استمع إلى الملخص
- رفض المجلس تخفيض رسوم الكفالة لإعادة النظر في الأحكام، ووافق على مواد تتيح إعادة النظر في الأحكام النهائية في حالات معينة، مع تحديد إجراءات تنفيذ عقوبة الإعدام.
- أثار القانون مخاوف بشأن الحريات والعدالة، خاصة مع تمديد فترات الحبس الاحتياطي منذ 2011، مما أثر على الناشطين والمعارضين السياسيين.
استأنف مجلس النواب المصري مناقشات مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، اليوم الثلاثاء، إذ انتهى المجلس إجمالاً من التصويت بالموافقة على 464 مادة من أصل 540، تمهيداً لتمرير القانون في صورته النهائية أواخر فبراير/شباط الجاري، ومن ثم إحالته إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي للتصديق عليه.
ووافق المجلس على حزمة من مواد القانون التي تجيز للنيابة العامة والمتهم الاستئناف على الأحكام الحضورية الصادرة من محكمة الجنايات (أول درجة) خلال 40 يوماً من تاريخ الحكم، وللنائب العام أن يستأنف الحكم خلال 60 يوماً من صدوره. وتستمع المحكمة إلى أقوال المستأنف، والأوجه التي يستند إليها في استئنافه، وأوجه دفاعه ودفوعه، وكذلك إلى باقي الخصوم بشرط أن يكون المتهم آخر من يتكلم. وإذا كان الحكم حضورياً بعقوبة الإعدام، ولم يجر استئنافه خلال الميعاد المقرر قانوناً، وجب على النيابة اتباع إجراءات الطعن أمام محكمة النقض. وحسب المواد التي أقرها المجلس، إذا تخلف المحكوم عليه أو وكيله بغير عذر عن الحضور في الجلسة المحددة لنظر الاستئناف، تندب له المحكمة محامياً للدفاع عنه وتفصل في الاستئناف.
ورفض مجلس النواب اقتراحاً تقدم به النائبان عاطف مغاوري ومحمد عبد العليم داوود بشأن مادة عدم قبول النائب العام طلب إعادة النظر من المتهم إلا إذا أودع في خزانة محكمة النقض كفالة مقدارها خمسة آلاف جنيه (نحو 100 دولار). وطالب النائبان بتخفيض رسوم الكفالة للتخفيف على المواطنين الذين يعانون طوال الوقت من سداد الضرائب والرسوم. وعقب وزير الشؤون النيابية محمود فوزي، قائلاً: "المبلغ لا يمثل قيمة كبيرة، ويضمن الحد الأدنى من جدية تقديم الطلب منعاً لاستسهال الإجراءات".
ووافق المجلس على أنه يجوز طلب إعادة النظر في الأحكام الباتة (النهائية) في مواد الجنايات والجنح، إذا حُكم على المتهم في جريمة قتل، أو إذا صدر حكم على شخص من أجل واقعة ثم صدر حكم على شخص آخر في الواقعة عينها، وكان بين الحكمين تناقض تستنتج منه براءة أحد المحكوم عليهما. كذلك إذا حُكم على أحد الشهود أو الخبراء بالعقوبة لشهادة الزور، أو صدر حكم بتزوير ورقة قدمت أثناء نظر الدعوى وكان للشهادة أو تقرير الخبير أو الورقة تأثير في الحكم، أو إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة وكان من شأنها ثبوت براءة المحكوم عليه.
ووافق البرلمان على مادة تنص بأنه متى صار الحكم بالإعدام نهائياً وجب على وزير العدل رفع أوراق الدعوى فوراً إلى رئيس الجمهورية، ويُنفذ الحكم إذا لم يصدر الأمر بالعفو أو بإبدال العقوبة خلال 14 يوماً. ويودع المحكوم عليه بالإعدام في مركز الإصلاح والتأهيل (السجن) بناءً على أمر تصدره النيابة العامة. ويجوز لأقارب المحكوم عليه بالإعدام أن يقابلوه في اليوم السابق على اليوم المعين لتنفيذ الحكم، وإذا كانت ديانته تفرض عليه الاعتراف أو غيره من الفروض الدينية قبل الموت وجب إجراء التسهيلات اللازمة لتمكين أحد رجال الدين من مقابلته. وتنفذ العقوبة في أي مكان مستور بناءً على طلب كتابي من النائب العام، ويجب على إدارة السجن المختص إخطار وزارة الداخلية والنائب العام باليوم المحدد للتنفيذ وساعته.
كما وافق على تنفيذ عقوبة الإعدام بحضور أحد أعضاء النيابة العامة، ومندوب من قطاع الحماية المجتمعية وآخر من وزارة الداخلية، ومدير وطبيب السجن، وطبيب آخر تندبه النيابة العامة. ولا يجوز لغيرهم حضور تنفيذ الحكم إلا بإذن خاص من النيابة، على أن يؤذن للمدافع عن المحكوم عليه بالحضور. ولا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام في أيام الأعياد الرسمية أو الأعياد الخاصة بديانة المحكوم عليه، ويوقف تنفيذ العقوبة على الحبلى إلى ما بعد سنتين من وضعها. وتسلم جثة المحكوم عليه بالإعدام إلى أهله إذا طلبوا ذلك، ووافقت جهة الإدارة، بشرط أن يكون الدفن بغير احتفال، فإذا لم يتقدم أحد لتسلم الجثة خلال سبعة أيام سلمت إلى إحدى الجهات للدفن.
وكان مجلس النواب قد وافق على مادة تقضي بحرمان المحكوم عليه غيابياً من التصرف في أمواله أو إدارتها أو رفع أية دعوى باسمه، وبأن كل تصرف أو التزام يتعهد به المحكوم عليه يكون باطلاً من نفسه. وتحدد المحكمة الابتدائية الواقع في دائرتها أموال المحكوم عليه حارساً لإدارتها بناءً على طلب النيابة العامة، أو كل ذي مصلحة في ذلك، ولها أن تلزم الحارس الذي تنصبه بتقديم كفالة، وأن يكون تابعاً لها في جميع ما يتعلق بالحراسة وتقديم الحساب.
وعن الجدل المثار بشأن المادة، قال وزير العدل عدنان فنجري إنها تتعلق بالأحكام الغيابية الصادرة في جناية من محاكم الجنايات، وبالتالي لا وجه للقول باستصحاب أحكام هذه المادة على الأحكام الغيابية الصادرة في الجنح، مضيفاً أن مشروع القانون أقام موازنة دقيقة بين تنفيذ حق المجتمع في العقاب، وبين كفالة حقوق الدفاع، وذلك منعاً لتغليب مصلحة طرف من أطراف الدعوى الجنائية على الآخر. وأضاف أن جميع الإجراءات التي رتبتها المادة، ورقمها 368، هي إجراءات تهديدية لحمل المتهم في جناية على المثول أمام المحكمة لتحقيق دفاعه في المحاكمة، مستطرداً أن كل هذه الإجراءات تسقط بمجرد القبض عليه، أو حضوره وطلب إعادة محاكمته.
ويثير القانون الجنائي الجديد مخاوف حقيقية حول وضع الحريات والعدالة في مصر، بوصفه مدخلاً خلفياً لاستمرار مدد الحبس الاحتياطي للسياسيين بلا نهاية. وتعاني أعداد كبيرة من الناشطين والمحامين والصحافيين والمهتمين بالشأن السياسي والعام الحبس الاحتياطي المطول، ومنهم من دونوا على منصات التواصل الاجتماعي منشورات معارضة لرئيس الجمهورية، استناداً إلى اتهامات "مطاطة" مبنية على تحريات أمنية بلا قرائن أو أدلة. وأجرى المشرع المصري، ممثلاً في رئيس الجمهورية ومجلس النواب، ستة تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ما سمح بالالتفاف على نصوصه، وطمس ملامحه الأولى، في ظل الإصرار على تمديد وزيادة فترة الحبس الاحتياطي، وتوظيفه عقوبة ضد المحبوسين على ذمة قضايا سياسية، ومنهم من تجاوزت مدد حبسهم الاحتياطي سبع سنوات من دون إحالة إلى المحاكمة.