة لتحلية المياه دون جدوى، كما أن دولة الكويت استطاعت إنشاء محطة عملاقة بعد عام 1991 خلال تسعة أشهر لتحلية مياه البحر". وكشف أن "البصرة شهدت حصول 150 ألف حالة تسمم عام 2018 بسبب سوء نوعية المياه فيها، ونتوقع زيادة هذه الحالات خلال العام الحالي كونها الأشد شحة للمياه والأكثر تأثراً بالتغير المناخي في عموم البلد وبضمنها محافظة البصرة".

من جهته، أعلن رئيس مركز العراق لحقوق الإنسان في البصرة علي العبادي عن تقديم شكوى لدى جهاز الادعاء العام فيما يتعلّق بالمخالفات القانونية التي ارتكبتها حكومة البصرة في إدارة ملف المياه والشروع بقتل (5) ملايين مواطن بصري وحول ملف القروض الدولية جاءت للمحافظة.

في المقابل، قال الخبير المائي والبيئي جمعة الدراجي، لـ"العربي الجديد"، إنه "تواجه محافظة البصرة تحدياً خطيراً في ملف المياه، يتمثل في تلوث مياه الشرب والري بشكل متزايد، نتيجة لعدة عوامل متراكمة، أبرزها انخفاض مناسيب نهر شط العرب، وزيادة الملوحة، وغياب المعالجة الفعالة للمياه الملوثة والصرف الصحي، وإن استمرار الوضع الحالي يُهدد صحة المواطنين بشكل مباشر، ويؤثر سلباً على النظام البيئي والزراعي". وأوضح أنه "سجل في السنوات الأخيرة نسباً مرتفعة من التلوث البكتيري والكيميائي في المياه الواصلة إلى المنازل، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الملوحة نتيجة تراجع الإطلاقات المائية من دجلة والفرات، وتداخل مياه البحر، وهذا التلوث يُعد سبباً مباشراً في تفشي الأمراض المعوية والجلدية، ويمثل خطراً بيئياً وصحياً لا يمكن تجاهله".

التلوث يهدد المياه في العراق

وأضاف أن "حل هذه الكارثة الإنسانية والبيئة، يكون عبر إطلاقات مائية عادلة ومنتظمة، فيجب أن يكون للعراق حصة مائية كافية من نهر دجلة والفرات، تتطلب تفاهمات دبلوماسية ملزمة مع دول المنبع (تركيا وإيران)، وهو أمر يرتبط مباشرة بالأمن المائي الوطني، إضافة إلى إعادة تأهيل محطات التصفية، فهناك حاجة ماسة لتحديث وصيانة محطات معالجة المياه، خاصة في مركز البصرة والأقضية المحيطة، باستخدام تقنيات حديثة تضمن إزالة الأملاح والبكتيريا بشكل فعال". وأوضح أنه "ضمن الحلول إيقاف التصريف المباشر للمياه الثقيلة، فمنع تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى شط العرب، وربط هذه الشبكات بمحطات معالجة بيئية متطورة، مع إقامة سد تحويلي (أو ساتر مائي)، فمن المقترح إنشاء سد تحويلي في منطقة رأس البيشة أو أبو فلوس، للحد من زحف اللسان الملحي القادم من الخليج العربي". وختم الدراجي قوله إن "قضية مياه البصرة لم تعد أزمة موسمية، بل تهديداً دائماً يتطلب إرادة سياسية، وتمويلاً مستداماً، وخططاً واضحة المعالم، ونحذر من أن التأخر في معالجتها سيقود إلى كارثة بيئية وصحية طويلة الأمد".

وكانت وزارة الموارد المائية العراقية قد وعدت، الشهر الجاري، بالحفاظ على مستوى عالٍ من الإطلاقات المائية من أجل وصول كمية وافرة من المياه إلى البصرة، ما ينتج عنه انحسار مستوى التلوث. وباشرت الحكومة المحلية في البصرة، بالاعتماد على السيارات الحوضية (الصهاريج) لتوفير المياه الصالحة للاستخدام البشري، في المناطق التي تعاني تلوثاً بمياهها، واستخدمت الصهاريج التابعة لمديرية الدفاع المدني في المحافظة.

وتعاني البصرة من مشكلة قلّة مياه الشرب والريّ بسبب بناء السدود التركية، وتغيير مجرى الأنهار والروافد في إيران، وإطلاقها مياه البزل المالحة إلى شطّ العرب، وتُضاف إلى ما سبق التجاوزات المحلية على الأنهر الفرعية، ما تسبب في حدوث جفاف أدى إلى زيادة ملوحة ماء شط العرب وانعدام المياه الصالحة للشرب.

المساهمون