الانتخابات الألمانية 2021: ما مواقف الأحزاب بشأن اللاجئين والهجرة؟

الانتخابات الألمانية 2021: ما مواقف الأحزاب المرشحة بشأن اللاجئين والهجرة؟

25 سبتمبر 2021
نشطاء يعبرون عن رفض سياسة اللجوء الأوروبية في مدينة بون الألمانية (ينغ تانغ/Getty)
+ الخط -

تحولت سياسة اللجوء إلى ساحة صراع بين الأحزاب في خضم الحملات الدعائية للانتخابات الألمانية البرلمانية 2021 المقررة غداً الأحد، فهناك من يريد حدوداً مفتوحة، وآخرون يريدون مزيداً من عمليات ترحيل اللاجئين بعد أن كانت الأحزاب الستة الرئيسية تركّز في برامجها على عدم تكرار أزمة اللجوء الكبيرة التي حصلت في عام 2015، حين وصل إلى البلاد أكثر من مليون لاجئ.

يضم اتئلاف "الاتحاد المسيحي" حزب المستشارة الحالية أنغيلا ميركل الحزب "المسيحي الديمقراطي" (مرشحه للمستشارية أرمين لاشيت) والحزب "الاجتماعي المسيحي"، ويؤكد في برنامجه الانتخابي أنّ الهجرة مجرد فرصة إذا ما حصلت بطريقة منظمة، واستندت إلى قواعد واضحة، ويريد أن يجعل إجراءات اللجوء أكثر إنصافاً وفعالية.

ويرى الائتلاف الحاكم، وفق ما تشير شبكة "دويتشلاند فونك"، أنه "من أجل الحد من أعداد المهاجرين إلى ألمانيا، يجب التمييز بين المحتاجين للحماية، وأولئك الذين يتعين ترحيلهم لأنهم ليسوا بحاجة إليها، والمعلومات غير الصحيحة في طلبات اللجوء يجب أن تخضع صاحبها للعقاب، كما ينبغي ترحيل مرتكبي الجرائم في أسرع وقت".

وبخصوص هجرة اليد العاملة، أوردت صحيفة "دي تسايت"، أنّ "الاتحاد المسيحي" يؤيد الهجرات الهادفة، وزيادة إمكانات الهجرة إلى السوق الأوروبية، لكنه يدعم إقامة مراكز آمنة خارج حدود التكتل الأوروبي تتم إدارتها من قبل الأوروبيين، ويكون الهدف منها البت بطلبات اللجوء، وهو ما تعارضه العديد من المنظمات الحقوقية كما تعارضه مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، وتجد فيه تخلياً أوروبياً عن المسؤوليات.

ويرى البرنامج الانتخابي لـ"الحزب الاشتراكي الديمقراطي" (مرشحه للمستشارية أولاف شولتز) أنه من الضروري تطبيق الميثاق العالمي للهجرة بشكل شامل، وأن تتم مكافحة أسباب الهجرة واللجوء، كما يريد الحد من التضييق على اللوائح الخاصة بلم الشمل الأسري، والإعادة القسرية إلى البلدان التي يوجد فيها خطر على الحياة.

ويدعو هذا الحزب إلى تقديم دورات الاندماج واللغة لجميع الوافدين الجدد بغض النظر عن وضع إقامتهم، وإعطاء جميع الأطفال حق الذهاب إلى دور الحضانة والمدارس، ومنح الأشخاص المندمجين جيداً، وليس لديهم إقامات تسمح لهم بالبقاء لمدة طويلة، حقاً دائماً في البقاء ضمن الشروط الأساسية المطلوبة.

من جهة ثانية، يعتبر "الاشتراكي"، وحزبا "الخضر" و"الليبرالي الحر"، أنه يجب الإبقاء على وكالة حماية الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي "فرونتكس" طالما أنها تتحكم بشكل أفضل بالوضع في البحر، وتضمن أنّ شرطة الحدود لم تعد تجبر المهاجرين على العودة، معتبراً أنه "من العار أن الناس ما زالوا يغرقون في البحر المتوسط".

ويتناول حزب اليمين الشعبوي "البديل من أجل ألمانيا" في برنامجه الانتخابي الهجرة واللجوء بطريقة تدعو إلى الصرامة في استقبال اللاجئين، وفي ترحيلهم، وتوسيع دائرة ما يطلق عليها "بلدان المنشأ الآمنة".

ينتقد الحزب المتطرف الذي ينال أكثر من 10% من الأصوات في استطلاعات الرأي، نظام اللجوء الحالي باعتباره "معطلاً" ، مشيراً إلى "العواقب الوخيمة للهجرة الجماعية غير المنظمة منذ عام 2015"، داعياً إلى نظام حماية على أساس النموذج الأسترالي، والذي ينصّ على رفض طالبي اللجوء عند الحدود، واعتماد عبارة "الهجرة المؤهلة" التي تستند إلى النموذج الياباني.

ويطرح الحزب المتطرف في برنامجه مبدأ رفض دخول جميع طالبي اللجوء على اعتبار أنّ بإمكانهم التقدم بطلباتهم في أي بلد مجاور، على أن يتم لاحقاً تقديم لائحة بالمسموح دخولهم إلى البرلمان أولاً.

يفترض أنه يجب على كل من حصل على حق اللجوء الإثبات سنوياً، وطيلة السنوات العشر الأولى من إقامته، أحقيته في اللجوء، فضلاً عن إلغاء إقامة "الدولدونغ" التي تعني منع الترحيل، وترحيل كل من يحملون هذه الإقامة، وإلغاء اللجوء الكنسي، والتوقف عن دفع الأموال للاجئين، وصولاً إلى حظر تقديم المشورة القانونية لطالبي اللجوء من قبل المنظمات غير الحكومية.

ومع انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" من أفغانستان، طالب هذا الحزب الحكومة الألمانية بالاعتراف بحكومة حركة "طالبان"، وإعادة فتح السفارة الألمانية في كابول، لكي تتمكن برلين من ترحيل اللاجئين الأفغان "المرفوضين"، في حين تطالب جمعيات حقوقية ومنظمات إنسانية بإجلاء المزيد من الأفغان المهددين والمعرضين للخطر.

من جهته، يحقق "الحزب الليبرالي الحر" 11% من الأصوات في تقييمات استطلاعات الرأي بشأن الانتخابات الألمانية، وهو مرشح ليكون شريكاً في أي تحالف حكومي مستقبلي، وهو يعالج قضية الهجرة عن طريق سوق العمل اعتماداً على "الإقامة الزرقاء" المطبقة منذ عام 2012، والتي يستفيد منها أصحاب المهن المؤهلين، إذ إنّ هناك نقصاً حاداً في قطاعات معينة، من بينها الطب والهندسة، في بلد يعتبر صاحب أكبر اقتصاد في أوروبا، وتلك البطاقة تشترط ألا يقل دخل صاحبها عن 56,800 يورو سنوياً.

يدعو الحزب إلى إقامة ثانية تمنح فرصة لجمع النقاط، وتشمل معايير مثل المستوى التعليمي، ومهارات اللغة الألمانية، أو الإنكليزية، والعمر، والخبرة العملية، لتمنح الأكاديميين غير المؤهلين فرصة ليكونوا قادرين على اكتساب موطئ قدم في سوق العمل الألماني على المدى الطويل.

وفي ما يتعلق بالنزوح واللجوء، يطالب الحزب بتوسيع عمل وكالة "فرونتكس" على وجه السرعة، وإصلاح آليات الرقابة، وتوسيعها، وأن يمنح الأشخاص المضطهدون ولاجئو الحرب حماية إنسانية مؤقتة بشكل غير بيروقراطي، على أن تقتصر صلاحيتها على مدة الحرب أو الأزمة التي تعيشها بلدانهم.

في المقابل، يعتبر "حزب اليسار" في طروحاته أنه بدلاً من الاتكال على الهجرة الهادفة، ينبغي تحسين ظروف العمل والمؤهلات المتوفرة في البلاد، ويريد بذلك تقديم تدريب إضافي للجميع، على أن يكون هناك دخل مضمون خلال فترة التدريب.

ولا يرى الحزب في ظاهرة الهجرة تهديداً بحد ذاتها، بل يعتبرها جزءاً من المجتمع والحياة اليومية للكثيرين، ويطالب بالمشاركة بدلاً من الاندماج لأنّ الديمقراطية تتطلب ذلك، ويؤيد منح حق التصويت لكل من يقيم في البلاد منذ مدة طويلة، ويرى أنه يتعين أن يكون للمهاجرين الحق بالتقدم للحصول على الجنسية بعد مرور خمس سنوات على الإقامة.

ويدعو هذا الحزب في برنامجه إلى فتح الحدود أمام الجميع داخل أوروبا، وتغيير السياسة تجاه حرية الحركة على مستوى العالم، ويقترح إصلاحات ملموسة تشمل منح حق اللجوء للهاربين من الفقر، ومن التصحر في مناطقهم بفعل التغير المناخي.

ويؤيد هذا الحزب حلّ وكالة حماية الحدود "فرونتكس"، واستبدالها ببرنامج إنقاذ بحري أوروبي، بالإضافة إلى دعمه إنهاء اتفاقية اللاجئين مع تركيا، وعدم التعاون مع المليشيات والدكتاتوريين، على سبيل المثال في ليبيا، ويرى أنه لا ينبغي أن تتحمل إيطاليا واليونان المسؤولية وحدهما عن الواصلين إلى أوروبا.

وعلى عكس الحزب "الليبرالي الحر"، يفضل "حزب الخضر" (مرشحته للمستشارية  أنالينا باربوك) تقييد عمل وكالة "فرونتكس" بدلاً من دعمها ومنحها الصلاحيات، ويبرز في برنامجه أهمية توسيع هجرة اليد العاملة إلى قبول المزيد من اللاجئين، وفي مقدمتهم الموظفون الأفغان المحليون الذين تعاونوا مع قوات "الناتو" في أفغانستان، مع التشديد على حدود خارجية خاضعة للمراقبة وطرق وصول آمنة في ظل سيادة القانون وحقوق الإنسان.

ووفقاً لخطة "الخضر" يجب أولاً تسجيل أولئك الذين يصلون إلى الحدود الخارجية، وفحصهم قبل مواصلة سفرهم إلى منطقة أو مدينة في أوروبا وافقت على قبولهم، ومن دون أن تتم إجراءات اللجوء نفسها على الحدود الخارجية بل في الدول الأعضاء، وإذا لم تتجاوب الدول لتأمين أماكن كافية لهم، فالمطلوب إجبار الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، على إما استقبال اللاجئين أو دفع الأموال، وهو ما يذهب إليه أيضاً، وبصورة مشابهة، حزبا "الاشتراكي الديمقراطي" و"الليبرالي الحر"؛ أي ضرورة إيجاد التوازن بين المسؤولية والتضامن في سياسة اللجوء في الاتحاد الأوروبي، في وقت تقاوم فيه العديد من الدول الأوروبية منذ سنوات هذا التوجه.

ووفق دراسة أجراها "معهد الاقتصاد العالمي" في ألمانيا، وجد باحثون أنّ مصطلحات الهجرة التعليمية، والهجرة العائلية، والهجرة العاملة، نادراً ما تظهر في البرامج الانتخابية للأحزاب الستة الحالية في البوندستاغ (البرلمان)، وعندما يتحدث الناس عن الهجرة، فإنّ 75% منهم على الأقل يربطونها بالهروب واللجوء الإنساني للاجئين، و"لكن هذا ليس صحيحاً والانطباع ليس سليماً"، وفق الدراسة.

كما وجدت الدراسة أنّ 10% فقط من المهاجرين الذين قدموا في السنوات الأخيرة كانوا أشخاصاً تقدموا بطلبات للحصول على حق اللجوء، والهجرات الثلاث؛ أي التعليمية والأسرية والتي تخص العمالة، تشكّل معاً أكثر من نصف الهجرات من دول خارج الاتحاد الأوروبي إلى ألمانيا.

وأشار المعهد إلى أنه "إذا ما كان التوجه في ألمانيا إلى عدم رفع سن التقاعد (67 حالياً) أو خفض مستوى المعاش التقاعدي في الولايتين التشريعيتين المقبلتين، فهناك حاجة إلى يد عاملة لتحل مكان المتقاعدين في مجالات العمل، أي أن يدفعوا الضرائب ومساهمات الضمان الاجتماعي، وبالتالي الإتكال على هجرة اليد العاملة والهجرة التعليمية، وبخاصة من ذوي المؤهلات الذين سيكون لهم دور مهم للغاية لتحقيق هذا الغرض".

وكان رئيس وكالة العمل الفدرالية، ديتليف شيله، قد ناشد الحكومة الألمانية الاتحادية خلال شهر أغسطس/آب الماضي، تشجيع الهجرة، وذلك من أجل التمكّن من سد الفجوات في سوق العمل، وحيث الحاجة لحوالي 400 ألف شخص سنوياً.

المساهمون