التجويع والأمراض يفتكان بأطفال غزة وسط تكثيف الإبادة الإسرائيلية
استمع إلى الملخص
- تعرضت البنية التحتية الصحية في غزة لانهيار شبه كامل منذ أكتوبر 2023، حيث تم قصف أو تدمير 38 مستشفى، مما أدى إلى شلل شبه تام في المنظومة الصحية وصعوبة في الحصول على العلاج.
- أعلنت المبادرة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي عن "حالة المجاعة" في غزة، مع استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول المواد الغذائية والعلاجات، مما يفاقم الأزمة الإنسانية.
ما زال التجويع الممنهج ونقص العلاج والمستلزمات الطبية تفتك بأطفال قطاع غزة الذي يتعرض لحصار وإبادة جماعية ترتكبها إسرائيل منذ نحو عامين، ما حول حياة الفلسطينيين إلى صراع مع التجويع والمرض وانعدام مقومات البقاء. ومع هذا الواقع القاتم، تحذر منظمات إغاثية دولية من أن تفاقم الأزمة يضع مئات آلاف المدنيين، لا سيّما الأطفال والمرضى وكبار السن، أمام مخاطر الموت جوعاً ومرضاً، بينما تعجز المستشفيات عن توفير أبسط أشكال الرعاية الصحية بسبب نفاد الأدوية والمستلزمات الطبية جراء الحصار.
ومنذ ما يقارب العامين، يعيش أكثر من مليونَي فلسطيني في غزة تحت حصار خانق وإبادة ممنهجة حولت خلالها إسرائيل الغذاء والدواء إلى سلاح للقتل البطيء. ومع تشديد القيود على دخول حليب الأطفال والأدوية والمستلزمات الطبية، بات التجويع واقعاً يومياً يفتك بالأهالي ويحول المستشفيات إلى محطات انتظار للموت.
ويعاني قطاع الصحة بغزة انهياراً شبه كامل في التشخيص والعلاج، فمنذ بدء الإبادة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قصف الجيش الإسرائيلي أو دمر أو أخرج عن الخدمة ما مجموعه 38 مستشفى، ما أدى إلى شلل شبه تام في المنظومة الصحية. فداخل "مستشفى ناصر" بمدينة خانيونس، جلست الفلسطينية دعاء أبو مصطفى إلى جوار طفلتها مريم، متشبثة بأمل ضئيل بأن تتمكّن من مغادرة القطاع لتلقي العلاج. فالطفلة تعاني من سوء تغذية ومشاكل صحية متعددة لا يتوفر لها علاج داخل غزة بسبب الحصار الإسرائيلي. تقول دعاء إنّ مريم ولدت خلال الحرب، وتعاني منذ ذلك الحين من سوء تغذية ومشكلات عصبية وصحية أخرى، وتحتاج إلى مسكنات وعلاجات أساسية غير متاحة في المستشفيات والحصار الإسرائيلي ضاعف ذلك، وتضيف أن طفلتها بحاجة ماسة للعلاج خارج القطاع، غير أنّ الحصار يحول دون سفرها. وتؤكّد الأم أن الحرب أثرت بشدة على الأمهات والأطفال، إذ يفتقدون أبسط الأساسيات من غذاء وعلاج، وتوضح: "كل يوم أموت معها، فأنا المعيلة الوحيدة لها، وأتمنى أن أراها تلعب مثل باقي الأطفال".
ولا يختلف حال مسعودة وهبة، والدة الطفل عبيدة، الذي يعاني من سوء تغذية وثقب في القلب إضافة إلى إعاقة جسدية. تروي الأم التي فقدت أحد أبنائها بقصف إسرائيلي، أنها تعيش ظروفاً معيشية قاسية، مطالبة المؤسسات الدولية بالنظر إلى حالة طفلها بعين الرحمة وتوفير العلاج له خارج القطاع.
الحرب تحصد أطفال غزة
وفي الغرفة المجاورة، ترقد الطفلة سمر البشيتي على سرير المستشفى بلا حراك، بعدما تعرضت لإصابة بالغة في رأسها أدت إلى شلل رباعي، وفاقم سوء التغذية من حالتها. والدتها جيهان تمسك هاتفها لتعرض صوراً قديمة لسمر وهي تلعب وتضحك، قبل أن تحيلها الحرب الإسرائيلية إلى طفلة ضعيفة عاجزة عن الحركة. وتوضح أن طفلتها كانت تلعب وتتحرك لكن اليوم جراء الحرب أصبحت طريحة الفراش، وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي، فإنّ أكثر من 5200 طفل بحاجة إلى إجلاء طبي عاجل لإنقاذ حياتهم.
وأعلنت المبادرة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، في 22 أغسطس/ آب 2025، "حالة المجاعة في مدينة غزة" (شمال)، وتوقعت امتدادها إلى محافظتَي دير البلح (وسط) وخانيونس (جنوب) بنهاية سبتمبر/ أيلول. وسارعت إسرائيل إلى مهاجمة التقرير رغم اعتماده على معطيات وحقائق، زاعمة أنه استند إلى شهادات "هاتفية". والتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي "آي بي سي" مبادرة دولية لتحليل أوضاع الأمن الغذائي والتغذية، تضم 21 منظمة بارزة، بينها منظمة الأغذية والزراعة "فاو"، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمات الأمم المتحدة للأطفال "يونيسف"، والصحة العالمية، وأوكسفام، وأنقذوا الأطفال.
ومنذ 2 مارس/آذار الماضي تغلق إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعةً أي موادّ غذائية أو علاجات أو مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده. وتسمح إسرائيل أحياناً بدخول كميات محدودة جداً من المساعدات لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المجوَّعين ولا تنهي المجاعة، لا سيّما مع تعرض معظم الشاحنات للسطو من عصابات تقول حكومة غزة إنّ إسرائيل تحميها.
(الأناضول، العربي الجديد)