الامتحانات: مقارنة مع أعوام سابقة

الامتحانات: مقارنة مع أعوام سابقة

10 يوليو 2021
امتحانات في الجزائر (مصعب الروئيبي/ الاناضول)
+ الخط -

لا بد من القول إن الامتحانات التي خضع لها التلامذة والطلاب هذا العام تختلف كلياً عما سبق وخضعوا له في السنوات والفصول السابقة، بالنظر إلى ما رافق العام الدراسي نفسه من إشكالات وأزمات ومستجدات غير مسبوقة في سجلات المدارس والجامعات ووزارات التربية والتعليم العالي. الكثير منها مصدره تفشي وباء كورونا في المجتمعات العالمية، والعربية منها بطبيعة الحال، والإقفال العام المفروض على البلاد من وزارات الصحة والداخلية وغيرها من جهات. 
لكن جزءاً يجب ألا يستهان به في بلادنا ناجم عن انكشاف البُنية التربوية وعجزها عن التفاعل مع جملة أحداث متداخلة، بينها السياسي والأمني والاقتصادي والخدماتي، فضلاً عن الصحي الطارئ، وبالعلاقة مع التطور في المجال التربوي.
لنبدأ مما قبل جائحة كورونا ونتطرق إلى عمليات التقييم وشروطها التي كانت معتمدة في المؤسسات التربوية على الأغلب. كانت الامتحانات تستند إلى مرجعيات يستطيع كل من المعلم والأستاذ والطلاب أيضاً أن يعودوا إليها كل من موقعه بطبيعة الحال ومرجعها هو الكتاب المدرسي أو المقرر. وعليه، ظهر لدى الفريقين، أي المعلمين والمتعلمين، ما بات يطلق عليه تعبير المعيار، وهو تعبير يستند إلى الملاءمة والاتساق والإتقان وسلامة اللغة المعتمدة من جانب الطالب للتعبير عما سبق وحصل عليه من معرفة. 
من هنا يمكن القول إنه تعبير عن جملة شروط يتوجب إتقانها. أما العامل الثاني فهو ما يطلق عليه مصطلح المحك الذي يعطي المعيار سياقاً محدداً، ويلحظ كمية المعلومات والمؤهلات القابلة للملاحظة من جانب المعلم، سواء في الصف أو من خلال الامتحان. 

أما الثالث فيتمثل بالمؤشر وهو ما يكشف عما إذا كان المحك قد تحقق أم لا. المقصود القول إن على الطالب بموجب هذه المقاييس أن يمتلك هذه العناصر التي تسمح في المحصلة بالحكم على ما تتضمنه من خطوات ومساعٍ ومنهاج تفكير وسيرورة عرض ونقاش وحل المسائل، ثم نصل في ضوئه لقياس المردود بالنجاح من عدمه. 
كان المأخذ الأهم على الامتحانات بما هي عملية تقييم أنها مشوبة بثغرات يسهل الطعن بما توصلت إليه من نتائج في الحكم على الطلاب والتلامذة، خصوصاً على مبدأ ناجح وراسب. وعليه، لا يمكن أن تعتبر صادقة أو أداة أمينة في قياس ما تحصَّل عليه الطالب بالنظر إلى أن أسس التصحيح نفسها كانت مشوبة بالنقص والفجوات التي تقود مثلاً طالباً دون المستوى المتوسط إلى النجاح، وآخر من المتفوقين للرسوب. ما يتطلب إعادة تقييم لمبدأ الامتحان بحد ذاته. فضلاً عن أنها تتم في نهاية العام الدراسي وتصدر حكمها المبرم على الطالب، بدل أن تجهد في علاج الثغرات التي يعبر عنها عدم تحقيقه الكفايات المطلوبة منه معرفياً ومهارياً خلال الفصول الدراسية.
ينطبق ذلك ليس فقط على صعيد نتائج الامتحانات العامة فقط، بل على مستوى اختبارات الجامعات أيضاً. المهم أن عشرات المؤتمرات والندوات المتخصصة التي شارك فيها خبراء تربية ومعهم وزراء التربية والتعليم العالي، ومنذ أكثر من عقد ونصف العقد، أصدروا توصيات تؤكد على تمهين مهنة التعليم، واشتراط أن يكون من يزاولها في المدارس حائزاً على شهادة اختصاص في التربية تؤهله للقيام بدوره ضمن قائمة مواصفات متنوعة وواسعة. وإخضاع معيدي وأساتذة الجامعات والمعاهد العليا لدورات اختصاص في تعليم المواد، ودقة وشمول وضع الأسئلة وتقييم الأجوبة، ومدى تحقيق المطلوب منها لجهة اعتبار قدرات الطلاب بتنوعها، وليست محصورة في مبدأ الحفظ. والمؤسف أن معظم هذه القرارات تظل حبراً على ورق. 
(باحث وأكاديمي)

المساهمون