استمع إلى الملخص
- ينص مشروع قانون الإجراءات الجنائية على شروط للحبس الاحتياطي، مع تحديد مدته في الجنح والجنايات، وإمكانية التمديد بقرار المحكمة، مما أثار جدلاً حول حقوق المتهمين.
- أثار المشروع مخاوف بشأن الحريات في مصر، حيث يُعتبر مدخلاً لتمديد الحبس الاحتياطي للسياسيين، وطالب قانونيون بسحبه لعدم اتساقه مع الدستور.
رفض مجلس النواب المصري جميع الاقتراحات المقدمة من الأعضاء بشأن بدائل الحبس الاحتياطي، خلال مناقشات مشروع قانون الإجراءات الجنائية، اليوم الاثنين، ومنها تطبيق تقنيات حديثة مثل السوار الإلكتروني، الذي يرتديه المتهم في مكان غير ظاهر بالقدم، ويسمح بمراقبة مدى التزامه بالتعليمات، مثل عدم مغادرة المنزل أو التوجه إلى مناطق معينة.
وقال النائب فريدي البياضي، قبل رفض مقترحه تعديل المادة 112 من القانون، إن استخدام التدابير الاحترازية بديلاً للحبس الاحتياطي هو أمر متبع في كثير من الدول، مبيناً أن السوار الإلكتروني مطبق في الولايات المتحدة ودول أوروبية وعربية مثل الجزائر والأردن ولبنان والإمارات، بوصفه بديلاً يحفظ كرامة المتهمين بعيداً عن الحبس الاحتياطي المطول، أو التردد على أقسام الشرطة يومياً.
واقترح البياضي تعديلاً يسمح باستخدام التدابير الاحترازية لفترة مؤقتة، وفي حالات محددة، مثل التلبس بالجريمة أو الخشية من هروب المتهم أو التأثير على سير التحقيقات، على أن تشمل التدابير عدم مغادرة المنزل أو المحافظة، أو التواجد في أماكن محددة، إلا أن اقتراحه قوبل بالرفض من أغلبية المجلس.
وأجازت المادة لعضو النيابة العامة أن يصدر قراراً بحبس المتهم احتياطياً، إذا لم يكن له محل إقامة ثابت ومعروف في مصر، وكانت الجريمة جناية أو جنحة معاقباً عليها بالحبس. وله أن يصدر أمراً مسبباً بأحد التدابير، بدلاً من الحبس الاحتياطي، وهي: إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه، أو أن يقدم نفسه لمقر الشرطة في أوقات محددة، أو حظر ارتياده أماكن معينة.
ومنح القانون عضو النيابة الحق في حبس المتهم احتياطياً إذا كانت الجريمة في حالة تلبس، ويجب تنفيذ الحكم فيها فور صدوره، أو الخشية من هروب المتهم، أو الإضرار بمصلحة التحقيق بالتأثير على المجني عليه أو الشهود أو الأدلة أو القرائن المادية، أو بإجراء اتفاقات مع باقي الجناة للتغيير أو العبث في الحقيقة وطمس معالمها، أو الإخلال الجسيم بالأمن والنظام العام الذي قد يترتب على جسامة الجريمة.
كذلك، أجاز استجواب عضو النيابة العامة المتهم المقبوض عليه فوراً، وإذا تعذر ذلك يودع أحد مراكز الإصلاح والتأهيل (السجون)، أو أماكن الاحتجاز (أقسام الشرطة) إلى حين استجوابه. ولا يجوز تنفيذ أوامر القبض والضبط بعد مضي ستة أشهر من تاريخ صدورها، ما لم يقرر عضو النيابة مدها لمدة أخرى.
ونص مشروع القانون على ألا تزيد مدة الحبس الاحتياطي أو التدبير على ثلاثة أشهر في مواد الجنح، ما لم يكن المتهم قد أحيل إلى المحكمة المختصة قبل انتهاء المدة. فإذا كانت التهمة المنسوبة إليه جناية فلا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي أو التدبير على خمسة أشهر، إلا بعد الحصول قبل انقضائها على أمر من المحكمة المختصة بمد الحبس أو التدبير مدة لا تزيد على 45 يوماً، قابلة للتجديد لمدة أو لمدد أخرى مماثلة.
وفي جميع الأحوال، لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي، وسائر مراحل الدعوى الجنائية، ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا تجاوز أربعة أشهر في الجنح، و12 شهراً في الجنايات، و18 شهراً إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام.
واشترط القانون موافقة النيابة العامة على إطلاع المحامي على التحقيق قبل استجواب المتهم أو مواجهته، إذ رفض المجلس اقتراحات النواب إيهاب منصور، وعاطف مغاوري، ورضا غازي، بشأن منح المحامي الحق في الانفراد بالمتهم قبل استجوابه، بهدف تحقيق ضمانة للمتهم بوجوب إطلاع المحامي على التحقيقات قبل الاستجواب.
وقال وزير الشؤون النيابية محمود فوزي، إن إجراءات النيابة العامة هدفها الوصول إلى الحقيقة، وتحقيق العدالة، وهي شعبة أصيلة من شعب القضاء. واستجابة لطلب الأخير، سحب وزير العدل عدنان فنجري مقترحاً قدمه يقضي بعدم جواز التحقيق مع المتهم إذا تعذر حضور المحامي، إلا بعد الحصول على موافقة كتابية منه.
وسجل رئيس مجلس النواب حنفي جبالي اعتراضه على موقف بعض الأعضاء من النيابة العامة، قائلاً: "اقتراحات البعض لتعديل مواد القانون تتعامل كما لو أن النيابة شبح مجرم. تقليص سلطة النيابة العامة يقضي على الحريات، ولا يحمي حقوق المجني عليه".
وأجرى المشرع المصري، ممثلاً في رئيس الجمهورية ومجلس النواب، ستة تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ما سمح بالالتفاف على نصوصه، وطمس ملامحه الأولى، في ظل الإصرار على تمديد وزيادة فترة الحبس الاحتياطي، وتوظيفه عقوبة ضد المحبوسين على ذمة قضايا سياسية، ومنهم من تجاوزت مدد حبسهم الاحتياطي سبع سنوات من دون إحالة إلى المحاكمة.
وطالب قانونيون وسياسيون ونقابيون مصريون، في وقت سابق، بضرورة سحب مشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي صاغته اللجنة التشريعية في البرلمان بإيعاز من أجهزة الأمن، بسبب عدم اتساق مواده مع أحكام الدستور، والاتفاقيات الدولية ذات الصلة التي صدقت عليها مصر. ودعوا إلى الإسراع في إخلاء سبيل كل معتقل تجاوز مدة الحبس الاحتياطي، طبقاً للقانون الحالي.
وأثار مشروع القانون، الذي يناقشه مجلس النواب حالياً، مخاوف حقيقية حول وضع الحريات والعدالة، باعتباره مدخلاً خلفياً لاستمرار مدد الحبس الاحتياطي للسياسيين بلا نهاية. ويشكل الحبس الاحتياطي المطول نقطة سوداء في جبين النظام المصري، بعدما أصبح البوابة الرئيسية لقمع المعارضين والنشطاء، وإضاعة أعمارهم في غياهب السجون.