"البابور الهوائي": ابتكار بديل عن غاز الطهي المفقود في غزة
استمع إلى الملخص
- يواجه مبتكرو المواقد الهوائية تحديات في التصنيع بسبب انقطاع الكهرباء، مما يدفعهم لاستخدام طرق يدوية بسيطة، حيث يتم تصنيع الموقد من علبة معدنية ومروحة لتوجيه الهواء.
- ساعد "البابور الهوائي" الأسر في غزة على تلبية احتياجات الطهي، مثل صبحي مطير، رغم تحديات شحن البطارية، مما يجعله حلاً فعالاً.
ابتكر فلسطينيون بديلا بسيطا عن غاز الطهي المقطوع نتيجة إغلاق الاحتلال الإسرائيلي المعابر بشكل تام ومنع دخول مشتقات البترول، أطلقوا عليه مسمى "البابور الهوائي"، ويعينهم على طهي الطعام. ويسعى الأهالي إلى إيجاد البدائل لمختلف المواد الأساسية المقطوعة على قاعدة "الحاجة أم الاختراع، في محاولة للبقاء وسط نفاد مختلف مقومات الحياة، وفي مقدمتها المتطلبات الأساسية للعيش.
وولدت فكرة الموقد الهوائي الشعبي بعد إنكماش اللهب في أنابيب الغاز الفارغة، حيث يستخدمه الأهالي لتدبير أمورهم اليومية، معتمدين على سهولة وبساطة الأدوات المستخدمة لإشعاله. وجاءت فكرة الابتكار الغزي في ظل الانقطاع التام لغاز الطهي ومشتقات البترول التي يمكنها خلق البدائل عن التيار الكهربائي المقطوع منذ بداية العدوان إثر وقف امدادات الكهرباء وتدمير شبكاتها، في مسعى لإبقاء شعلة الطهي متقدة في وجه الجوع ونقص الإمكانيات.
ويعمل البابور الهوائي عبر إشعال الخشب أو مخلفات البلاستيك باستخدام تدفق هواء مركز، تولده مروحة صغيرة تعمل على بطارية شحن "أو من ألواح الطاقة الشمسية لتحفز الاشتعال وتزيد حرارة اللهب بطريقة مشابهة للغاز، دون الحاجة لأي وقود سائل أو غازي".
ويقول الفلسطيني يزيد مشتهى (27 عاما)، إن الفكرة جاءت للتغلب على الأزمة الطاحنة التي خلقها منع دخول الغاز، والإرهاق الشديد الذي يصيب الناس جراء إشعال الحطب، إلى جانب الارتفاع الشديد في أسعاره. ويبين مشتهى، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن بداية العمل في تصنيع المواقد الهوائية واجهت العديد من الصعوبات، بفعل الانقطاع التام للتيار الكهربائي اللازم لتشغيل ماكينات القص واللحام والتجميع، وهو أمر دفعهم للعمل على تصنيعها يدويا وبإمكانيات بسيطة.
وعن آلية تصنيع هذه المواقد، يوضح مشتهى أنه يتم قص وتجميع علبة معدنية أو أسطوانة صغيرة مقاومة للحرارة، وإيصالها بممر هوائي معدني مثبت بمروحة صغيرة من الطرف الخارجي "غالبا من مراوح حواسيب أو أجهزة معاد تدويرها، مثل سشوار الشعر أو مواتير المراوح". ووفقا لوصف مشتهى، يتم ملئ الوعاء المعدني بالخشب أو البلاستيك المقطع وإشعاله، ومن ثم توجيه الهواء عبر أسطوانة الهواء المعدنية إلى مصدر النار مباشرة.
وبمجرد تشغيل المروحة عبر مصدر كهربائي بسيط، أو بطارية متواضعة، يزداد الأوكسجين في قلب اللهب، ما يؤدي إلى اشتعال سريع وفعال، ينتج حرارة كافية للطهو والغلي، بينما يساهم بتخفيف أو عزل الدخان الناتج عن الحطب أو البلاستيك المشتغل.
الفلسطيني أحمد عبد ربه يصنع الأداة نفسها ولكن بتستخدام أوان مطبخية معدنية كالطناجر، وصبها بالإسمنت مع ترك مساحة فارغة في منتصفها لوضع قطع الخشب والبلاستيك، مع فتحة جانبية لأسطوانة الهواء تسمح بتمرير هواء المروحة إلى القطع المشتعلة. ويوضح عبد ربه لـ"العربي الجديد" أن الايتكار يعتمد بشكل كامل على الموارد المحلية، كالخشب والبلاستيك وتشغليها عبر البطاريات أو ألواح الطاقة الشمسية أو حتى عن طريق كهرباء المولدات بعد تحويل السلك الموصل للطاقة، وإرفاقه بترانس خاص.
ويلفت الفني عبد ربه إلى أنه وعلى الرغم من بساطة الفكرة وسهولة تصنيعها بأدوات بسيطة، إلا أنها تتطلب المزيد من الوقت والجهد في ظل نقص الإمكانيات التي تحتاجها الورش المحلية أو حتى المنازل لتصنيع تلك المواقد.
وساعد هذا الابتكار الفلسطيني صبحي مطير (57 عاما)، في إنجاز العديد من المهام اليومية الخاصة بالطهي وتسخين الماء أو صناعة الخبز داخل خيمته في ظل الانقطاع التام لغاز الطهي. ويبين مطير، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الموقد الهوائي المبتكر سهل الاستخدام، وساعده في التخلص من إشعال نار الحطب والذي تسبب بمضاعفة أزمة التنفس التي يعاني منها بسبب الدخان الكثيف الصادر عنها، لافتا إلى أنه وعلى الرغم من سهولة استخدام الموقد، إلا أنه يواجه أحيانا أزمة في شحن البطارية الخاصة بتشغيله، خاصة مع غياب الشمس وعدم تمكن نقاط الشحن من فتح أبوابها، إلا أنه يقول "مع ذلك فهي أزمة بسيطة مقارنة مع الأزمات التي سبقت ذلك الموقد".
ويعتبر البابور الهوائي وسيلة بديلة للطهي، ابتكرها سكان غزة بوصفها حلاً إبداعياً لمشكلة انقطاع الغاز، يعتمد على ضغط الهواء لإحماء شعلة النار، ما يتيح إمكانية الطهي دون الحاجة إلى غاز الطهي التقليدي.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
