استمع إلى الملخص
- دعا البابا في صلاة التبشير الملائكي إلى وقف القصف الإسرائيلي على غزة، معبراً عن حزنه لتجدد الضربات ومطالباً بوقف إطلاق النار والعودة إلى الحوار.
- استمر البابا في دعواته للسلام خلال فترة استشفائه، مشيراً إلى علاقته المميزة مع رعية العائلة المقدسة في غزة وتواصله اليومي معهم.
عاد البابا فرنسيس الأول إلى الفاتيكان، اليوم الأحد، بعد خمسة أسابيع من تلقّيه العلاج في المستشفى على خلفية إصابته بالتهاب حادٍ في الرئتَين وما رافقه من مضاعفات، وطالب البابا، في سياق منفصل، في خلال صلاة التبشير الملائكي التي كتبها اليوم، بوقف "فوري" للقصف الإسرائيلي على قطاع غزة بعد أن استأنف الاحتلال حربه على الفلسطينيين في القطاع المحاصر يوم الثلاثاء الماضي.
وقبل مغادرته مستشفى "أغوستينو جيميلي" في مدينة روما الإيطالية، أطلّ البابا فرنسيس من على شرفة غرفته في المستشفى على كرسيّ متحرّك، وشكر الأشخاص الذين تجمّعوا في المكان، وقال الحبر الأعظم، البالغ من العمر 88 عاماً، بصوت خافت في خلال إطلالته السريعة "شكراً لكم جميعاً". أضاف مبتسماً: "أستطيع أن أرى تلك المرأة مع الزهور الصفراء. أحسنت"، وسط ضحكات الجمع المحتشد، وقد نُقل ظهوره عبر شاشة عملاقة للمحتشدين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، الذين كانوا يترقّبون وصوله، وهذه ليست المرّة الأولى التي يطلّ فيها البابا من المستشفى، ففي 11 يوليو/ تموز 2021 تلا صلاة التبشير الملائكي أمام مصلين وصحافيين من شرفة غرفته بعد جراحة في القولون.
وبينما ظهر البابا فرنسيس على شرفة المستشفى من دون أيّ جهاز خاص بالتنفّس، فإنّ الصور الملتقطة له في طريق العودة إلى الفاتيكان بيّنته مع أنبوب أوكسجين، وتتزايد التساؤلات حول قدرته على استئناف أنشطته المعتادة، علماً أنّه لم يتخلّف عن كتابة صلاة التبشير الملائكي وإن لم يُلقِها بحسب ما تقتضي العادة يوم الأحد من على شرفته المطلّة على ساحة القديس بطرس. يُذكر أنّ تلك الصلاة كانت توزّع على المؤمنين، وتُنشَر عبر وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالفاتيكان.
Reflection on the 38 days that have gone by since February 14, when Pope Francis left the Vatican to be hospitalized at Rome's Gemelli Hospital.https://t.co/EiqRKSSNtE
— Vatican News (@VaticanNews) March 23, 2025
وعند مغادرته المستشفى، أصرّ البابا فرنسيس على توجيه التحيّة إلى الجمع المحتشد أمام المستشفى، فأبطأت السيّارة البيضاء التي كانت تقلّه من سرعتها، حتى يتسنّى له ذلك، وتُعدّ الأسابيع الخمسة، منذ 14 فبراير/ شباط الماضي، التي قضاها البابا في المستشفى رابع وأطول فترة يمضيها في منشأة طبية منذ تولّيه مهامه قبل 12 عاماً.
الكاهن الأميركي لاري جيمس كوليك، من بنسلفانيا، كان من بين الجمع في روما، وقال لوكالة فرانس برس إنّ رؤية البابا "ملأتني كما ملأت كثيرين من الحاضرين هنا بفرح عظيم"، وأضاف: "كانت فرصة رائعة لرؤيته، وأعتقد أنّه استجاب كثيراً لدعوات الناس وكلّ الهتافات"، موضحاً "آمل أن يكون ذلك قد رفع معنوياته". من جهتها، عبّرت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، في منشور على موقع إكس، عن "سعادتها" بعودة البابا فرنسيس إلى بيته.
لكنّ البابا فرنسيس الذي ظهر اليوم للمرّة الأولى منذ خمسة أسابيع، بدا متعباً وأكثر ضعفاً من المعتاد، وأفاد الأطباء بأنّ صحّته تحسّنت بما فيه الكفاية كي يغادر المستشفى، لكنّهم أوضحوا أنّ مسار التعافي ما زال طويلاً، وقال البروفسور سيرجيو ألفييري، في مؤتمر صحافي عُقد في مستشفى "أغوستينو جيميلي" في روما أمس السبت، إنّ البابا سوف يمضي "نقاهة طويلة تمتدّ لشهرَين على الأقلّ"، وأشار الطبيب إلى أنّ البابا "مسرور جداً" لأنّه سيخرج من المستشفى، مضيفاً أنّ "التقدّم (الصحي) الإضافي يتحقّق في المنزل، لأنّ المستشفى، على الرغم من غرابة الأمر، هو أسوأ مكان للنقاهة"، شارحاً أنّه "أكثر مكان يتعرّض فيه المرء للعدوى"، وتابع ألفييري أنّ "فترة النقاهة هي فترة للتعافي، لذا بالتأكيد لن يتمكّن خلال فترة النقاهة من تلبية مواعيده اليومية المعتادة".
The Holy See Press Office has released a picture of Pope Francis in prayer after concelebrating the Eucharist this morning. It's the first to be released since the Pope's hospitalisation on 14 February.
— Vatican News (@VaticanNews) March 16, 2025
Photo © Holy See Press Office pic.twitter.com/U2vvzAI1gv
وفي أسابيع استشفائه الخمسة، بثّ الفاتيكان مرّة واحدة، في السادس من مارس/ آذار الجاري، رسالة للبابا فرنسيس كان صوته فيها يرتجف، وبعد ذلك بعشرة أيام، نشر الفاتيكان، مساء الأحد الماضي، صورة للبابا هي الأولى منذ دخوله إلى المستشفى من دون إظهار وجهه، وقد بدا البابا في الصورة من الخلف جالساً على كرسي متحرّك وهو يرتدي ثوباً أبيض ووشاحاً بنفسجياً، وأمامه مذبح وصليب معلّق على الجدار.
وأثار مرض البابا فرنسيس ومكوثه في المستشفى لفترة طويلة تساؤلات حول من سيقود جدول المراسم الدينية في خلال فترة عيد الفصح الذي يحلّ هذا العام في 20 إبريل/ نيسان المقبل، بعد أقلّ من شهر، وقد أشار الفاتيكان، يوم الأربعاء الماضي، إلى أنّ أيّ قرار نهائي في هذا الشأن لم يُتَّخَذ بعد.
تجدر الإشارة إلى أنّ رأس الكنيسة الكاثوليكية، التي يتبعها نحو 1.4 مليار مؤمن حول العالم، يعاني من مشكلات صحية متزايدة في السنوات الأخيرة، وكان قد خضع لعملية استئصال جزء من إحدى رئتَيه عندما كان شاباً.
Throughout his hospitalization, the Pope has never tired of making his voice for peace heard in prepared texts published prior to the Angelus prayer in St Peter’s Square.https://t.co/B2oMpDd8Ub
— Vatican News (@VaticanNews) March 23, 2025
البابا فرنسيس: الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة خطرة جداً
وفي صلاة التبشير الملائكي، التي كتبها البابا فرنسيس اليوم الأحد من دون أن يتمكّن من تلاوتها كما هي الحال منذ دخوله إلى المستشفى، طالب بوقف القصف الإسرائيلي الذي يستهدف قطاع غزة فوراً، وأوضح: "يحزنني تجدّد الضربات الإسرائيلية المكثّفة على قطاع غزة، الأمر الذي أسفر عن عدد كبير جداً من القتلى والجرحى"، وأضاف البابا أنّ "الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة هي، مجدّداً، خطرة جداً"، وشدّد على أنّ هذا الأمر "يتطلّب التزاماً عاجلاً من الأطراف المتحاربة والمجتمع الدولي".
وطالب البابا بأن "يصمت السلاح فوراً وأن تتوفّر الشجاعة من أجل العودة إلى الحوار من أجل إطلاق سراح جميع الرهائن والتوصّل إلى وقف نهائي لإطلاق النار"، يُذكر أنّ إسرائيل استأنفت حربها على قطاع غزة فجر 18 مارس الجاري، بعدما كان اتفاق لوقف إطلاق النار قد دخل حيّز التنفيذ قبل أقلّ من شهرَين، في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، ولم توقف إسرائيل خروقاتها منذ سريان وقف إطلاق النار، لكنّها كثّفت اعتداءاتها على الفلسطينيين في القطاع المحاصر أخيراً، الأمر الذي أدّى إلى سقوط 673 شهيداً، منذ يوم الثلاثاء الماضي، إلى جانب 1,233 جريحاً. وتأتي حصيلة الشهداء الأخيرة لترفع إجمالي عددهم، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إلى 50 ألفاً و21 شهيداً، فيما بلغ عدد الجرحى 113 ألفاً و274 جريحاً.
يُشار إلى أنّ البابا فرنسيس يدعو، في كلّ صلاة تبشير ملائكي يكتبها أخيراً، من أجل قطاع غزة وأهله، وكذلك من أجل مناطق أخرى مشتعلة حول العالم. وعلى مدى أكثر من 15 شهراً من حرب الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023، التي توقّفت لأقلّ من شهرَين قبل أن تُستأنَف قبل أيام، جمعت علاقة توصَف بأنّها مميّزة ما بين البابا فرنسيس ورعية العائلة المقدسة في مدينة غزة شمالي القطاع الفلسطيني المحاصر. فمنذ اندلاع تلك الحرب، كان البابا يتّصل بالرعية، مساء كلّ يوم عند الساعة السابعة، للاطمئنان على سلامة أبنائها، وفي خلال فترة علاج البابا الأخيرة في في المستشفى، سأل أبناء الرعيّة بدورهم عن صحة البابا ووجّهوا له رسائل، من بينها تسجيل فيديو في 26 فبراير الماضي، بعد أسبوعَين من دخوله إلى المستشفى.
(فرانس برس، العربي الجديد)