"البرباشة" في تونس... معاملة غير إنسانية وظروف مهنية وصحية مُزرية

27 مايو 2025   |  آخر تحديث: 17:00 (توقيت القدس)
أكوام من القمامة في أحد شوارع تونس، 17 نوفمبر 2022 (حسن مراد/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- كشفت دراسة المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن الظروف الصعبة التي يعيشها جامعو القمامة في تونس، حيث يعملون في بيئة ملوثة دون حماية صحية، مما يعرضهم لأمراض خطيرة رغم دورهم الحيوي في إعادة التدوير.

- يشكل الذكور 77% من العاملين في هذا القطاع، ومعظمهم تتراوح أعمارهم بين 35 و49 عامًا، ويعانون من نقص الاعتراف المؤسسي، مما يبرز الحاجة إلى إطار قانوني يضمن حقوقهم وتغطيتهم الاجتماعية.

- في ظل ارتفاع البطالة، أصبحت هذه المهنة ملاذًا للآلاف، حيث يساهم العاملون في إعادة تدوير 200 ألف طن من النفايات سنويًا، رغم تهميش الدولة لهم وعدم الاعتراف بمساهمتهم الاقتصادية.

خلصت دراسة أعدّها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى أن آلاف العاملين في تجميع وفرز النفايات يعيشون واقعاً اجتماعيّاً واقتصاديّاً صعباً، من دون الحد الأدنى من الحماية الصحية والمهنية، ما يعرّضهم للأمراض رغم دورهم المهم في الحفاظ على البيئة.

الدراسة التي كشف عنها المنتدى التونسي، أمس الاثنين، أظهرت أنّ "ما يصطلح عليهم محليّاً بـ"البرباشة" (جامعو القمامة) يعيشون على الهامش ولا يحظون بأي شكل من أشكال الاعتراف المؤسّساتي"ويُعدّ جامعو القمامة في المكبّات المراقبة،الحلقة الأساسية للعمل في قطاع فرز وتدوير النفايات، إذ يصل عدد ساعات العمل اليومي لديهم إلى 12 ساعة، وسط بيئة محاطة بكل أشكال التلوث ومخاطر السموموبحسب أرقام الدراسة، يشكّل الذكور "أكثر من 77% من مجتمع البرباشة في تونس، وتتراوح أعمارهم ما بين 35 و49 عاماً، وأكثر من نصفهم لا يتعدى مستواه التعليمي المرحلة الابتدائية".

وعلى الرغم من أن هذه المهنة توفّر مورد رزق لآلاف العائلات، فإنها تُمارس في ظروف غير إنسانية. وتشير نتائج الدراسة إلى أن "80% من العاملين لا يستخدمون أقنعة واقية، ما يعرّضهم لمخاطر صحية مزمنة وأمراض تنفسية حادة".

ويعتقد الخبير البيئي مهدي العبدلي أن دراسة المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حول ما يعرف بـ"اقتصاد القمامة" أماطت اللثام عن واقع اجتماعي وصحي صعب للعاملين في قطاع جمع وفرز النفاياتويؤكد في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "واقع البرباشة في تونس معقد جدّاً في ظل غياب استراتيجيات وطنية تساعد على الاعتراف بهم. لذلك، فإنّ توفير الإطار القانوني لعملهم أصبح أكثر من ضروري من أجل إدراجهم ضمن التصنيفات المهنية المعترف بها في صلب هياكل الدولة، على أن يتمّ منحهم بطاقات مهنية تحدّد عملهم، بالإضافة إلى حصولهم على التغطية الاجتماعية".

ويذكّر العبدلي أن "عمّال فرز النفايات يقومون بدور حيوي في توفير المواد الأولية القابلة للتدوير، وهي مواد مهمة للقطاعات الاقتصادية تساعد على إعادة تشغيل أنشطة صناعية، من دون ضرر بيئي كبير".

 

وفي ظل استفحال البطالة وارتفاع نسب الفقر، تحوّلت هذه المهنة الهامشية إلى ملاذ للآلاف. وتشير تقديرات الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات إلى أن "عدد العاملين في تثمين النفايات (إحدى الوسائل الحديثة لتقليل النفايات ومعالجتها) في تونس يقارب عشرة آلاف شخص، يُساهمون فعليّاً في إعادة تدوير نحو 200 ألف طن من النفايات المنزلية سنويّاً".

وبحسب دراسة المنتدى، يُقرّ المسنّون العاملون في هذا القطاع بأنّهم الأكثر تهميشاً والأقل دخلاً بسبب صعوبة تنقلهم لمسافات طويلة والعمل لساعات عدة. كذلك يشكو البرباشة من تهميش الدولة، ويعتبرون أن "السلطات الحكومية لا تعترف بخبرتهم المهنية ومعرفتهم بالنفايات، ولا حتى بمساهمتهم في الاقتصاد الدائري، ما يخلق شعوراً بعدم الثقة في المؤسسات العامة، بنسبة تصل إلى 50%".

وتنشط في تونس نحو 700 شركة تعمل في مجال "الرسكلة" (تدوير النفايات)، فيما يبلغ عدد العاملين في المجال أكثر من 15 ألف شخص، مع وجود 310 مراكز للتجميع و 132 مركزاً لتدوير النفايات متعاقداً مع الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات، وغالبية المسؤولين عنها من أصحاب الشهادات العليا.